عادي
عدنان يوسف رئيس جمعية مصارف البحرين لـ"الخليج"

3.8 تريليون دولار حجم الصناعة المصرفية العربية

22:33 مساء
قراءة 9 دقائق
عدنان يوسف
المنامة: «الخليج»

أكد عدنان أحمد يوسف رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً، أن حجم موجودات القطاع المصرفي العربي نحو 3.8 تريليون دولار، يمثل 159% من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية، مشيراً في الوقت ذاته إلى حاجة الدول إلى الرقمنة؛ حيث كانت جائحة كورونا الدافع الأكبر في إبراز الحاجة إلى البنوك الرقمية، والاقتصاد الرقمي.

وتطرق عدنان خلال حوار مع «الخليج» إلى العملات المشفرة، مؤكداً أن العملات التي لا تخضع لأي سلطة حكومية، تمثل مخاطر كبيرة، وفي الوقت ذاته تدرس 90% من البنوك المركزية على مستوى العالم إطلاق نسخة رقمية من عملاتها، التي سوف يقبل عليها العالم.. آجلاً أم عاجلاً.

  • في منطقة تنتشر فيها الأحداث السياسية.. وتتهاوى فيها عملات عدد من الدول العربية مثل لبنان وسوريا والسودان واليمن.. كيف تقيمون واقع القطاع المصرفي العربي.. خصوصاً بعد اختبار كورونا؟

- نحن على الدوم لدينا نظرة إيجابية إلى الصناعة المصرفية العربية، وهذه النظرة تقوم على ما يمتلكه هذا القطاع من موارد كبيرة وأداء جيد طوال السنوات السابقة.

فقد بلغ حجم موجودات القطاع نحو 3.8 تريليون دولار، يمثل 159% من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية. وارتفع كل من حجم الموجودات والتسهيلات الائتمانية والودائع لدى القطاع المصرفي في نهاية عام 2020 بمعدل 7.5% و10.7% و5.1% على التوالي، الأمر الذي يعكس ثقة العملاء والسوق في القطاع المصرفي؛ حيث استطاع القطاع المصرفي تحقيق هذا النمو على الرغم من التحديات الكبيرة التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد. ويعود السبب الرئيسي في ارتفاع حجم موجودات القطاع المصرفي إلى ارتفاع الطلب على الائتمان في ظل تأثر التدفقات النقدية لقطاعي الأفراد والشركات، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. أما بالنسبة لنمو حجم الودائع، فله دلالات إيجابية عديدة منها على سبيل المثال: ثقة العملاء في القطاع المصرفي العربي، نجاح سياسات البنوك في تعبئة المزيد من المدخرات، نجاح استراتيجيات و/أو برامج الشمول المالي التي تبنتها السلطات الرقابية، الأثر الإيجابي للخدمات المالية التي تعتمد على التقنيات المالية بما يُعزز من فرص الوصول إلى التحويل والخدمات المالية.

أما فيما يخص مؤشرات المتانة المالية لدى القطاع المصرفي في الدول العربية، فقد تميّز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة؛ إذ وصل متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى نحو 17.8% في نهاية عام 2020، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل 3 البالغة 10.5%، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية، ويعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة. أما بالنسبة لجودة الأصول، فقد تأثر القطاع المصرفي في الدول العربية بآثار أزمة فيروس كورونا المستجد؛ حيث انعكست آثار الجائحة في التدفقات النقدية للأفراد والشركات. وساهمت إجراءات المصارف المركزية المتمثلة في تأجيل أقساط المتضررين من جرّاء أزمة فيروس كورونا المستجد، في ضبط نسبة التسهيلات غير العاملة لتبقى ضمن مستويات مقبولة في نهاية عام 2020؛ إذ بلغ متوسط النسبة نحو 8.4%، مقابل 7.5% في نهاية عام 2019.

