عادي
بسبب ارتفاع الرسوم وتجنباً للقلق

السيارات الخاصة تزاحم الحافلات في نقل الطلبة

00:06 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: جيهان شعيب

ما بين حرص أولياء الأمور على سلامة الأبناء، وبين الخوف عليهم من حوادث الحافلات المدرسية، مع ضيق ذات أيدي بعضهم في الوقت ذاته، يضطر عدد منهم إلى توصيل أبنائهم بمركباتهم الخاصة إلى مدارسهم، بما في ذلك من تعرضهم للتأخير عن دوامهم الوظيفي، وتحمل عبء مشوار التوصيل، والازدحام الصباحي على الطرق، والاستدانة لرسوم الحافلة وغيرها، إلا أنهم يرون ذلك هيناً، مقابل تجنبهم الشعور المتواصل بالتوتر والقلق على الأبناء، طوال الرحلة اليومية لهم في الحافلات أثناء ذهابهم وإيابهم من المدارس, لاسيما عقب بعض الحوادث التي صفعت الأذان، وأوجعت القلوب مؤخراً، ومنها حادث دهس طالبة عجمان، وحريق حافلة أخرى شبت فيها النيران على الطريق، وكانت تقل 48 طالباً بإحدى المدارس الخاصة، إلا أن رحمة الله، عز وجل، وسرعة تصرف سائقها، ساهما في إجلائهم منها بسلام دون تعرض أي منهم لسوء.

والحقيقة أن حوادث الحافلات المدرسية، وإن لم تعد تشكل ظاهرة مشهودة كما كانت قبل سنوات، إلا أن حادثاً واحداً كما «الألف» كون خسائره تساوي ضياع فلذات أكباد، لا يمكن بحال تعويض فقدانهم.

الصورة
1

قيام بعض الأسر بتوصيل الأبناء إلى مدارسهم بمركباتهم الخاصة، دون تركهم لركوب الحافلة المدرسية، ربما أصبح واقع حال كثير من أولياء الأمور تأميناً لسلامتهم - إن صح التعبير- وتجنباً لأي مما قد يتعرضون له داخل الحافلة من ازدحام بين الطلبة، بما فيه من احتمالية تناوشهم، وتشاجرهم، فضلاً عن حمايتهم من التعرض لأي حادث، أو مخالفة قد يرتكبها سائق الحافلة على الطريق، وخلافه، وعن ذلك قال المهندس جاسم المازمي: بالفعل يفضل كثير من أولياء الأمور إيصال أبنائهم وبناتهم من الطلبة إلى المدارس بأنفسهم بشكل يومي لعدة أسباب، أهمها ارتفاع رسوم حافلات المدارس الخاصة، وعدم حصولهم على خصومات جيدة، بالرغم من إمكانية أن تكون للأسرة أكثر من ابن يدرسون في المدرسة ذاتها، حيث يتم احتساب السعر نفسه في نقل كل طفل على حدة، بالإضافة إلى القلق الذي يعتري بعض أولياء الأمور من تعرض أبنائهم للضرب، أو التحرش من قبل الطلبة الأكبر منهم سناً، أثناء وجودهم في الحافلة خلال فترة ذهابهم وإيابهم من المدارس.

وفي المقابل وبالنسبة للأبناء، فالفترة التي يقضونها مع آبائهم في السيارة الخاصة، مفيدة وصحية للتواصل بينهم، وتبادل الحديث سواء عن الواجبات الدراسية، وعما يدور في أروقة المدرسة، وعن علاقاتهم بزملائهم، وخلافه، وتوجيه النصائح المفيدة لهم، فيما وبشكل عام المواصلات التي يتم توفيرها من قبل المدارس الحكومية والخاصة عبارة عن حافلات مكيفة، ومزودة بكاميرات مراقبة، وبها قدر كبير من الأمان، سواء من ناحية المواصفات، أو الرقابة، كما ويتم تزويدها بمشرفات ومشرفين، يراقبون وضع الطلبة في الحافلة، ويشرفون على صعودهم ونزولهم منها.

مخاطر محتملة

وتشير الأم سارة دياب، والأم هالة مصطفى إلى أنه سواء بفعل الحوادث المتكررة التي وقعت للأطفال الذين يتم نقلهم بواسطة الحافلات المدرسية، أو لأسباب أخرى، فالكثير من الآباء وأولياء الأمور يحجمون عن الاعتماد على الحافلات المدرسية في نقل أطفالهم من وإلى المدارس، وقالتا: في حين تتوافر لدى البعض وسيلة النقل الخاصة، والوقت الذي يسمح لهم بنقل أطفالهم بمفردهم إلى المدارس في رحلتي الذهاب والعودة، فإننا نجد الكثيرين ممن يعجزون عن ذلك، ومعظمهم من ذوي الدخل المحدود الذين لا تتوافر لديهم المركبات الخاصة لنقل أطفالهم، علاوة على أن رواتبهم الشهرية قد لا تسمح لهم بدفع تكاليف النقل بالحافلات التي أصبحت مرتفعة بدورها، الأمر الذي يدفع بعضهم لإيجاد حلول لا تقل مخاطرة بدورها عن أي مخاطر أخرى يمكن أن تقع للتلاميذ، كأن يعتمد بعضهم على أصحاب المركبات الخاصة الذين يقومون بنقل الأبناء.

