عادي

قراءة في مشروع قانون الوكالات التجارية في الإمارات

23:45 مساء
قراءة 5 دقائق
عصام التميمي
  • بقلم: المحامي عصام التميمي

الوكالات التجارية حصراً للمواطنين باستثناءات.. قراءة في مشروع القانون

إذا صدر بشكله المقترح، سيكون لقانون تنظيم الوكالات التجارية الجديد الذي سيحل محل قانون الوكالات التجارية رقم 18 لسنة 1981، أثر كبير في علاقات الوكالات التجارية بين الموكّل والوكيل، لا سيما تلك التي نشأت بشأنها خلافات بين الأطراف لم تحل حتى الآن بالمحكمة، في ما يتعلق بهذه الوكالات التجارية، وفقاً لهذا القانون، وذلك بتوفيق أوضاعها القانونية تحت طائلة انطباق القانون عليها. أما في ما يتعلق بالوكالات الجديدة غير المقيدة والتي يجب أن تقيد في المستقبل، فينطبق عليها القانون بشكل فوري، علماً بأن مشروع القانون لم يشترط حصراً، وجوب قيد الوكالات التجارية ولم يشترط أن يتم قيد أي وكالة تجارية، إلا أنه إذا ما أراد الوكيل والموكل الاستفادة من أحكام هذا القانون، فيجب تسجيل الوكالة وفقاً لأحكام هذا القانون.

إن مشروع القانون حقيقة استحدث مواد قانونية جيدة وأفكاراً جديدة تتفق مع الانطلاقة الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والمتغيرات الاقتصادية العالمية، مع انفتاح الدول على التجارة البينية بين الدول ومحاولة الابتعاد عن حصر البضاعة والمنتج في موزع واحد، وتشجيع واجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في الدولة.

إلا أنه من الأهمية أن تتم مراجعة صياغة مضمون بعض نصوص مشروع القانون وإعادة طرحها مجتمعياً للنقاش والتفكر فيها ويمكن الاستعاضة عن تعديل في بعض هذه المواد أو استبدالها بمواد أخرى تتفق مع التطورات الاقتصادية بالدولة وهي على سبيل المثال:

أولاً: لا نرى أهمية أو ضرورة ما لجعل الاختصاص للجنة الوكالات التجارية للفصل في منازعات الوكالات التجارية، حيث إنه من الخبرات السابقة لمداولات لجنة الوكالات التجارية، فإن أعمالها لم تكن مجدية في إضافة أي شيء إلى الخلاف أو النزاع بين الموكّل والوكيل، وأغلب قراراتها كان يتم الطعن عليها أمام المحاكم، كما أنه لوحظ في السنوات الماضية تأخير كبير في الفصل في قرارات لجنة الوكالات التجارية أو حتى في موضوع إصدار قراراتها والتوقيع عليها، سيما وأن مشروع القانون تضمن انعقاد الاختصاص للمحاكم أو التحكيم ووجود لجنة وزارية إدارية للفصل في النزاعات، والأكثر أهمية هو أن تبتعد الوزارة أو أي سلطة حكومية عن النزاعات بين الموكّل والوكيل.

ثانياً: من الطبيعي وجود اتجاه لدى المشرّع في مشروع القانون يضمن التعويض للوكيل عن إلغاء وكالته حتى لو تم الإلغاء بالاتفاق أو انتهى عقد الوكالة،

حيث اتجه المشرّع في مشروع القانون إلى خلق حالة من الموازنة بين مصالح الوكيل والموكّل، وقرر في المشروع أحقية الوكيل في التعويض عن استثماراته الضخمة، خاصة بالنسبة للوكالات العملاقة أو التي استمرت العلاقة فيها بين الوكيل والموكّل لسنوات عديدة، إلا أنه من غير الطبيعي أن يتم تحديد الحق بالتعويض كحق مضمون للوكيل عن إلغاء أو انتهاء عقد الوكالة، حيث يبدو من الوهلة الأولى لقراءة هذا النص أن الحق في التعويض مضمون للوكيل عند إلغاء أو انتهاء عقد الوكالة التجارية حتى لو كانت الوكالة لمدة معينة. هنا ستثور مشكلة عملية في التطبيق، حيث سيضطر العديد من الموكلين إلى الامتناع عن منح وكالات تجارية وتعيين وكلاء لهم إذا ما رأوا أنه قد يترتب على ذلك تعويض كبير عند إلغاء أو انتهاء الوكالة، لما لهذا التعيين من ناتج بالتعويض والضرر الذي لا يمكن تحديد سقف له، ولا التنبؤ بقيمته أو مقداره.