  • لا تزال الكثير من الدول العربية متأخرة في الشمول المالي.. فيما دول الخليج تتقدم في هذا المجال.. ما الذي تتوقعونه من فرص لتطوير نظام مصرفي عربي حديث؟

- باعتقادنا إن قضية الشمول المالي لا تتعلق بالبنوك فقط، وإنما تتطلب استراتيجية متكاملة تشرف عليها الدولة، وتتضمن توفير البنية التحتية اللازمة لتعزيز الشمول المالي من خلال تطوير وإعادة هيكلة نظم الدفع والتسويات ووضع استراتيجية نظم مدفوعات تجزئة شاملة تمكّن من الانتقال من بيئة دفع ورقية إلى بيئة إلكترونية، والعمل على تطوير برنامج تثقيفي وطني شامل، ووضع آلية واضحة وشفافة للعمولات وآليات فض النزاعات وحل المشاكل وخدمة العملاء وتطوير أنظمة الاستعلام الائتماني، ونظام المدفوعات الوطني، ومنظومة ضمان القروض لتوفير الضمانات اللازمة للشركات الصغيرة والمتوسطة القائمة والناشئة من خلال الشركة الأردنية لضمان القروض.

كما يتطلب أيضاً نشر الثقافة المالية والمصرفية من خلال إطلاق مشروع لنشر وتعميق الثقافة المالية؛ بهدف تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي. وتشجيع العملاء على استخدام الصيرفة الإلكترونية بشكل مجاني (بطاقات الدفع والائتمان، الخدمات المصرفية الإلكترونية، والإنترنت البنكي)، وغيرها من الإجراءات.

  • التكنولوجيا الثورية تغير كل شيء.. والآن بدأت موجة تأسيس البنوك الرقمية في الإمارات وغيرها من دول المنطقة.. أين تقيمون هذا التوجه من ناحية التطور.. وهل ترون في المستقبل القريب انتهاء عصر الخدمات البنكية التقليدية؟

- لا شك أن الأزمة المالية في عام 2008 ساهمت في تعزيز الحاجة إلى البنوك الرقمية كونها تمتاز بشفافية أكبر في معاملاتها، وبنفس الوقت يمكن التحكم في مخاطر الإقراض بصورة إلكترونية. وأيضاً نظراً لحاجة البنوك إلى إعادة بناء محافظها التمويلية والاستثمارية بكلف أقل.

لكن جائحة كورونا كان لها قوة كاسحة على إبراز الحاجة المُلحة ليس للبنوك الرقمية فحسب؛ بل وللاقتصاد الرقمي ككل. فقد تلمس العالم لمس اليد وسط إجراءات الإقفال والتباعد الاجتماعي وتعطل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية الحاجة المُلحة والفورية إلى ابتكار قنوات بديلة لممارسة هذه الأنشطة وبنفس الوقت المحافظة على سلامة وأمن المجتمع والفرد، ولم تكن هذه سوى القنوات الرقمية التي توسع استخدامها في كافة المجالات. لكن الأهم من ذلك، أن الآراء شبه مجمعة على أن الاعتماد المتزايد على القنوات الرقمية سوف يستمر حتى مع افتراض انتهاء الجائحة؛ حيث برزت الفوائد والمزايا الكثيرة لاستخدامها لكافة الأطراف المعنية بها.

وعلى الرغم من التزايد المطرد والسريع، فإننا نرى أن التحول بالكامل سوف يأخذ الكثير من الوقت لأن التحول الرقمي في أي بلد لا يتأتى فجأة؛ بل هو نتيجة لتراكمات تمتد لسنوات طويلة. على سبيل المثال، نحن بحاجة إلى رسم استراتيجية التحول الرقمي وخلق البيئة التشريعية والتقنية والبشرية، علاوة على خلق الثقافة والتوعية وغيرها من الخطوات الضرورية.

  • شهد القطاع المصرفي الإماراتي والسعودي سلسلة اندماجات بين البنوك.. هل هذا دليل نضج في المنظومة ولمواكبة حجم الاقتصاد أم أنه فقط بسبب العدد الكبير من المصارف نسبة إلى السوق؟

- يشير تقرير أصدرته شركة ريفينيتف، وهي إحدى شركات مجموعة بورصة لندن، إلى انتعاش عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقوة في عام 2021؛ حيث بلغت عائداتها 109 مليارات دولار، بزيادة 57% على عام 2020. وكان عام 2021 هو العام الأول التي تجاوزت فيه عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 1000 صفقة. وتم تسجيل ما مجموعه 1141 صفقة في عام 2021، بزيادة 40% على عام 2020 وأعلى إجمالي سنوي منذ بدء السجلات في عام 1980.

ووصلت عمليات الاندماج والاستحواذ الواردة إلى مستويات قياسية؛ حيث بلغت قيمة هذه العمليات 45.4 مليار دولار في عام 2021، بزيادة 88% وهو أعلى مستوى منذ عام 1980. وبلغ إجمالي عمليات الاندماج والاستحواذ الصادرة 30.2 مليار دولار في عام 2021، بزيادة 198% على عام 2020 وأعلى مستوى لها في ست سنوات.

