عادي
اسأل الخليج

تعرف إلى «تحدي الرمضى» وفوائده الصحية

13:43 مساء
قراءة 6 دقائق
إعداد: معن خليل
انتشرت في السنوات الأخيرة في الإمارات رياضة جديدة بموروث تراثي هي «تحدي الرمضى»؛ حيث يتنافس المشاركون في تجربة المشي على الرمال الحارة في الصحراء لمسافة بين 150 متراً و200 متر، والغاية منها استعادة حياة الآباء والأجداد من جهة، وتأكيد الفوائد الصحية لها من جهة أخرى.
اشتهرت الإمارات بإحياء الرياضات التراثية وإبرازها؛ مثل: الصيد بالصقور وكلاب السلوقي، وسباقات الهجن، والمراكب الشراعية والخشبية المعروفة باسم «داو»؛ لذلك فإن «تحدي الرمضى» يحمل كما غيره من البطولات المذكورة الطابع الرياضي والثقافي والاجتماعي.
ويعد «تحدي الرمضى» من أفكار عوض بن مجرن رئيس فريق رحالة الإمارات؛ حيث أقيمت أول منافسة في هذه الرياضة في منطقة الهباب بدبي في أغسطس/ آب عام 2016، ثم اتسعت لتشمل إمارات الدولة، كما عرفت انتشاراً عالمياً؛ حيث نظمت نسخة منها في أرض صحراء أليس سبرنج الأسترالية عام 2018.
وتعني كلمة «رمض»، شدة وقع الشمس على الرمل؛ لذلك فإن اختيار الاسم ليكون عنواناً لتحدٍ في الصحراء، جاء في محله من قبل عوض بن مجرن الذي يشتهر بأفكاره التي تُعنى بالتحدي والمغامرات من خلال قيادته لفريق رحالة الإمارات؛ حيث جال العالم مع زملائه من قبل بالسيارات، ونظم مهرجان الرحالة العالمي في دبي الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وتسلق قمة جبل كيلمنجاروا في تنزانيا عبر الجمال، وقد كوفئ على هذه الأفكار بحصوله على جائزة الإبداع والتميز من مهرجان ميلانو في إيطاليا.
لكن ما «تحدي الرمضى» وشروط المشاركة فيه وأهدافه؟
الهدف منه إحياء المنافسات القديمة للذين عاشو في الصحراء من الآباء والأجداد؛ لذلك جاءت فكرة بطولة المشي على الرمال الحارة أو «تحدي الرمضى»، كموروث إماراتي أصيل، أعيد تحديثه بقالب جديد يحاكي العصر الحالي، وبشروط تسمح لجميع الأعمار من ذكور وإناث المشاركة فيه، على اعتبار أنه فعالية مستوحاة من الحياة البدوية في الإمارات، والاطلاع عليها يجب أن يكون متاحاً للجميع.
وكان لافتاً أن فريق رحالة الإمارات، حوّل «تحدي الرمضى» إلى رياضة صحية، وقد استعان بفريق من الأطباء، لإجراء اختبارات على المشاركين، لتحديد الفوائد الطبية منها، وقد ثبت وجود منافع شتى لهذه الممارسة البسيطة التي لا تتعدى الـ200 متر.
ومن فوائد «تحدي الرمضى» تعزيز قوة التحمل لدى المشارك، وتنشيط الدورة الدموية عنده، وكذلك تحسين جودة النوم والشهية، إلى جانب تخفيض الكوليسترول والضغوط النفسية، وعلاج التهاب المفاصل، كونه يقوي عضلات أسفل الساقين، كما يعمل على حرق الكثير من السعرات الحرارية بمعدل 20 إلى 80 سعرة حرارية، مقارنة بالمشي على الطريق العادي، لأن سطح الرمال غير مستوٍ مما ينشط كافة عضلات الجسم، لبذل المزيد من الجهد وحرق السعرات الحرارية؛ حيث تصبح العضلات أكثر ليونة ورشاقة.
