«إكسبو».. أوركسترا العالم

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

قد نعرف الشعوب وأرواحها الجمالية من خلال الموسيقى أكثر ممّا نعرفها من خلال كتب الجغرافيا والتاريخ، وفي «إكسبو 2020 دبي » تتجاور الكثير من صور المعرفة الناعمة هذه، لكأن «إكسبو» هو «أوركسترا العالم»، أو الدليل الموسيقي إلى تاريخ وجغرافيات الشعوب.
حين نسمع «فلامنجو» يذهب بنا إيقاع الكلمة إلى إسبانيا. إلى موسيقى تاريخية تعرّف ببلدها أكثر ممّا يعرف الإعلام أو الإعلان أحياناً، ذلك أن الموسيقى لغة كونية إنسانية بلا أبجدية محدّدة سوى أبجدية الصوت الذي يبدأ رحلته القصيرة من الفم، ليستقر في الأذن، بل يستقر في الروح والجسد والعقل.
الموسيقى لغة وردية ناعمة في «إكسبو»، وعلى مدار الأسابيع الماضية، منذ افتتاح هذا الحدث الكبير في أكتوبر/ تشرين الأول حتى الآن تعاقبت على منصّات «إكسبو» عشرات موسيقات العالم، من ألمعها، تاريخياً وثقافياً، «الفلامنجو» الإسبانية. لغة الجسد الحرّة، ودورانه العطري كأن الأرض وحدها هي مركز الراقص الذي يكثف الجمال النغمي والصوتي والبدني في جسده الطيراني الحرّ.
يكشف «إكسبو»، أو الأصح أنه يقرّب لنا ثقافات وجماليات عالمية بكل تفاصيلها، منقوله حرفياً وجسدياً إلى موقع «إكسبو» الذي سيظل أثراً ذاكراتياً وثقافياً في الإمارات، فلا يزول المكان، ولا تزول الذاكرة.
موسيقات عديدة في «إكسبو»: من أوروبا، من آسيا، من إفريقيا، من الشرق الأقصى، إلى الشرق الأوسط، إلى موسيقات الشمال وإلى موسيقات الجنوب في حوار وعناق فني حضاري يؤكد على المحبة والصداقة والتعايش المتبادل في اللغات، والفكر، والفنون.
حقق «إكسبو دبي» مفاهيم الحوار الحضاري الثقافي، بشكل خاص، على نحو عملي مشترك عن طريق الفنون العالمية، الشعبية منها، والنخبوية والمعاصرة.
مفكرون، وفلاسفة، وعلماء اجتماع، وعلماء نفس في الشرق والغرب كتبوا عشرات البحوث والدراسات، وتوصلوا إلى نظريات عديدة تتعلّق بحوار الثقافات أحياناً، ثم فكرة «الآخر»، و«العولمة» و«الهوّيات»، و«الإثنيات»، وغيرها من مفاهيم ومصطلحات فكرية سياسية شكّلت خزانة ثقافية عظمى خلال العقود الثلاثة الماضية وقبل ذلك، وببساطة، فإن هذا الفكر الإنساني ومفاهيم الحوار والهوية والعيش المشترك، واحترام رأي الآخر، كل ذلك يتكثّف في «إكسبو دبي» عن طريق الفن، والثقافة، وجماليات الغناء والموسيقى والأداء.
بهذا المعنى، أو بهذا التوصيف نقرأ في «إكسبو» وظيفة فكرية إلى جانب كونه حدثاً اقتصادياً، فنياً، ثقافياً، إبداعياً، تحت مظلة إنسانية مشتركة.
ننتبه، إذاً، إلى البعد الفكري في «إكسبو» من خلال قنوات الفنون الموسيقية، وفنون الغناء والأداء التي يقوم بها شباب وشابات من جهات الأرض، ومن خلال هذه الفنون يعرّفون بأوطانهم وشعوبهم وتاريخ حضاراتهم أكثر أحياناً ممّا يُعّرف المفكر المحترف، أو الفيلسوف النخبوي.
«أوركسترا العالم».. اسم جمالي آخر لـ«إكسبو 2020 دبي».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"