وهؤلاء فئة من السائقين الذين سبق لهم أن عملوا بحافلات نقل الطلاب، أو الإشراف عليها، ولكنهم فضلوا العمل بصورة مستقلة، سواء باستخدام مركباتهم الخاصة في نقل عدد من التلاميذ كمصدر دخل لهم، أو يقومون باستئجار مركبات يستخدمونها لهذا الغرض، وإزاء هذا الوضع بات يتعين على المؤسسات التربوية، وإدارات المدارس الخاصة التدخل لإيجاد حلول مناسبة لمساعدة فئة محدودي الدخل، وتمكين أطفالهم من الانتقال من وإلى المدرسة بصورة آمنة، تجنبهم المخاطر المحتملة لمثل هذه الحلول، ومحاولة التوفيق بين دخولهم، وإمكاناتهم، ورسوم النقل بالحافلات المدرسية التي بلغت مستويات مرتفعة، تتفاوت بين المدارس الخاصة.

تطبيق ذكي

وفي تأكيد توافر الأمان في الحافلات المدرسية، بما يجب معه أن تطمئن الأسر على أبنائها في استقلالهم لها في ذهابهم وإيابهم من المدارس، يأتي قول علي الحوسني مدير عام هيئة الشارقة للتعليم الخاص بأن الهيئة حرصت على تأمين الحافلات، بإطلاقها التطبيق الذكي (أولادكم في مأمن)، الذي يمكن أن يضيفه أولياء أمور الطلبة، وبإمكانهم بواسطته تتبع أبنائهم منذ مغادرتهم المنزل، وركوبهم الحافلات المدرسية ذهاباً وإياباً، فضلاً عن مراقبة ومتابعة جميع هذه العمليات من خلال غرفة عمليات، وتحكم، مزودة ب 4 شاشات في مقر الهيئة، تمكن الموظفين المختصين بمراقبة أداء جميع الحافلات في الشارقة، حيث توضح الشاشات والبرامج المتخصصة مسار الحافلة، أثناء مرورها على المنازل، وحتى وصولها إلى المدرسة، إضافة إلى توضيح الكثير من البيانات والإحصائيات، مثل حركة الحافلات المدرسية يومياً، وعدد الرحلات، والطلبة المنقولين، والغائبين، والتنبيهات في حال وجود أي ظرف طارئ.

وأوضح أيضاً أن كل حافلة مزودة ب 7 كاميرات مراقبة داخلية، وخارجية، لتوفير أعلى درجات الأمن والسلامة للطلبة، كما زودت غرفة العمليات ب 4 شاشات، كل شاشة تختص بجزئية معينة، منها ما هو مزود بخارطة المدارس، وشاشات أخرى تبين عدد الطلبة الذين استقلوا الحافلة المدرسية، في حين تستفيد من التطبيق 122 مدرسة من المدارس الخاصة التابعة للهيئة.

القانون بالمرصاد

ولا شك أن القانون يقف بالمرصاد لأي سائق حافة مدرسية، يستهتر بقوانين وأنظمة السير والمرور، بما يسفر عن تعريض حياة الطلبة للخطر، وفي ذلك يوضح المستشار القانوني د. يوسف الشريف أن سائق الحافلة يتحمل المسؤولية الجنائية عن أي حادث دهس يتسبب فيه، ويكون بذلك قد ارتكب جريمة قتل خطأ، وهذه الجريمة معاقب عليها بقانون العقوبات وقانون السير والمرور، علاوة على مسؤوليته، والمدرسة، وشركة التأمين المؤمن لديها على الحافلة، بالدية الشرعية 200 ألف درهم، وأية تعويضات أخرى، قد تقدرها المحكمة حال قيام أولياء الدم بإقامة دعوى قضائية بتلك التعويضات.

وأهاب بالجهات المعنية بسائقي الحافلات سواء وزارتي المواصلات، أو التربية، أن تلزمهم بإنزال الأطفال جهة الرصيف القريب إلى باب بيتهم، لتجنيبهم قطع الطريق بأي شكل كان، لأن قطع الطريق عادة يسبب الحوادث، سواء من قبل الحافلة نفسها، أو أي سائق آخر قد يكون غير حذر، قائلاً: لا يجوز بحال تعريض أطفالنا لمثل هذه المآسي في سبيل إنفاذ القانون، قد يتجاهله البعض، لعلمهم بخلو الشوارع الداخلية من أجهزة المراقبة، أو دوريات الشرطة، ولا مبرر لقول البعض بأنه يصعب الالتفاف في بعض الحارات، حتى لا تطول المدة على السائق، حيث سلامة أولادنا تستوجب ذلك، وإلا فمن الحتمي أن يكون في كل حافلة مرافق خاص لهؤلاء الأبناء، مهما بلغ عمرهم، وقدراتهم، حتى إن كانوا في التعليم الثانوي.

ونناشد جميع مدارس الدولة بمراحلها الدراسية كافة، بضرورة توفير سائقين يقظين، وتشديد الرقابة عليهم، ومتابعة التزامهم بالقوانين، واللوائح المرورية، مع الحذر، والانتباه، وعدم الانشغال بغير الطريق، للحفاظ على سلامة أرواح الطلبة والطالبات، ولتوصيلهم سالمين آمنين إلى منازلهم، مع ضرورة توفير مشرفات ومشرفين في الحافلات، لجميع المراحل الدراسية، يكون شغلهم الشاغل هو الإشراف على سلامة الأبناء، خلال رحلة ذهابهم للمدارس، وإلى حين عودتهم لمنازلهم مع انتهاء اليوم الدراسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"