أصل الفكرة
يروي عوض بن مجرن في حديث سابق كيف استوحى فكرة «تحدي الرمضى» والذي جاء كما قال كون «الطبيعة أكبر ملهم للبشرية في جميع مجالات الحياة، وبصفتنا رحالة فقد اطلعنا على عادات الشعوب وموروثاتهم وعاداتهم وتقاليدهم عن قرب وبشكل مباشر وتفاعلي، وذهبنا إلى ما هو أعمق مما يراه المشاهد العادي على شاشة التلفاز، وهذا ما جعل نظرتنا أكثر تنوعاً ودقة وشمولية للأشياء، وجعلنا أكثر ميلاً للابتكار وحباً للإبداع».
ويتابع: أكثر ما لفت أنظار فريق رحالة الإمارات خلال أسفاره حول العالم، هو استثمار دول شمال أوروبا لبرودة الشتاء فيها بشكل رائع؛ حيث أطلقت ما يُسمى بتحدي السباحة في المياه شديدة البرودة خلال فصل الشتاء، الذي استقطب شريحة واسعة من الجمهور؛ لكونه يجمع بين المتعة والتحدي والمنافسة، ويعود عليهم بفوائد صحية كثيرة؛ من بينها تعزيز مناعة الجسم، ما ولد لدى فريق رحالة الإمارات، فكرة إحياء منافسات قديمة بين البدو في الصحراء على الرمال.
ويؤكد عوض بن مجرن أن «تحدي الرمضى» الذي انطلق عام 2016 كان الهدف منه إحياء الموروث التراثي للإمارات، وكان مدعماً بالتقنيات والدراسات العلمية والطبية التي تؤكد جدواه على الإنسان، في وقت بات فيه الناس يقضون معظم أوقاتهم على مقاعد السيارات والمكاتب.
ويفتخر عوض بن مجرن أن التحدي الذي انطلق من الإمارات أصبح عالمياً، فقد نظمه فريق الرحالة في أستراليا؛ نظراً لتشابه المناخ والتضاريس في بعض المناطق الصحراوية هناك، وقد وجدت هذه الفعالية إقبالاً ملحوظاً، وحظيت باهتمام رسمي وإعلامي ومجتمعي، بما تحويه من رسائل رياضية مفعمة بروح المغامرة والتحدي.
وافتتح التحدي أبوابه في الإمارات ليس فقط للجمهور؛ بل لعدد من المؤسسات والجهات الحكومية التي ترى أنه فرصة مثالية لتجديد نشاط موظفيها، وتعزيز طاقتهم الإيجابية وصحتهم البدنية والنفسية.
شروط وفوائد
أما عن شروط وقواعد الفعالية، فهي عبارة عن تحدي المشي على الرمال الساخنة لمسافة بين 150 متراً و200 متر، ومخصصة للأعمار من 10 سنوات وما فوق، وللجنسين، ويتم انطلاق المتسابقين من خلال مجموعات، وصولاً إلى خط النهاية، ومن يصل أولاً ومن دون أخطاء يكون الفائز في السباق.
ويمنع الركض أو القفز بالقدمين أو وضع مواد مخدرة أو مسكنة ورذاذ ماء أو ارتداء أحذية وأي جوارب خلال المشي، ومن يخالف هذه الشروط والقواعد يتم إلغاء نتيجته، وسمحت القوانين بمناطق استراحة كل 10 أمتار أو 15 متراً حسب ما يراه المنظمون مناسباً.
ويتم خلال تسجيل المشاركين اطلاع فريق طبي على الحالة الصحية لكل متسابق قبل السباق وبعده؛ وذلك حتى لا يتأثر بأي أعراض من المشي على الرمال الحارة.
كما يقيم المنظمون دورة تدريبية للمشاركين؛ لإطلاعهم على الشروط وكيفية الممارسة الصحيحة لرياضة المشي على الرمال، ويجري توزيع قمصان واقية من الشمس وأغطية للرأس على المتسابقين.
أما خوض هذه التجربة الفريدة فلها الكثير من الفوائد الصحية للجسد، وتعزز الأداء البدني والذهني، وتنشط وظائف الجسم بسبب تفريغ الشحنات السلبية، وتحسن المزاج العام للأشخاص.