وباعتقادنا، فقد تضافرت العديد من العوامل العالمية والإقليمية وراء هذا النشاط الكبير في سوق الاستحواذ والاندماج.

ونحن نعتقد أن من أهم هذه العوامل: توفر السيولة النقدية؛ وارتفاع قيمة الأسهم في البورصات العالمية؛ حيث انتهزت صناديق شراء كبرى ومؤسسات ورجال أعمال هذه الفرصة لإتمام عمليات كانت مؤجلة خلال العامين الماضيين. هذا وأحدثت سياسات نقدية توفيقية اتبعها الفيدرالي الأمريكي انتعاشه في أسواق الأسهم وأتاحت للمديرين التنفيذيين فرصة الحصول على تمويل بكُلفة بسيطة، مما شجعهم على السعي وراء تلك العمليات؛ حيث نلاحظ بالفعل قيادة الولايات المتحدة الطريق صوب عمليات الاندماج والاستحواذ؛ إذ ساهمت بما يقرب من نصف الأحجام العالمية، وتضاعفت فيها قيمة هذه الصفقات تقريباً لتصل إلى 2.5 تريليون دولار في 2021.

وعامل آخر هو تزايد جاذبية عدد من القطاعات؛ حيث شكل قطاعا التكنولوجيا والرعاية الصحية حصة كبيرة في سوق الاندماج والاستحواذ في العام الماضي، وهذا منطقي وسط الطفرة الكبيرة في الخدمات الرقمية حول العالم التي باتت تهيمن على المعاملات، كذلك بالنسبة لقطاع الرعاية الصحية الذي بات يحظى بأولوية من قبل كل من الاستثمارات الحكومية والخاصة نتيجة تنامي الطلب الكبير على خدماته وسط تواصل تفشي جائحة كورونا.

أما بالنسبة للبنوك، فإننا نرى الحاجة إلى تقوية المنافسة مع وجود الملاءة المالية القوية والاستثمار الضخم في التكنولوجيا والتحول الرقمي، وكذلك التوسع في الطلب المحلي خاصة بعد تراجع جائحة كورونا والحاجة إلى التوسع العالمي يعد من أهم أسباب تزايد عملية الاندماج وخاصة في السوق الإماراتي الذي يعد سوقاً ضخماً ومنفتحاً وتتوفر له البيئة التشريعية والفنية والموارد البشرية اللازمة لنجاح هذه العمليات.

  • العملات المشفرة حديث الشارع.. ما نظرتكم لها، وهل تعتقدون أننا أمام حقيقة جديدة بدأت تتكشف هنا وهناك؟

- التذبذب الكبير التي تشهده أسواق العملات المشفرة على مدار الأعوام الماضية، يؤكد ما سبق إن ذهبنا إليه حول المخاطرة العالية التي تنطوي عليها هذه العملات لأسباب تطرقنا إليها سابقاً.

بطبيعية الحال، نحن لا نتحدث عن العملات المشفرة بالمطلق؛ بل نقصد تحديداً العملات الخارجة عن إشراف أي سلطة نقدية أو حكومية. أما العملات الرقمية المشفرة كتقنية، فنحن نرى أن العالم سوف يقبل عليها إن أجلاً أم عاجلاً، وهي تندرج في إطار التحولات الرقمية الهائلة التي نشهدها في الوقت الحاضر والتي تعززت وأعطت زخماً كبيراً لها تداعيات جائحة كورونا.

وفي هذا الإطار، أطلق كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية دعوة مشتركة من أجل التعاون العالمي بشأن العملات الرقمية للبنوك المركزية؛ حيث إن ما يقرب من 90% من البنوك المركزية على مستوى العالم تدرس إطلاق نسخة رقمية من عملاتها.

ويدعو صندوق النقد الدولي البنوك المركزية حول العالم لإصدار عملات رقمية، وضرورة بحث هذا الملف بصورة جادة ودقيقة وإبداعية، من منطلق أن الدولة تؤدي دوراً في تقديم المال إلى الاقتصاد الرقمي؛ حيث إن المدفوعات ستكون آمنة ورخيصة وفورية، كما أن البنوك المركزية سوف تحتفظ بقاعدة مؤكدة عن المدفوعات، وأوضح الصندوق أنه على الرغم من التخطيط الجدي من عدة بنوك عالمية لهذا الإصدار، فإن هذه العملات ما زالت محدودة، ويرى الصندوق أن وجود هذه العملات تحت إشراف البنوك المركزية هو السبيل الأنجح لمواجهة وتقييد استخدام العملات المشفرة التي تقع خارج رقابة السلطات النقدية.