ثالثاً: النص الخاص بانتهاء عقد الوكالة التجارية بانتهاء مدته جُرّب من قبل في عام 2006 ونتجت عنه مشاكل عملية، لا سيما تجاه الوكالات العائلية القديمة التي ارتبطت بها بعض المنتجات، بحيث صارت جزءاً من الإرث العائلي لبعض كبريات الشركات العائلية التي ثابرت على مر الأجيال في توطيد سمعة المنتج واستقراره وكسبه ثقة المستهلك منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وبالتالي، فالنص على أن تنتهي عقود هذه الوكالات لمجرد انتهاء مدة العقد، قد تنتج عنه مشاكل عملية واختلال لا يمكن تجاهله لأعمال مثل هذه العائلات الإماراتية الكبيرة المؤثرة في قطاع الأعمال في الدولة، وبالتالي لا بد من إيجاد صيغة تضمن حقوقهم وتوازن بين مصلحة التشريع في حق الموكل بإنهاء الوكالة دون غمط لحق الوكيل، وبالتالي لا يمكن أن يعتبر النص بسريان القانون بعد سنتين من نشره كافياً لحماية مصالح الوكلاء في مثل هذه الأعمال، وقد يكون الحل بزيادة المدة لفترة أطول مثل سبع أو عشر سنوات للوكالات القديمة، حتى تستطيع توفيق أوضاعها.

أرى أن يتم تخفيض نسبة ملكية المواطن ل51% من الشركات المملوكة للمواطنين بالنسبة للوكالات التجارية، بحيث يفتح المجال لقيد الوكالات التجارية للشركات المختلطة بين المواطن والأجنبي 51% 49%. وهذا سيشجع الاستثمار بين المواطن والمقيم، للاستثمار في مشاريع مختلطة، وسيساعد على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، كما أنه سيحفز على عدم إنشاء الوكالات بالنسبة للأجنبي فقط دون إشراك المواطن فيها. بمعنى آخر سيساعد على تحفيز الأجنبي أو الشركات الأجنبية في تعيين الشركات المواطنة كوكيل لها، أو أن يكون التعيين بشكل مختلط بالشراكة في ما بينها بدلاً من أن تمتنع عن تعيين الوكلاء في المستقبل، إلا أنه من الواجب إذا ما نص على ذلك، أن يشترط القانون أن تكون الشراكة حقيقية 51%-49%، وعلى ألا يعتد بأي شراكة صورية أو كفالات.

رابعاً: أصاب مشروع القانون عين الحقيقة التي بحث عنها تطبيق الواقع العملي طويلاً وكانت محل انتقاد القانون الحالي، ومنها عدم اعتداد القانون بنص الاتفاق في ما بين الطرفين أو البنود التي اتفقا عليها، لما في ذلك من تقول على سلطان أفراده، حيث أبرز مشروع القانون أهمية مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين وقرر الأخذ بما اتفق عليه الطرفان في هذا الخصوص، وهو حقيقة تطور مهم لاعتداد بإرادة الطرفين في التعاقد حتى مع تسجيل الوكالة.

خامساً: الأمر الذي يبقى محلاً للبحث وإعادة النظر هو أهمية تسجيل الوكالة التجارية. ونظراً إلى أن تسجيل الوكالة التجارية أو عدم تسجيلها لا يعطي الموكّل والوكيل حقوقاً ومنافع إضافية. وبالتالي قد يسعى الموكّل مع الوكيل إلى عدم التسجيل والبعض الآخر للتسجيل، إلا أنه لا يبدو هناك فرق كبير بين التسجيل وعدم التسجيل إلا في المواضع التالية:

  1. إذا ما سجلت الوكالة يمكن للوكيل أو الموكّل منع دخول البضائع إلى الدولة إذا ما تقدما بذلك إلى الوزارة أو الجمارك.
  2. التزام الوكيل بقطع غيار المنتج.
  3. إذا ما تم إلغاء الوكالة أو انتهاء مدتها هناك مجال لتعويض الوكيل عما أنفقه في تطوير الوكالة أو في ترويج المنتج. عدا ذلك ليس هناك فرق كبير بين الوكالة المسجلة وغير المسجلة في الوزارة.

سادساً: أورد المشرّع في مشروع القانون نصاً واضحاً وصريحاً ومهماً في إمكانية إدخال البضاعة للدولة أو تعيين وكيل جديد، مع وجود نزاع بين الموكّل والوكيل، إلا أنه يكون الوكيل الجديد والموكّل متضامنين في تعويض الوكيل السابق إذا ما صدر له حكم بالتعويض. وحقيقة فهذا تطور مهم في القانون، حيث كانت تتأثر الدولة واقتصادها وبعض المنتجات المهمة وتعثر دخولها الدولة خلال نشوب النزاع بين الموكّل والوكيل خلال فترة سنوات. وبالتالي يمنع الموكّل من إدخال بضاعته وتفقد الدولة من إمكانية دخول هذا المنتج إليها مع وجود هذا الخلاف. ومع هذه المادة يمكن الآن للوزارة السماح بدخول البضاعة وتعيين وكيل آخر، مع احتفاظ الوكيل السابق بحقه في التعويض.

هذا المشروع الآن محل نقاش وبحث لدى المجلس الوطني، ومن الطبيعي أنه سيحال إلى وزارة العدل للبحث بعد إبداء المجلس الوطني ملاحظاته على نص القانون، ليصدر بشكله النهائي تعديلاً وتغييراً لقانون الوكالات التجارية الحالي.

وهناك بالطبع تباين في الآراء حول هذا القانون وتعارض مصالح بين الوكيل والموكّل وبعض المستهلكين، وهناك نقاش كثير واختلافات محتدمة حول تعديلات هذا القانون في الوقت الحاضر.

  • رئيس مجلس الإدارة والمؤسس - شركة «التميمي ومشاركوه» للمحاماة والاستشارات القانونية
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"