بأي ذنب دهست؟

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

كان لإيقاف النقل المدرسي، خلال جائحة «كورونا» انعكاسات إيجابية على مجتمع التعليم، إذ لم يكن هناك حوادث ولا حرائق، ولا شكاوى من الاختلاط والزحام والتنمّر، ولا أطفال منسيون في الحافلات، ولا منغصّات، ليسود السكون والسكينة أركان الميدان خلال جائحة الفيروس التاجي.
ومع انطلاق أولى خطوات العودة إلى الحياة الطبيعية، والتزام الجميع بالدوام المدرسي «حضورياً»، عادت من جديد مشاكل الحافلات المعتادة، إذ تسبب إهمال سائق حافلة من دون مشرفة، في وفاة طالبة لا تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، «دهساً»، حيث فارقت الحياة متأثرة بإصابة بليغة في الرأس، لعدم انتباه السائق عقب مغادرتها الحافلة، في دلالة على عدم تأهيله وتدريبه على القيام بمهام «السائق والمشرف» في آن واحد، ونتساءل بأي ذنب دُهست هذه الطالبة؟
 وقبل يومين، احترقت حافلة مدرسية تابعة لإحدى المدارس الخاصة، كانت تقل مجموعة من الطلبة، وأحسن السائق والمشرف التصرف، وبمساعدة المارة، تم إنزال جميع الطلبة من الحافلة سالمين، ولم تُقصّر فرق الدفاع المدني في السيطرة على الحريق، لنخرج من الحادثة بلا خسائر في الأرواح، والحمد لله.
 واقع حوادث الحافلات المدرسية يثير في الخاطر العديد من الأسئلة، فلماذا نعوّل على سائقين ومشرفات، أو مشرفين غير مؤهّلين؟ ومسؤولية جاهزية وسلامة الحافلة تقع على من؟ وهل يتم تأهيل وتدريب العاملين فعلياً بما يضمن سلامة الطلبة؟ وإن كان هكذا، فلماذا تحصل مثل هذه الحوادث؟ وهل لدينا رقابة حقيقية على القائمين بمهمة نقل المتعلمين ذهاباً وإياباً؟ وهل إدارات المدارس قادرة ومؤهلة حقاً لإدارة ملف الحافلات؟ 
الإهمال سلوك مرفوض، جملة وتفصيلاً، وعدم جاهزية الحافلة وسلامتها، يعد نوعاً آخر من الإهمال الذي يهدد أمن وسلامة الأطفال الأبرياء، والقصور في تدريب العاملين في الحافلات يعد أيضاً إهمالاً لا تحمد عقباه، وجميع الشواهد والوقائع التي نراها الآن، وفي السابق، تأخذنا إلى الحاجة الملحّة لإعادة هيكلية قطاع النقل المدرسي، والمضي قدماً نحو وضع معايير جديدة حقيقية، لاختيار السائقين والمشرفين، وتأهيلهم جيداً، ليؤدوا مهامهم على الوجه الأمثل، حفاظاً على أرواح أبنائنا الطلبة.
 في الواقع لا نستطيع أن نحمّل الجهات القائمة على التعليم، أو المدارس، مسؤولة مشاكل الحافلات، فمهما كانت قدرتها وإداراتها، فهي غير مؤهّلة لإدارة خدمة النقل الطلابي، وليست لديها مهارة اكتشاف أي خلل فني في الحافلة، وليست مختصة أيضاً بمعالجة هذا الخلل.
 نحتاج إلى هيئة وطنية متكاملة، تعي جيداً الدور الذي يقوم به النقل المدرسي في مجتمع التعليم، وتدرك مهامه وواجباته، لتكون المسؤولة عن سلامة الطلبة، وإقرار صلاحية الحافلات وجاهزيتها، وتأهيل قائديها ومشرفيها، وتحاسب عند الخطأ، وتحفز عند الإنجاز.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"