عادي
عالم متجدد

التعويذ

23:32 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

التعويذ في اللغة العربية من الفعل: عاذ يعوذ أي التجأ، فإذا قال عذت إليك أي التجأت بطلبي إليك.

والتعويذة هي الرقية التي يرقى بها الإنسان من جنون ونحوه، والتعويذ لفظ عام يشمل الرقي والتمائم المشروعة وغير المشروعة.

لذلك ينبغي أن نفرق بين الرقية والتميمة والودعة والنفث أو النفخ، والنشرة والرتيمة، فهذه ألفاظ متشابهة، إلا أن بعضها مشروع شرعاً، وبعضها غير مشروع.

أما الرقية وهي ما يرقى بها الإنسان من الحمى والصرع وغيرها، فهي فيها معنى الدعاء لطلب الشفاء كما ورد في «حاشية العدوي على شرح رسالة أبي زيد القيرواني» ج1 ص452.

والتميمة هي خيط أو خرزات، كان أهل الجاهلية يلقونها على أولادهم، وكانوا يعتقدون أنها تمنع العين أو غيرها من الآفات، كما ورد في «تفسير القرطبي» ج10 ص320 وفي «نيل الأوطار» ج8 ص312.

والودعة هي شيء أبيض يستخرج من البحر، وكانوا يعلقونها في أعناق الأطفال مخافة العين الحاسدة أيضاً، كما ورد في «الآداب الشرعية للمقدسي» ج3 ص76.

والنفث أو النفخ ما كان من غير ريق، فهو من التعاويذ أيضاً، وقد يستخدم التفل معه وهو ما كان مع الريق، كما ورد في «نيل الأوطار» ج8 ص 212.

والنشرة أيضاً كانوا يعالجون بها أصحاب الجنون وكانوا يحلون بها السحر، حيث إنهم كانوا يكتبون اسماً من أسماء الله تعالى أو آية من القرآن الكريم في ورقة أو في إناء، ثم يمسح بذلك جسم المريض أو يسقونه في ماء، كما ورد في «حاشية ابن عابدين» ج5 ص232.

والرتيمة خيط كانوا يربطونه بإصبع أو بخاتم في يد، ليتذكر بها صاحبها حاجته، وفي الجاهلية كان من يفعل ذلك لدفع مضرة كما ورد في «حاشية ابن عابدين» ج5 ص232.

نعود إلى أصل التعويذ مرة أخرى فنقول: إن التعويذ من حيث حكمه الشرعي. يقسمه الفقهاء إلى أقسام:

1- ما كان من أفعال الجاهلية كالتميمة والتولة، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، قالوا: هذه الرقى والتمائم قد عرفناها، فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن، رواه الحاكم.

أما النفث فيقول النووي: أجمع العلماء على جوازه، واستدلوا بالحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على المريض بالمعوذات، فلما مرض عليه الصلاة والسلام، جعلت عائشة، رضي الله تعالى عنها، تنفث عليه وجعلت تمسحه بيد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لأنها أعظم بركة من يدها، رواه البخاري.

وكذلك النشرة جائزة عند الجمهور، وهي ما عرف عند بعضهم فيما بعد بالمحو، لأن عائشة، رضي الله تعالى عنها، كانت تقرأ بالمعوذتين في إناء ثم تأمر أن يصب على المريض.

2- ما كان بكلام الله أو بأسمائه، فالاسترقاء به جائز عند الجمهور بشروطه وهي: أن يكون بالقرآن الكريم أو بأسماء الله وصفاته.

- أن يكون بالعربي.

- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها.

3- ما كان بأسماء الملائكة أو المخلوقات مثل العرش مثلاً، فيقول القرطبي، رحمه الله تعالى: هذا ليس من الواجب اجتنابه، ولا من المشروع الالتجاء به إلى الله تعالى أو التبرك به، وبذلك فإن تركه أولى.

ونستخلص من هذا أن الرقية الشرعية مشروعة، وهي ما كانت بالمأثور، سواء كانت قراءة أم محواً أم نفثاً ونفخاً، وأما غير ذلك فمن الشركيات التي أمرنا أن نجتنبها، قال عليه الصلاة والسلام: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، رواه أحمد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"