ترويج خادع

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين

إعلانات المشاهير وتسويق التواصل الاجتماعي بلغت مراحل متقدمة في الإقناع والتصديق تجاوزت بكثير الوسائل الأخرى لدرجة التأثير النفسي وكذلك تغيير السلوك دون إعمال العقل أو إعطاء فسحة للعقل كي يتأمل ويعي ما هو مقدم عليه، خاصة أن كثيراً من تلك الإعلانات لا تأتي كصيغة عرض تجاري، وإنما تتحول إلى نصيحة شخصية يصدقها كثيرون، وتنطلي عليهم تلك العبارات الرنانة والإصرار العجيب وكثرة الإلحاح وذكر محاسن المنتج أو الخدمة، ليس خلال وقت الإعلان فقط، وإنما خلال سرد اليوميات بشكل مستمر.
مناسبة الحديث محتوى شاهدته بالأمس لإحدى المشهورات، لكنها من النوع الموضوعي الذي لا يورط متابعيه من أجل مصلحته الخاصة ولا يزج بهم لمغامرات غير محمودة بكثرة ذكر كلمة على ضمانتي أو منتج مضمون أو مجرب؛ حيث اقتنت كغيرها مستحضراً عشبياً يقال إنه يسهم بشكل صحي في تخفيف الوزن بعد أن شاهدت المشاهير يتبارون في ذكر محاسنه وإيجابياته وآثاره السحرية على قوامهم الرشيق، لكنها وعند البدء في استخدامه وفق الجرعات التي تم الإعلان عنها وهي أكثر من مرة يومياً فوجئت بآلام لا تحتمل وآثار جانبية دفعتها لمراجعة الطبيب.
تقول بعد أن فحصها الطبيب وذكرت له موضوع المنتج واطلع عليه نصحها بالتوقف عن استعماله فوراً، لأنه لا يصلح للجميع؛ بل وقد يكون سبباً في أمراض خطِرة كما أنه غير محبذ للاستخدام المستمر وأن أقصى استعمال أو تناول له يجب ألاّ يتعدى مرتين شهرياً، وهو ما حدث فعلاً لتعود إليها صحتها.
مشكلة وأزمة حقيقية تتعرض لها المصداقية على أيدي هؤلاء بعد أن أغرتهم المادة وحطمت كل المحاذير أمام طريقهم لينطلقوا في ترويج الصالح والطالح دون الدراية أو التروي أو الدراسة على الأقل ليتحول كثير منهم لترديد كل عبارة وجملة وأسلوب مبالغ في العرض والنتائج من على لسان التاجر المتحمس للأرباح إلى ألسنتهم مباشرة التي ما زال البعض يعتقد بأنها نصيحة شخصية تتحدث عن واقع تجربة بينما هناك من قد يتذوق طعاماً لا يستسيغه أو عطراً لا يحبه، لكنه لا يجرؤ على ذكر رأيه الشخصي، وإنما ينعته بأجمل الأوصاف، فهي مهنة للتكسب وليست نصيحة شخصية كما لا يزال الكثيرون يعتقدون.
في موضوع الصحة هناك محاذير يجب الالتفات إليها قبل تصديق أي محتوى والانجرار خلفه، خاصة إذا كان يخاطب العاطفة قبل العقل، ويدعوك إلى تجاهل المنطق، ويقفز بك فوق المستحيلات، ويعدك بأن يجعل الصعب سهلاً دون مجهود؛ لذلك ينبغي الحذر ثم الحذر ثم الحذر.
نحذر من السخرية أو التحريض على عدم اتباع الإجراءات الاحترازية، فتلك جرائم خاضعة للعقوبات، من بينها السجن. يأتي ذلك في وقت رصدت فيه «نيابة الطوارئ والأزمات» مقاطع مرئية تدعو إلى عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"