عادي

د. صالحة أفريدي: تأثيرات «كورونا».. إجهاد للعقل والنفس

00:21 صباحا
قراءة 4 دقائق

حوار: مها عادل

منذ انتشار جائحة «كوفيد-19» تعرض الملايين من البشر حول العالم لحالات مختلفة من الاضطرابات النفسية بسبب الضغوط والأحداث الصعبة، وبما أن الصحة النفسية والعقلية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية، تتعدد النصائح المتخصصة عن كيفية التعامل مع تبعات وآثار الجائحة على صحتنا العقلية وسلامتنا من الناحية النفسية. في السطور التالية تطلعنا د. صالحة أفريدي، أخصائية علم النفس الإكلينيكي، ومؤسسة ومديرة «ذا لايت هاوس أرابيا»، والتي تعمل بالإمارات منذ 12عاماً، على أهمية الاهتمام بالصحة العقلية وآلياته وأهم النصائح للوقاية والتعافي من الاضطرابات النفسية خاصة عقب أزمة «كورونا»، وكيفية التغلب على القلق والتوتر وتحقيق التوازن النفسي.

تستهل د. أفريدي حديثها معنا بالتأكيد على ضرورة نشر الوعي عن أهمية الصحة العقلية بحياتنا وتقول: أعتقد أننا لم نبدأ حتى وقت قريب بالتركيز على أهمية الصحة العقلية رغم ظهور الدلائل على الاضطرابات المتعلقة بها منذ فترة طويلة؛ حيث أفادت منظمة الصحة العالمية إلى أن واحداً من كل أربعة بالغين وواحداً من كل خمسة يافعين يعاني أو من المحتمل أن يختبر في مرحلة ما اضطرابات عقلية معينة. ويوجد احتمال قوي بزيادة هذه النسبة في ظل خضوع العالم لظروف صعبة، مثل تلك التي بدأنا بمواجهتها منذ عام 2020 بسبب جائحة «كوفيد-19». كما يعيش عالمنا اليوم واقعاً صعباً مع سيطرة التقنيات الحديثة التي تؤثر في مختلف نواحي حياتنا، إلى جانب هشاشة الروابط الاجتماعية العائلية والمجتمعية وهيمنة تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المزعجة؛ الأمر الذي يفرض ضغوطاً كبرى طويلة الأمد على صحتنا العقلية.

وتطلعنا أفريدي عن مدى تأثير أزمة «كورونا» العالمية التي واجهناها على الصحة العقلية وتوضح: برزت أهمية سلامة الموظفين العقلية في قطاع الأعمال لأول مرة في التاريخ، مما دفع الحكومات والشركات للاهتمام بهذه الناحية التي لم تعد تندرج تحت مظلة المشاكل الشخصية وحسب. وعززت أيضاً أزمة «كوفيد-19» إجراء الدراسات التي تربط الصحة العاطفية والعقلية بنجاح الشركات وازدهار الدول.

تبعات الأزمة

تضيف: بعد تواصلنا مع الخبراء من مختلف أنحاء العالم، اتضح أن تبعات أزمة «كوفيد-19» على الصحة العقلية لم يسبق لها مثيل؛ حيث ازداد معدل الإصابة باضطرابات المزاج والقلق، إلى جانب الإدمان والاضطراب والإجهادات النفسية ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى اضطرابات النوم والوحدة والإرهاق، وصولاً إلى العنف الأسري وسوء معاملة الأطفال والمشاكل العاطفية.

وعن الفئات العمرية الأكثر تأثراً بأزمة كورونا العالمية والعوامل المساعدة على تخطي التبعات تقول: خضع الجميع لتأثيرات الجائحة، بدءاً بالأطفال وأهاليهم المضغوطين نتيجة فرض واجبات جديدة عليهم مع أو دون التعليم المنزلي، وصولاً إلى كبار السن الذين انعزلوا خوفاً من العدوى، بالإضافة إلى بقية الأعمار الذين كانوا يجاهدون لمتابعة نواحي حياتهم الطبيعية، بما فيها العمل والتواصل والدراسة من أمام الشاشات؛ حيث شعر من يسكن لوحده بالعزلة، بينما عانى من يسكن مع أفراد آخرين من الإجهاد النفسي. ومكّنت التكنولوجيا الناس من متابعة حياتهم خلال أزمة «كوفيد-19»، في سابقة غير متوقعة للطلاب والموظفين وأصحاب العمل والحكومات، على عكس بقية الأزمات الصحية السابقة التي توقفت خلالها جميع نواحي الحياة لبضعة سنين، الأمر الذي كان صعباً على الجميع.

