عادي
شابان جامعيان يستغلان مواقع الاستخراج

تعدين الـ «بيتكوين» من غاز حقول النفط في تكساس

23:00 مساء
قراءة 4 دقائق

دبي: خنساء الزبير

شابان يستغلان غاز مواقع استخراج البترول لتعدين ملايين البيتكوين، عندما كان الطالبان برنت وايتهيد ومات لوهسترو في السنة الثانية في جامعة تكساس إيه آند إم قررا الدخول في أعمال تعدين البيتكوين في حقول النفط في شرق تكساس؛ وذلك في عام 2019 الذي كانت فيه فكرة ربط معدّنات البتكوين مع شركات النفط والغاز تعتبر رائدة ولكنها من المحظورات الكبيرة. لم يؤثر هذا الأمر في وايتهيد، وهو مهندس ينحدر من عائلة لها تاريخ طويل في إنتاج النفط والغاز، ولوهستروه الخبير المالي الكبير الذي لديه هوس بالبيتكوين؛ حيث تجاهلا المتشككين ووضعا كل الأموال التي جنوها من أعمال الحدائق والمناظر الطبيعية في مشروعهما «جيجا انرجي سوليوشنز»؛ الشركة التي تقوم بتعدين البيتكوين من الغاز الطبيعي العالق، وتمكنا بالفعل من تحقيق 4 ملايين دولار العام الماضي.

عانت شركات النفط والغاز لأعوام كثيرة حيال ما يجب القيام به تجاه الغاز الطبيعي الذي ينتج أثناء التنقيب عن النفط؛ ففي حين أنه يمكن بسهولة نقل النفط بالشاحنات إلى وجهات بعيدة فإن توصيل الغاز يتطلب خط أنابيب. في حالة كان موقع الحفر مجاوراً لخط أنابيب فإنهم يقومون بطرد الغاز إلى داخله ويأخذون أي مبلغ نقدي يكون المشتري على الطرف الآخر على استعداد لدفعه في ذلك اليوم أما إذا كان الموقع يبعد مسافة 20 ميلاً عن خط الأنابيب ففي الأغلب يقوم عمال الحفر بإشعال الغاز لحرقه؛ وهذا هو السبب في رؤية ألسنة اللهب تتصاعد من حقول النفط.

بعيداً عن الآثار البيئية الناجمة عن هذا الاشعال فإن هذا في الواقع يُعد حرقاً للأموال ولكن بالنسبة لهذين الشابين البالغين من العمر 23 عاماً كانت مشكلة لها حل. تقوم شركتهما «جيجا» بوضع حاوية شحن مملوءة بآلاف معدّنات البيتكوين بالقرب من بئر النفط، ثم تقوم بتوجيه الغاز الطبيعي إلى مولدات تحوله إلى كهرباء يتم استخدامها بعد ذلك لتشغيل تلك المعدّنات. وفقاً لبحث من «كروزو لأنظمة الطاقة»، ومقرها دنفر، فإن هذه العملية تقلل من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون بنحو 63% مقارنة بالحرق المستمر. قال وايتهيد مخاطباً شبكة سي إن بي سي على هامش قمة معرض نورث أمريكا بروسبكتس في هيوستن، وهو حدث رئيسي لهذه الصناعة: «عندما كبرت كنت دائماً أرى ألسنة اللهب فقط في صناعة النفط والغاز»، وعن خطوتهما هذه يقول: «إنها طريقة جديدة ليس فقط لخفض الانبعاثات ولكن لتحقيق الدخل من الغاز». وأضاف قائلاً: إنهم وقعوا صفقات مع أكثر من 20 شركة نفط وغاز؛ منها 4 مطروحة للتداول العام، وعن جيجا يقول أيضاً إنهم يجرون محادثات مع صناديق الثروة السيادية، وهم يتوسعون بسرعة؛ حيث كانت الشركة تتكون من 11 شخصاً والآن تمت إضافة 6 موظفين آخرين هذا الشهر.

أصبح الشابان جزءاً من حركة متنامية للأشخاص الذين يضعون رهانات كبيرة على إمكانية تعدين البيتكوين لتحويل اقتصادات صناعة الطاقة؛ وقال لي براتشر، رئيس مجلس بلوكتشين في تكساس: «إنهم يحققون أرباحاً لعملائهم من خلال تعدين البيتكوين من الطاقة العالقة، وفي نفس الوقت يحلون المشكلة البيئية للغاز المشتعل».

