عادي

تعرّف إلى العالم العربي رسام خرائط الأرض

14:36 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

يتجاوز طموح أبو القاسم محمد بن حوقل في كتابه «صورة الأرض»، تلك المقدمة التي يخبرنا فيها بما ينوي إنجازه في هذا المؤلف اللافت؛ إذ لا نكاد نتجاوز فاتحة الكتاب حتى نجد أنفسنا أمام جغرافي ينتقل من الوصف السردي للأمكنة إلى صور وخرائط يرسمها لمختلف البلدان التي يتحدث عنها «وقد جعلت لكل قطعة أفردتها تصويراً وشكلاً يحكي موضع ذلك الإقليم، ثم ذكرت ما يحيط به من الأماكن والبقاع، وما في أضعافها من المدن والأصقاع، وما لها من القوانين والارتفاع».

يفتتح ابن حوقل كتابه بديار العرب، ومعه ترتحل إلى مصر والعراق، وتبحر في النيل ودجلة والفرات والخليج، يتجول بك في جبال وأودية وأنهار أذربيجان والصين والهند.. يصف مملكة الإسلام وصفاً مفصلاً: «فأما مملكة الإسلام فإن شرقيها أرض الهند وغربيها مملكة السودان، وشماليها بلاد الروم وما يتصل بها من الأرمن واللان والران والسرير والخزر والروس والبلغار والصقالبة وطائفة من الترك، ومن شمالها بعض مملكة الصين»، ثم يعود ليحدد موقع تلك الأماكن نفسها من العالم الإسلامي كأن يقول: «وأما مملكة الصين فإن شماليها وشرقيها البحر المحيط وجنوبيها مملكة الإسلام والهند»، وربما يعود هذا إلى اهتمامه المنصب على الخرائط والرسوم الجغرافية، أو عدم ثقته بكتب الجغرافيين السابقين عليه «فلم أقرأ في المسالك كتاباً مقنعاً، وما رأيت فيها رسماً متبعاً، فدعاني ذلك إلى تأليف هذا الكتاب».

عاش أبو القاسم محمد بن حوقل في القرن الرابع الهجري، حيث يرجح أنه توفي في عام 367ه.

يستند ابن حوقل في كتابه ليس إلى التراث العربي في الجغرافيا، ولا إلى انطباعات الرحالة والمشاهدات العيانية وحسب، ولكن هناك معرفة واسعة بتراث الهند في ذلك العلم وأيضاً التراث اليوناني، حيث ينقل عن بطليموس قوله: «استدارة الفلك على الأرض في مكان خط الاستواء ثلاثمئة وستين درجة، والدرجة خمسة وعشرون فرسخاً، والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع، والذراع أربع وعشرون أصبعاً، والأصبع ست حبات شعير مصفوفة»، وأيضا: «وبين خط الاستواء وكل واحد من القطبين تسعون درجة»، و«ونحن نعيش في الربع الشمالي من الأرض، والربع الجنوبي خراب.. والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه». ويعلق على كلام بطليموس بالقول: «وهذا كلام عقلي»، بمعنى أن البحث الجغرافي العربي اعتمد على العقل، مستفيداً من أفكار بعض الإغريق الذين سبقوا عصرهم، متجاوزاً للحظة العصور الوسطى الأوروبية المزامنة له، والتي كانت ترفض فكرة كروية الأرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"