الشارقة: ممدوح صوان
تتواصل فعاليات مهرجان أضواء الشارقة في نسخته ال 11 لتلقي الضوء على مساجد الإمارة التي تتميز بالعمارة الإسلامية المتميزة، وتُبرز بتصميماتها البارعة التفاصيل الهندسية والزخارف الجميلة لصروح قيّمة عبر عروض راقية، صُممت خصيصاً لتضيء ليالي الشارقة وتعرّف العالم إلى حضارة إسلامية عريقة.
تضمّ مواقع مهرجان أضواء الشارقة الذي تنظمه هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة تحت شعار «أصداء من المستقبل» ثلاثة مساجد هي: مسجد النور، ومسجد الشيخ راشد بن أحمد القاسمي في دبا الحصن، ومسجد الشارقة، لتُظهر للعالم ثقافة إسلامية رائدة.
وتتلألأ مساجد الشارقة في كل ليلة لترتدي حلّة من الألوان المشعّة لتسطع كالجواهر الكريمة في أمسيات الإمارة الحالمة، وتنعكس أضواؤها في سمائها لتزيدها روعة وجمالاً، وتجذب زوّار الإمارة والدولة لمتابعة العروض والتصميمات المتنوعة في مهرجان يسلّط الضوء على إبداعات العمارة الإسلامية.
وقد عمل الفنانون العالميون على تصميم عروض حوّلت مساجد الشارقة إلى لوحات فسيفسائية غاية في الجمال، معتمدين على تقنيات خاصة في الإضاءة متعددة الألوان، وتقنيات الفيديو الحديثة التي تقوم بإنارة الأعمدة والأقواس وإبراز القبب والمآذن لتحمل الحضور إلى عالم ما بين الواقع والخيال، تبتدعه الأضواء وترسم تفاصيله الألوان.
روعة الانسجام والتباين
يعتبر مسجد النور أيقونة معمارية فريدة تتربع على ضفاف بحيرة خالد في الشارقة، ونظراً لأهمية هذا الموقع، تم تصميم العرض المخصص له لتسليط الضوء على مكانة الفن كأداة للتواصل، كما تم الاستعانة بمقومات وأصالة الفن الإسلامي عبر الزمن باعتبارها لغة أساسية في هذا الكون. يبدأ الجزء الأول من العرض بالمزج بين علم الهندسة والهندسة المعمارية والفيزياء والرياضيات والفلسفة، ليقدم للجمهور عرضاً مذهلاً يبرز تأثير الفن على العالم؛ وكيف أن الفن هو لغة الكون. أما الجزء الثاني من العرض فيسلط الضوء على العامل البشري وما يحيط به من نباتات متشابكة وزخارف تجريدية متنوعة، بحيث يزدان هذا الصرح المعماري بالأنماط والألوان التي تعود إلى مرحلة بدايات عصر النهضة الإسلامية. وفي نهاية العرض يتم استعراض جمال الانسجام من خلال التباين، وهو أسلوب حديث ورقمي للغة العالمية يتناقض بشكل كبير مع الأشكال المتناسقة السابقة، ويسعى لاستكشاف مكانة الفن في المستقبل.
الإسلام والعمارة والتراث
احتفاءً بالتراث والأصالة، والتقدم الذي حققته الشارقة، وبالتناغم مع مكونات ماضي الإمارة وحاضرها ومستقبلها، يستخدم هذا العرض المثير للذكريات، على مسجد الشيخ راشد بن أحمد القاسمي في دبا الحصن، عناصر تقليدية ومعاصرة لإبراز أصالة المبنى. إن استخدام تراكيب الحروف، وحركة الأضواء والتباين بين درجات السطوع على الواجهة، تجعل المشاهد مذهولاً ومدركاً لجمال الشكل الهندسي الجميل لهذا الموقع. إن الجمع بين الرمزية التقليدية، التي تشير إلى قيم الثقة والنزاهة والذكاء والقوة والمعرفة والاستقرار التي تم إبرازها من خلال التكنولوجيا والأشكال الهندسية المعاصرة، تذكرنا بمشاريع الشارقة العديدة التي تسمح «بالتطور والمضي قدماً نحو المستقبل دون التخلي عن هوية الماضي».
انسجام الزخارف الإسلامية
يركز العرض في هذا الصرح المعماري المهيب على جمال وروعة الهندسة المعمارية لمسجد الشارقة، فهي محور القصة التي تُظهر الإبداع في عرض اللمسات الجمالية، فضلاً عن تناغمها مع الزخارف الإسلامية، ورغم تفردها بحد ذاتها تضفي التصميمات الرقمية السريعة على العرض تبايناً يوازن بين التطور والسرعة. في المرحلة الأولى يتم تسليط الضوء على العمارة الإسلامية المذهلة حيث تجتمع حزمة الضوء، التي تمثل «الرؤية الأولية»، كما لو أنها تنبض من قلب الرمال المتحركة. ثم يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تركز على «الحاضر» معتمدة على الخطوط الرقمية والألوان الزاهية والخط الذي يشير إلى السرعة والتقدم والتطوير؛ بينما في المرحلة الثالثة يستخدم الفنان خطوطاً بسيطة مصنوعة من الضوء، ترسم وتحدد تفاصيل بناء المسجد والمنصات؛ فهي مجتمعة تشكل صيغة متناغمة ل «المستقبل».
لغة الخلود
يعتمد هذا العرض على أسلوب سردي يسمى الخطف خلفاً؛ وهو العودة بالزمن إلى الوراء، إلا أن البداية هنا هي من المستقبل ومن اللانهاية وصولاً إلى الأرض، حيث تدمج لغة الخلود مختلف العلوم الحضارية كالهندسة والخط العربي وأنماط الأرابيسك في بوتقة واحدة تبرز المكانة السامية للحضارة الإسلامية، ومن ثم ينتقل الفنان ليطرح تساؤلاً جدلياً حول مستقبل هذه الأشكال والزخارف الإسلامية. تظهر بعد ذلك تلك الزخارف التقليدية مثل الأرابيسك والخط والأفلاك، وكأنها تنتفض من وسط الرمال المتحركة، حيث يتم دعوة المشاهدين لتفسير التشكيلات الرقمية، والتصميمات الرياضية التي تشكل وحدة متكاملة تعكس الجمال المعماري لمجمع القرآن الكريم.