تلاقي العملة بالطاقة

تقوم منصة تعدين البيتكوين بتشغيل برنامج على جهاز حاسوب لمحاولة حل لغز قبل أي شخص آخر، وحل هذا اللغز هو ما يكمل كتلة البتكوين، وهي عملية تنشئ عملة جديدة وتقوم بتحديث «دفتر الأستاذ الرقمي» لتتبع جميع معاملات البيتكوين وفي هذا الشأن يقول ستيف باربور، مؤسس ابستريم داتا، شركة كندية تصنع وتورد حلول التعدين المحمولة لمنشآت النفط والغاز: «الشيء الرائع في البتكوين، والذي لا يحظى بتقدير الكثير من الرافضين، هو أنه سوق محمول يمكنك نقله مباشرة إلى مصدر الطاقة».

يتسم قطاع النفط والغاز بمواقع في أجزاء نائية من تكساس بعيداً عن المراكز السكانية الرئيسية، وفي كثير من الأحيان إذا لم يتم وضع بئر الغاز بالقرب من خط أنابيب فلن يكون مجدياً إنشاء خط جديد لأن كميته لا تكون كبيرة بما يكفي لتعويض الوقت والكلفة، وإذا لم يتمكن منقب البترول من إيجاد طريقة على الفور لبيع مخزون هذا الغاز ففي الأغلب يتخلص منه في الموقع،

وتتمثل إحدى الطرق في تنفيسه (طرده في الهواء) ما يؤدي إلى إطلاق غاز الميثان مباشرة في الهواء وهو خيار سيئ بالنسبة للبيئة؛ حيث تبين أن تأثيرات الاحتباس الحراري أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون؛ لذا الخيار الأكثر ملاءمة للبيئة هو إشعاله. أوضح آدم أورتولف، الذي يرأس تطوير الأعمال في الولايات المتحدة لشركة ابستريم داتا، قائلاً إن ألسنة اللهب تكون فاعلة بنسبة 75% إلى 90% فقط؛ فحتى مع وجود شعلة يتم تنفيس بعض غاز الميثان دون احتراقه؛ ويرى بأن هذا هو الوقت الذي يمكن أن يكون فيه تعدين البيتكوين في الموقع مؤثراً بشكل خاص لأن سريان الميثان داخل محرك أو مولد يجعله يحترق بنسبة 100% ولا يتسرب أي شيء منه أو يتنفس في الهواء.

بداية المشروع

في الصيف الذي سبق عام التحاق وايتهيد بالسنة الثالثة بالكلية كان يقوم يقص الحشائش بمنزل والديه في بلدة بونا جنوب شرق تكساس (يبلغ عدد سكانها نحو 2000 شخص) عندما تلقى رسالة نصية من زميله لوهستروه يقترح عليه فيها شراء حاوية تعدين بيتكوين متنقلة من شركة ابستريم داتا وربطها ببئر غاز بنفسيهما. قال وايتهيد: لقد أوقفت على الفور جزازة العشب واتجهت مباشرة إلى والدي وقلت: «يجب أن أجد غازاً مشتعلاً الآن». ولقد كان رد فعل طبيعي منه؛ حيث إنه ينحدر من عائلة تنخرط في عمليات حفر استكشافية عالية المخاطر. بعد أسبوع من تلك الرسائل سافر هو ولهسترو على متن طائرة متجهة إلى كندا تلا ذلك وسائل أخرى للنقل بما فيها الاضطرار إلى قيادة شاحنة لمدة 3 ساعات إلى منشأة ابستريم في كالجاري وحصلوا على ما يحتاجون إليه من معدات وبدأوا بالبحث عن مواقع الغاز. على الرغم من المصاعب التي واجهتم، منها السخرية والجائحة، إلا أنهم أخبروا قناة «سي ان بي سي» أن إيرادات شركة جيجا تجاوزت 4 ملايين دولار في عام 2021، وفي طريقها لكسب أكثر من 20 مليون دولار بحلول نهاية عام 2022.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"