يعد التفكير، الخصلة التي ميّزت الإنسان، عن باقي الكائنات الحية في هذا العالم. لكن التفكير مثل أي خصلة وميزة عند الإفراط فيها أو ممارستها بشكل خطأ، تصبح سبباً لإحداث الأضرار أو لارتكاب الأخطاء.
من الجانب النفسي الاستغراق في التفكير من دون هدف أو رؤية، قد يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب أو القلق، حسب مقالة علمية نُشرت في موقع WEBMD فإن كثرة التفكير، قد تؤدي إلى زيادة نشاط الغدة الكظرية والغدة النخامية، بشكل يؤثر سلباً في المناعة العامة، ما يزيد احتمالية تعرض الإنسان للأمراض.
والآن بعد استيعاب التأثير السلبي للتفكير المفرط في الصحة النفسية والصحة العامة للإنسان، من المهم أن نبحث عن حلول وهي حلول قد تختلف من حالة إلى أخرى، لكن بشكل عام وبصفة عامة، يجب الإدراك والفهم بأن بعض المعضلات الحياتية والمشكلات، مهما استنزفت طاقتك الفكرية فيها للبحث عن حلول ومخارج، تبقى معضلات أكبر وأعظم من أن تجد لها حلولاً، بمعنى فوق طاقتك، وتتجاوز قدراتك؛ لذا لا تُحمل نفسك المسؤولية، انصهارك في التفكير، نتيجته أن تبقى كأنك في دومة، لأن بعض المعضلات الحياتية، خارج قدراتنا والتعامل معها يفوق خبراتنا، عندها يجب تعلم تقبل الأمر الواقع والتعايش مع هذا الواقع، وهذا لا يعد استسلاماً؛ بل تجنب المزيد من الأضرار.
الجانب الثاني، الذي يجب التنبه له أن هناك معاناة عند البعض من الناس اسمها عقدة الكمال، وهي اعتقاد البعض بأنه يفترض ألا يوجد أي نقص أو عيب يتلبس بشخصيته؛ لذا تجده في حالة تأهب وتحفز وتفكير دائم، في محاولة لعدم الخطأ أو النقص، وهذا فيه ضغط على العقل بطريقة مرضية.
عملية التفكير، لا يمكن إيقافها أو الحد منها، هي تشبه حالة تنفس الهواء، لكن وظيفتنا ومهمتنا أن نجعلها عملية صحية، تضيف لنا، ألا نلوثها أو نعطلها بجوانب حياتية هامشية، نتعب الذهن في التفكير فيها، ونحن ندرك في نهاية المطاف النتيجة، علينا أن ندعم عملية التفكير بالمعرفة والمعلومات، من هنا يصبح العقل أكثر نشاطاً، وأكثر حيوية، وأكثر قوة، وتصبح عملية التفكير أكثر صحة وتقود نحو حياة مطمئنة. لا تجعل التفكير، كالعدو لك؛ بل وظفه لخدمتك وإسعادك.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com