ومن دون وضع آليات لعمل سوق العملات الرقمية والمشفرة والاستثمار فيها، ستظل مصدراً للقلق والخطر على مستوى العالم، ويمكن استخدامها في عمليات غير مشروعة سواء من حيث نقل وتحويل الأموال أو في عمليات غسل وتبييض الأموال، وبالتالي لا بد من تحرك دولي حتى تتحول هذه السوق من مصدر للقلق والمخاطر إلى مصدر آمن وفعّال للاستثمار الرسمي والخاص.

  • هناك حديث، من أن لديك خطط لإطلاق بنك رقمي، فهل يمكن أن تحدثنا عن الفكرة وتفاصيل المشروع؟

- شهدت البنوك الرقمية الإسلامية هي الأخرى إقبالاً كبيراً، وتم تأسيس عدد منها في البحرين والدول الخليجية والعربية وحتى الأوروبية. وبطبيعة الحال، فإن تجربتها لا تزال في بدايتها وتركز على أسواقها المحلية.

لكن هذا لا يمنع من دعوتنا إلى التفكير في إطلاق بنوك رقمية إسلامية على المستوى العالمي تقتدي بتجربة البنوك الإسلامية العالمية التي شهدنا نجاحات الكثير منها طوال العقود الأربعة الماضية وأثبتت جدواها في ربط أسواق دول المنطقة بالأسواق والمستثمرين العالميين. كما يمكن للبنوك الرقمية الإسلامية العالمية أن تتوجه لتلبية احتياجات عشرات الملايين من المسلمين والجالية الإسلامية في الأسواق الأوروبية، علاوة على تنامي الطلب من قبل الحكومات والشركات والأفراد في هذه الأسواق على المنتجات المصرفية الإسلامية.

ونحن لا زلنا ندرس السوق لكي نمضي في وضع الخطوات الخاصة بهذا المشروع.

مجموع الأقساط التي تم تأجيلها خلال 4 مراحل منذ 3 مارس/ آذار 2020 حتى ديسمبر/ كانون الأول 2021، تبلغ ملياري دينار وفق إحصاءات المركزي البحريني، كيف ترى الدور الذي لعبته المصارف في دعم البلاد لتجاوز جائحة كورونا.. وهل هناك حاجة إلى مرحلة خامسة لتأجيل القروض على المؤسسات الصغيرة؟

سوف يعتمد ذلك على تقييم الوضع قرب حلول يونيو/ حزيران 2022، وهو الموعد الجديد لتأجيل الأقساط. فإذا كان الوضع يستدعي ذلك، فإن البنوك لن تتوانى عن تقديم دعمها وخاصة المؤسسات الصغيرة التي لا تزال تعاني تداعيات كورونا. ولكن في كل الأحوال بغض النظر عن وجود فترات تأجيل، فإن البنوك في البحرين سوف تنظر بالتأكيد في الحالات التي أمامها المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسوف تحرص على تقديم أقصى دعم لها، لأن ذلك يرتبط بسلامة الاقتصاد ككل.

وقد لعبت البنوك في البحرين تحت إشراف ودعم مصرف البحرين المركزي دوراً رئيسياً في دعم الاقتصاد والمجتمع لتجاوز جائحة كورونا. فهي علاوة على قيامها بتأجيل الأقساط، سارعت إلى تعزيز وتوسيع العمليات الرقمية لتقديم مختلف الخدمات المصرفية للعملاء عن بُعد سواء الأفراد أو الشركات. وهذا ساهم مساهمة كبيرة في استمرار الخدمات المصرفية الضرورية للشركات والمجتمع. علاوة على ذلك مارست أقصى إجراءات الحماية الصحية في فروعها ومراكزها الرئيسية للموظفين والعملاء. إلى جانب ذلك، قامت بالكثير من المبادرات في مجال المسؤولية الاجتماعية كالتبرعات لمبادرة الشيخ ناصر والصناديق الخيرية والمستشفيات وغيرها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"