عادي

عذب الكلام

22:13 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

من الأبْيات الَّتِي قَصَّر فِيهَا أَصْحَابُها عَن الغَايَات الَّتِي طَمِحوا إِلَيْهَا، وَلمْ يَسُدُّوا الخَلَلَ الواقِعَ فِيها مَعْنَى ولَفْظاً قَوْلُ امْرئ القَيْس:

وَوَلّى كَشُؤبوبِ الغَشِيِّ بِوابِلٍ

وَيَخرُجنَ مِن جَعدٍ ثَراهُ مُنَصَّبِ

فللسَّاق أُلْهُوبٌ وللْسَّوْطِ دِرَّةٌ

ولِلزَّجْرِ مِنْهُ وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ

فقيلَ لَهُ: إنَّ فَرَساً يُحْتَاج إِلَى أنْ يُسْتَعَانَ عليهِ بِهَذِهِ الأشْياءِ، غَيْرُ جَوَادٍ.

وقَوْلُ المُسَيَّب بن عَلَس:

وَقَدْ أتَنَاسَى الهَمَّ عِنْد احْتِضَارِهِ

بِنَاجٍ عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مُكْدَمِ

فَسَمِعُهُ طَرَفَةُ فَقَالَ «استَنْوقَ الجَمَلُ»والصَّيْعَرِيَّةُ: من سِمَاتِ النُّوق.

دُرر النّظم والنّثر

الشِّعْرُ نافذةٌ

محمّد الدّمشقي (من الكامل)

الشِّعْرُ نافذةٌ إلى الأحْلامِ

وغِياثُ قَلْبِ المُستهامِ الظّامي

وسَبيلُه إنْ هامَ في لَيْلِ النَّوى

وعَلَيْهِ حَطَّتْ غَيْمةُ الآلامِ

تِلْك الحُروفُ حَرائقٌ في صَدْرهِ

لَيْستْ بِزَخْرَفَةٍ ورَصْفِ كَلامِ

لَيْسَتْ قَوافيَ يَسْتَعيرُ بَريقَها

لَيَسيرَ في دَرْبٍ مِنْ الأوْهامِ

لَيْسَتْ مُجَرَّدَ أسْطرٍ مُخْتالةٍ

يَزْهو بِها بِشهادَةٍ ووِسامِ

لَيْسَتْ رَفاهيةً وذَرْفَ مَشاعِرٍ

جَوْفاءَ تَغْرقُ في سَرابِ زُحامِ

هي لَوْعةٌ تَجتاحُهُ آهاتُها

لِيصوغَ مِنْها أعْذبَ الأنْغامِ

هِيَ نَزْفُ أشْواقٍ وعَصْفُ مَواجعٍ

فَتحَتْ لَهُ باباً إلى الإلْهامِ

الشِّعْرُ لهفةُ عاشقٍ في صَدْرِهِ

تَنهيدةٌ ملَّتْ مِنَ الأجْسامِ

فَغَدَتْ مُجَنَّحةً وحَلَّقَ حُزْنُها

نَحْو البعيدِ بِعِطْرهِ المُترامي

الشِّعْرُ جُبٌّ فيهِ نَرْمي قَهْرَنا

حينَ الصَّدى يَغْدو أسيرَ ظَلامِ

الشِّعْرُ نَهْرٌ فيهِ نَغْسِلُ طِينَنا

دَمْعٌ يُطهِّرُنا مِنَ الآثامِ

هُو رُقْيةٌ تَشفي قُلوباً أظْلمتْ

وتُعيذُها مِنْ لَوْثةِ الأسْقامِ

وَطنٌ بديلٌ حينَ يَزْفِرُنا المَدى

فنُصارعُ الأمْواجَ بالأقْلامِ

ونَمُدُّ فَوْقَ الجُرْحِ رَمْلَ حَنينِنا

ونُضيءُ شَمْعاً في دُجى الأيّامِ

من أسرار العربية

في توصيف الشدّة، من أشياء مختلفة: الانْهِلالُ: شِدَّةُ صَوْبِ المَطَرِ.الغَيْهَبُ: شِدَّةُ سَوَادِ اللَّيْل. الَقشْمُ: شِدَّةُ الأكْلِ. القَحْفُ: شِدَّة الشُرْبِ. الجَشَعُ: شِدَّةُ الحِرْصِ. الخَفَرُ: شِدَّةُ الحَيَاءِ. السُعَارُ: شِدَّةُ الجُوعِ.

الصَّدَى: شِدَّةُ العَطَشِ. اللَّخْفُ: شِدَّةُ الضَّرْبِ. المَحْكُ: شِدَّةُ اللِّجَاجِ. الهَدّ: شِدَّةُ الهَدْم. الرُزَاحُ: شِدَّةُ الهُزَال. الوَصَبُ: شِدَّةُ الوَجَعِ. الشَّنَفُ: شِدَّةُ البُغْضِ.

قال الشاعر:

ولَنْ أَزالَ، وإنْ جامَلْتُ مُحْتَسِباً

في غَيْرِ نائرةٍ صَبّاً لَها شَنِفا

هفوة وتصويب

يقولُ بعضُهم: «إنّهُمْ واثقونَ مِنْ فُلانٍ» وهي خطأ، والصّوابُ «واثقون بفلانٍ» لأنّ الفعل «وَثِقَ»، يتعدى بالباء. والثِّقَةُ: مصدر قولك وَثِقَ به يَثِقُ، بالكسر فيهما، وثاقةً وثِقَةً: ائتمنه، وأنا واثِقٌ به وهو موثوق به، وهي مَوْثوقٍ بها، وهم مَوثوق بهم؛ قال القاضي الفاضل:

وَأَكثَرُ تَيهي أَنَّني بِكَ واثِقٌ

وَأَكثَرُ مالي أَنَّني لَكَ آمِلُ

والمِيثاقُ: العَهْدُ، صارتِ الواوُ ياءً، لانْكسارِ ما قَبْلَها.والجمع المَواثيقُ على الأصل، والمَياثِقُ والمَياثيقُ أيضاً.وأنشد ابنُ الأعرابيّ:

ولا نسألُ الأقوامَ عَهْدَ المَياثِقِ

حِمًى لا يُحَلُّ الدهرَ إلاّ بإذْنِنا

من حكم العرب

اعْزِمْ وكِدَّ فإنْ مَضَيْتَ فَلا تَقِفْ

واصْبِرْ وثابِرْ فالنَّجاحُ مُحَقَّقُ

لَيْسَ المُوَفَّقُ مَنْ تُواتيهِ المُنى

لكنَّ مَنْ رُزِقَ الثّباتَ مُوفّقُ

البيتان لخليل مطران، يقول فيهما إنّ العزيمة الصادقة، والجهد الذي يبذله المرء، أساس نجاح أي خطوة يقدم عليها، ومن مضى بالعزيمة والجهد، لا بدّ واصلٌ إلى مبتغاه، ومحقّقٌ هدفه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"