عادي
تنشد المكسب ولو على حساب سلامة الطلبة

النقل المدرسي.. باب تربح شرعته مدارس خاصة

00:05 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

مهمة النقل المدرسي ليست بالشيء اليسير، وكان الله في عون الجهة المسؤولة عنها، حيث ترتبط بمجتمع مدرسي كثير الشكوى، يضع فور وقوع أي حادث السائق والمشرف «في قفص الاتهام»، متهماً إياهما بالوقوف وراء وقوعه، خصوصاً في المدارس الخاصة التي لا تزال إلى حد الآن تتولى بنفسها مهمة نقل الطلاب، على الرغم من وجود جهة على درجة عالية من الكفاءة، تتعاقد مع أسطولها وزارة التربية والتعليم لنقل طلبة المدارس الحكومية. هذه الإشكالية تدفعنا إلى تسليط الضوء على إشكالية النقل المدرسي الخاص، خصوصاً أن حالة من الاستياء تخيّم على مجتمع التعليم، بسبب حوادث حافلاته.

عدد من أولياء الأمور أكدوا أن «النقل» في بعض المدارس الخاصة يعمل من دون رقابة ويحتاج إلى رقابة صارمة تشرف على جاهزية الحافلة وسلامتها قبل انطلاقها، لاسيما أن معظم مسؤولي الأمن والسلامة في المدارس غير متخصّصين، وليس لديهم خبرات فنية تؤهلهم الحكم على سلامة الحافلة قبل الانطلاق، فيما نفى عدد من التربويين، عدم وجود فرق رقابية على الحافلات.

«الخليج» تبحث مع الميدان ظاهرة حوادث الحافلات المدرسية، للوقوف على تفاصيل تشغيل الحافلة وصيانتها الدورية.

عبّر عدد من أولياء الأمور «محمد طه، وإيهاب زيادة، وحسين محمد، ومايد علي، وزهران منصور، ومهرة حمد»، عن مخاوفهم من حوادث الحافلات، موضحين أنه ليس من المنطق أن نضع السائقين والمشرفين دائماً في قفص الاتهام، فالجميع مسؤول عن حياة الطلبة وسلامتهم، لأن تكرار الحوادث يثير الشكوك في صلاحيات الحافلات المستخدمة في نقل الطلبة. مطالبين بجهة متخصصة لإدارة حركة الحافلات والاطمئنان إلى جودتها وسلامتها قبل انطلاقها.

وأكدوا ضرورة إعادة النظر في النقل المدرسي الخاص، وترتيبه من جديد بمسؤولية جدية.

وأشاروا إلى أن بعض الحافلات المستخدمة تفتقر إلى معايير واضحة وموحدة في إطار عملها؛ فكل إدارة مدرسية تدير نقل الطلبة بحسب رؤيتها ومكاسبها الخاصة.

وقفة مع السائقين

«الخليج» التقت عدداً من سائقي الحافلات «راف مجيد، ومحمد ساجي، ومحيي صديق»، والذين أكدوا أن بعض المدارس ليس لديها فنيون أو متخصصون بالصيانة الدورية للحافلات، ونحن نقوم بمهام الصيانة الخارجية الخفيفة «تطوعاً»، ولا تفحص الحافلة فنياً، إلّا في حال الأعطال التي تعوق تحركها. موضحين أن مهامهم تركز على نقل الطلبة، وهذا لا يحتاج إلى دورات متخصصة، بل ينبغي إتقان قواعد المرور وقوانين استخدام الطرق أثناء السير.

وأفادوا بأن أمن الطلبة وسلامتهم مسؤولية المشرف أو المشرفة، ومسؤولية السائق الوحيدة تنضوي في السير في الطريق، ولا علاقة له بالطلبة داخل الحافلة.

خلل ومعالجة

وفي وقفة مع عدد من مشرفات الحافلات (سماح.م، وروبي ميكاتا، وكيلي فات، وفازيلي ماجيد)، أكدن أن مهمتهن تركز على مساعدة الطلبة في الصعود للحافلة، وإنزالهم سواء في المدرسة أو منازلهم، وليس لهنّ أية علاقة بصيانة الحافلة فنياً، مشيرات إلى أنها مسؤولية السائق الذي يفحص الحافلة قبل انطلاقها، وفي حال وجود أي خلل، يعمل على معالجته.

وقالوا إن هناك رقابة من إدارة المدرسة والمشرف على الحافلات وفي بعض الأحيان أسئلة متكررة من أولياء الأمور، في حال تأخر الحافلة أو عند حدوث مشاحنات بين الطلبة أثناء رحلة الذهاب والعودة.