وتطلعنا د. صالحة على أبرز المشاكل والأعراض المتعلقة بالصحة العقلية خلال أزمة «كورونا»، وكيفية علاجها وتقول: يتعرّف الشخص خلال جلسات العلاج النفسي، التي يمكن حضورها بشكل فردي أو جماعي، على مصادر الإجهاد ومحفزاته العاطفية، بالإضافة إلى تعلّم مهارات التأقلم مع الإجهاد والسيطرة على العادات غير الصحية. كما يستفيد الأشخاص الذين يعانون أعراض القلق والاكتئاب، التي تصعّب عليهم متابعة أنشطة حياتهم اليومية، بما فيها الدراسة أو العمل أو العلاقات الاجتماعية، من العلاج الدوائي إلى جانب هذه الجلسات في بعض الحالات.

5 طرق للمواجهة

تقدم د.أفريدي مجموعة من النصائح إلى البالغين للحفاظ على صحتهم العقلية، وتقول: هناك العديد من الإجراءات أهمها:

1- الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ حيث لا يحظى أغلب الأشخاص بالقدر أو النوعية الملائمين من النوم، ويمكن أن يؤدي انخفاض ساعات النوم عن 7-8 ساعات يومياً إلى خلل بالقدرة على استيعاب المشاعر السلبية خلال اليوم، لأن اللوزة الدماغية، باعتبارها مركز الاستجابة لمصادر التهديد، تزداد نشاطاً بنسبة 60% في تلك الحالة. مع أهمية التعرض لضوء الشمس في الصباح، والتأكد من استخدام واقيات الضوء الأزرق على جميع الأجهزة الإلكترونية، إلى جانب الحد من استهلاك الكافيين بعد الساعة 11 صباحاً، والالتزام بروتين محدد للنوم يضمن الحصول على نوم هانئ.

2- الاهتمام باللياقة البدنية؛ وممارسة النشاطات البدنية حتى عند غياب رغبتهم بذلك، إذ تؤكد الأبحاث أن التمارين الخفيفة تملك تأثيراً مماثلاً لمضادات الاكتئاب دون أي تأثيرات جانبية. ومن المفيد الاهتمام بالصحة العقلية عن طريق اتباع روتين يومي يتضمن نشاطاً بدنياً ل 20 دقيقة صباحاً في الخارج تحت أشعة الشمس.

3- الاهتمام بخيارات الطعام والنظام الغذائي السليم ؛ حيث يتم إفراز قرابة 90% من السيروتونين، الهرمون العصبي الذي يلعب دوراً هاماً بتخفيف اضطرابات القلق والاكتئاب، في الأمعاء؛ وبالتالي يمكننا الافتراض بأن أي اضطراب في جهاز الهضم يؤثر سلباً في الصحة العقلية. مع تناول الأطعمة الطبيعية بدلاً من الأطعمة المعالجة أو غير الصحية.

4- خفض استخدام الأجهزة التقنية؛ فبالرغم من جاذبية تصفح وسائل الترفيه طوال اليوم، إلا أن مواصلة التعرض للأخبار والمحتوى الترفيهي ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تفرض مزيداً من الأعباء على الصحة العقلية. مع أخذ استراحات من هذه الأجهزة، لممارسة بعض الأنشطة التي تدفع على الاسترخاء، مثل مطالعة كتاب، للسماح للعقل باستعادة حيويته ونشاطه.

5- مشاركة الوقت مع الأهل والأصدقاء؛ حيث تمثل الروابط الاجتماعية عاملاً وقائياً من اضطرابات الصحة العقلية. وتتمثل أهمية الروابط الاجتماعية في قدرتها على تخفيف تأثيرات التوتر وشدته في حياة الأفراد. وجدير بالذكر أن علاقات وسائل التواصل الاجتماعي لا تندرج ضمن هذا الحقل، على عكس علاقات الصداقة مع الأشخاص الذين نستعين بهم عند الأزمات ونشاركهم الأفراح والأحزان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"