عادي

«شتاء التشفير» إلى متى؟ نظرة على مستقبل «بيتكوين»

21:50 مساء
قراءة 3 دقائق

دبي: هشام مدخنة

يعترض مسار عملة بيتكوين هذا الأسبوع اختبار دقيق ومهم لم يُعرف بعد إلى ماذا ستؤول نتائجه، فتطورات الأحداث الأخيرة بين أوكرانيا وروسيا وما رافقها من توترات مقلقة أثارت حفيظة المستثمرين الذين باتوا يراقبون كل مفصل منها عن كثب، واضعين في الحسبان كذلك احتمال قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، أو 0.5 نقطة مئوية في مارس/آذار القادم. لطالما اعتبر المستثمرون والمتحمسون الأوائل أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية على أنها أصل وملاذ آمن، وبأنها مثالية لتعويض المخاطر في محافظهم وللحد من التعرض للصدمات السلبية. ومع ذلك، وخلال الأشهر الأخيرة، تم تداول عملة «بيتكوين» مثل الأسهم، وعلى وجه التحديد كأسهم «النمو» كثيفة المخاطر. والعملة اليوم لا تزال تتعافى من الانخفاض الكبير الذي لحق بها في وقت سابق من العام، عندما أدى ارتفاع الأسعار إلى تخارج المستثمرين من مراكزهم في التكنولوجيا والأصول الخطرة الأخرى.

قال يويا هاسيجاوا، محلل سوق العملات المشفرة في بورصة «بيتبنك» اليابانية: «تم تصنيف البيتكوين من قبل البعض على أنها عملة لا مركزية، وحققت أداءً جيداً بالفعل في الماضي ووسط التوترات الجيوسياسية، لذلك من المتوقع استمرار الطلب عليها كأصل آمن. ولكن التغيير الحاصل في المشهد جعل بيتكوين هشّة أمام تقلبات سوق الأسهم الأمريكية. وعليه، قد لا يشعر المستثمرون بالراحة حتى يستقر الوضع على الحدود الروسية الأوكرانية».

سُبات التشفير

انخفض سعر «بيتكوين» بحوالي 10% لهذا العام، وفقاً ل «كوين ميتريكس»، وحوالي 38% من أعلى مستوى له في نوفمبر/تشرين الثاني. وفي ظل الجو العام لشبح ارتفاع أسعار الفائدة، قد تستمر اختناقات أسهم التكنولوجيا والنمو لفترة من الوقت، ما يعني أننا لا نزال في مرحلة «شتاء التشفير»، وهو مصطلح يشير إلى سبات غير محدد وفترة هبوط ممتدة قد تستمر لأشهر إضافية أخرى.

وقال المستشار المالي كريس كينج، مؤسس شركة «إيجلبروك أدفايزرز»: «إذا كنا في سوق تشفير هابط بالفعل، فسنشهد ثمانية إلى تسعة شهور أخرى من الحركة الجانبية وصولاً للانخفاض، وهي فرصة للهواة واللاعبين المؤقتين لمغادرة السوق وللمحترفين لمواصلة بناء هذه التكنولوجيا».

هذه هي المرة الثانية التي يختبر فيها مستثمرو العملات المشفرة المحنّكون فترات انخفاض ممتدة في عملتهم المفضلة دون خوف، إذ شهدت بيتكوين «شتاءً تشفيرياً» واحداً فقط من قبل، كان ذلك عام 2018، حين هوى سعرها بحوالي 80% من أعلى مستوى له على الإطلاق، ومنذ ذلك الحين تطور السوق بشكل كبير.

بدورها قالت كاتي ستوكتون، مؤسسة «فيرليد ستارتيجيز»: «لن يكون هناك اختبار على المدى القريب للبيتكوين، ومستوى المقاومة يجب أن يظل كما هو عند 46730 دولاراً لهذا الأسبوع».

تعبيد الطريق للوافدين الجدد

لطالما اعتُبرت فترات الانخفاض وهبوط السوق أوقاتاً مواتية للصناعة لإعادة ترتيب البيت، واستكمال البنية التحتية، وطرح التطبيقات التي ستجعل الأمر أسهل للموجة التالية من الوافدين الجدد في السوق الصاعد التالي. فبين التمويل اللامركزي، والرموز غير القابلة للاستبدال، وثورة الميتافيرس، وغير ذلك، هناك الكثير من الاهتمام بقطاعات جديدة من التشفير تتجاوز البيتكوين.

ازدهر الاهتمام بالرموز غير القابلة للاستبدال أو «NFTs» وتمويلها في عام 2021، وهو مفهوم يصعب على الكثيرين فهمه. ولا يزال معظم الناس ينظرون إلى هذه الرموز على أنها فن رقمي فحسب متجاهلين الاستخدامات المحتملة الأخرى ل NFTs. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يوفر رمز واحد لوثيقة المنزل تاريخاً من ملكية العقارات، كما أن السجلات الطبية للرموز غير القابلة للاستبدال قد تهيئ للمرضى طريقة آمنة لمشاركة معلوماتهم مع الأطباء.

وأشار كينج من «إيجلبروك أدفايزرز» إلى أنه على الرغم من الاهتمام الجديد بالتمويل اللامركزي، أو «DeFi»، فإنه لا يزال في طوره المبكر من النمو. ويسمح التمويل اللامركزي للمستخدمين بالمشاركة في الإقراض والأنشطة المالية الأخرى باستخدام تقنية «بلوك تشين» ودون أي وسطاء.

اليوم ومع إطالة دورة البيتكوين، وهي ببساطة الفترة بين ذروة السوق وأدنى مستوياته، فضلاً عن تناقص العوائد، تلعب هذه الأصول الأخرى التي ذكرناها دوراً كبيراً في جذب القادمين الجدد إلى سوق العملات المشفرة على نطاق واسع وتزيد من حالة التبني. في المقابل، لم تعثر بيتكوين حتى الآن على تطبيقها الخاص الذي يجعل من الصعب التخلي عنها، لكن زيادة الضجيج المحيط ستدفعها إلى ذلك ربما. إن أهم شيء نتبعه وننظر إليه من منظور قصير وطويل الأمد في التقنيات والمفاهيم الجديدة هو التبني، فمثل «فيسبوك»، و«إنستجرام»، و«أوبر» وغيرها، أدى الضجيج حول هذه الأصول وارتفاع الأسعار إلى انضمام المزيد من المستخدمين إلى هذه الشبكات، وهو ما نهتم به في النهاية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"