وحسب الدكتور محمد العاسمي، أخصائي أمراض القلب والأوعية الدموية فقد «أثبتت كثير من الدراسات أن المشي حفاة على الرمال يساعد على حرق 20 إلى 50% من السعرات الحرارية، مقارنة بالمشي على الطرق المعبدة، إضافة إلى أن النهايات العصبية الموجودة في القدمين تتأثر بشكل يحفز عمل العقل ويحسن التفكير عند ملامسة الرمال، وهذا ما لا يحصل مباشرة عند المشي بارتداء الأحذية التي تسهم في حرماننا من تطوير خبراتنا الحسية».
وتابع الدكتور العسمي: تم الطلب من المشاركين في «تحدي الرمضى» وصف مشاعرهم في نهاية التجربة؛ وذلك كونه جزءاً من الدراسة الطبية الأولية التي حظيت بإعداد وإشراف فريق طبي متخصص، وكانت الإجابات تراوح بين أن المشي على الرمال الساخنة، كان كتدليك طبيعي للقدمين، وبين أنه أداة لتفريغ الطاقة السلبية، والتخلص من الضغط والمشاعر السلبية، وقد حلل الأطباء تلك المشاعر، مؤكدين أن الرمال الساخنة حررت القدمين من قيود الحذاء، وساعدت على تفريغ الشحنات السالبة، والبقاء لنحو 60 دقيقة بعيداً عن الأجهزة الذكية والتقنيات الحديثة التي تسبب الإجهاد والتوتر وتؤثر في جودة النوم.
كما أكد الدكتور العسمي أن «التحاليل الطبية كشفت أيضاً عن ارتفاع مستوى البوتاسيوم بالجسم بعد المشي على رمل الصحراء وهذا يفسر سبب تمتع الآباء والأجداد بذاكرة قوية وصحة نفسية جيدة وهمة عالية للعمل دون الشعور بالكسل أو الخمول؛ حيث إن المشي على الرمال الساخنة يحسن عمل القلب، ويخفض ضغط الدم المرتفع، ويخفف من الاضطرابات الذهنية والتوتر والقلق، كما قد يساعد في علاج التهاب المفاصل وبعض الأمراض الجلدية مثل الحكة.
ثقافة عامة
وتنتشر في العديد من المجلات والأبحاث الطبيبة عشرات المقالات عن فوائد المشي على الرمال والأتربة؛ حيث أكدت أن التراب والرمل هما من أهم عناصر الحياة على الأرض، ولهما العديد من الفوائد الصحية للإنسان فهو ليس مجرد مادة منثورة، وقد أثبتت التجارب والاختبارات أن جزيئات التراب تحتوي على الكثير من الكائنات المجهرية التي تستخرج منها المضادات الحيوية التي تستعمل في علاج الكثير من الأمراض، كما يعد التراب أفضل وسيلة لتنظيف الماء فهو مادة طبيعية ينقى بها الماء.
أما المشي على الرمل، فهو من الأشياء التي يمارسها معظم الناس، بطريقة عفوية جداً، وخصوصاً الأطفال والنساء؛ حيث يعدونها عادة ممتعة، ومثيرة لأجواء المرح، لأن الرمل يدغدغ باطن القدمين، كما أن التخلي عن الأحذية يعد من الطقوس التي تعبر عن الطفولة واللعب؛ لذلك فإن معظم الناس يتخلون عن أحذيتهم، ويمشون على الرمل وهم حفاة، خصوصاً على رمال الشواطئ، والرمال الصحراوية الناعمة، من دون أن يدركوا أن هذه العادة لها الكثير من الفوائد للجسم، بشرط أن تكون مدة المشي لأكثر من ربع ساعة، حتى تتحقق الفائدة، كما أن المشي على الرمال الجافة، أي الرمال الصحراوية، يختلف عن المشي على الرمل المبلل بمياه الأمطار، أو رمل الشاطئ المبلل بماء البحر.
ومن المعروف أن المشي على الرمل يكون عادة في الهواء الطلق، وتحت أشعة الشمس، ما يساعد الجسم في الحصول على فيتامين (د) بسبب تعرضه لأشعة الشمس، وكذلك يسهم المشي بزيادة عدد مرات الشهيق والزفير، وتدفق الأكسجين للدم، وهذا مفيد جداً للجسم.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"