رقابة داخلية وخارجية

وفي لقاء مع عدد من التربويين (م.أحمد، علياء. س، سلامة. ع، خالد. ه، س. زين»، أكدوا أن هناك فرقاً رقابية داخلية في المدارس، وخارجية تأتي للزيارة، لفحص أمور كثيرة في المدرسة، ولكنها تأتي على أوقات متباعدة. ويركز الفحص على عدد من المعايير التي تكون في ورقة مع المراقب وعدد من التساؤلات، لتدوينها ب«الورقة والقلم»، موضحين أنه لا يوجد فريق فني يأتي خصيصاً من أجل فحص حافلات المدارس، والرقابة تقتصر على المشاهدة السطحية فقط، والإجابة عن بعض الأسئلة، لتنتهي عملية التقييم عند هذا الحد.

وأوضحوا أن مسؤولية نقل الأطفال بأمن وسلامة، لا تقتصر على شخص بعينه، ولكنها مسؤولية تجمع تحت مظلتها إدارات مراكز وشركات وجهات معنية بالإشراف عليها.

وقالوا إن معظم المدارس ليس لديها فريق فني لصيانة الحافلات التي تملكها، وفي الأغلب يقوم السائق بمهام الصيانة، وتبديل أي قطعة يراها تالفة، وهناك مدارس تعول في مسألة الصيانة على الشركات التي تعاقدت معها، ولا تتدخل من قريب ولا من بعيد في هذا الشأن، ولا يوجد من يراجع ويتأكد من صيانة هذه الشركات.

مسؤول السلامة

التقينا سمر محمد، المعنية بالنقل المدرسي ووسائل الأمن والسلامة، وتشرف على عدد من المدارس، إذ أوضحت أن مسؤولية التأكد من سلامة الحافلة والاطمئنان على جاهزيتها تقع في معظم المدارس على عاتق مسؤول الأمن والسلامة، وهذا خطأ، لأنه غير متخصص وليس فنياً يستطيع أن يقيم الجانب الفني والميكانيكي للحافلة والحكم عليها بالصلاحية من عدمه، لذلك ينبغي أن يكون في كل مدرسة فني يعي أعمال الميكانيك والجوانب الفنية في الحافلة، مؤكدة أن دورة تدريبية واحدة لا تكفي لتمكين مسؤولي الأمن والسلامة من تقييم الحافلات.

وعن الحوادث، قالت إن أسباباً متعددة، منها الفني الذي يتطلب صيانة دورية منتظمة للتأكد من سلامة الحافلات وصلاحيتها، ومعالجة أي خلل يظهر فجأة خلال ساعات العمل، ومنها ما يتعلق بجاهزية السائقين والمشرفين والمشرفات، ومدى درايتهم بمهام النقل المدرسي.

رقابة غير فاعلة

وفي ما يتعلق بالرقابة، أكدت أنها موجودة، ولكنها غير فاعلة وغير متخصصة، مؤكدة أن الأمر بحاجة إلى متخصصين لإدارة قطاع النقل المدرسي، ليكونوا مسؤولين عن كل كبيرة وصغيرة فيه، لاسيما أن الأمر متعلق بأرواح الطلبة وأمنهم وسلامتهم، مقترحة تأسيس جهة اتحادية تشرف على الحافلات في مختلف إمارات الدولة وفي المدارس «الحكومية والخاصة»، وهذا التصرف الإيجابي بعد تكرار تلك الحوادث.

وأشارت إلى أهمية وجود جهة رقابية متخصصة، يعمل تحت مظلتها النقل المدرسي في الدولة، فضلاً عن الارتقاء بالحافلات ومعايير اختيار السائقين والمشرفين، بما يضمن قدراتهم على المحافظة على الطلبة، وحمايتهم عند وجود حالات طوارئ، خلال وجود الأبناء في الحافلة.

وأكدت أهمية وضع قطاع النقل المدرسي تحت المجهر بصفة دائمة، ووجود كاميرات مراقبة لمتابعة الرحلات الطلابية، كما هو معمول به في المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة، التي توفر أكبر قدر من سلامة الطلبة، فضلاً عن أهمية تأهيل السائقين، والتنبيه على المشرفات بإجراءات الأمن والسلامة، ولا يجوز أن نحمّل مسؤولي الأمن والسلامة في المدارس هذه المهام، لأنها فعلياً كثيرة وكبيرة على قدراتهم الحالية.

شفافية ووضوح

أجمعت آراء عدد من التربويين والمعلمين وأولياء الأمور، على أن النقل المدرسي في المدارس الحكومية أكثر انضباطاً، مقارنة بالمدارس الخاصة، وهذا يعني أن هناك قصوراً واضحاً في الشركات القائمة على تقديم خدمات النقل المدرسي في التعليم الخاص، وكذلك هناك خلل في اختيار السائقين والمشرفين الذين تقع على عاتقهم المحافظة على أرواح الطلبة من وإلى المدرسة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"