وقود الحرب

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بمعزل عمن هو المسؤول عن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وأسبابها، إلا أنه كما في كل الحروب، هناك جهة واحدة تدفع الثمن الأغلى، لأنها الأضعف والأقل قدرة على مواجهة نزق وصلف السياسيين الذين يقررون الحرب من دون الأخذ في الاعتبار حجم الكارثة والمآسي التي تحل بالمدنيين.

 أجل، المدنيون هم الذين يدفعون الثمن الفادح من أرواحهم وممتلكاتهم. إنهم وقود كل الحروب التي تقع.

 في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) لقي أكثر من سبعة ملايين مدني مصرعهم، عدا عن تسعة ملايين جندي. وفي الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) بلغ عدد الضحايا المدنيين ما بين 40 و52 مليون نسمة، وبلغت الخسائر بين العسكريين زهاء 25 مليون جندي، أما الحرب الفيتنامية (1955- 1975) فقد التهمت نحو 627 ألف مدني، يضاف إلى ذلك ملايين المدنيين الذين راحوا ضحايا غزو واحتلال أفغانستان والعراق، والحروب الأهلية التي ابتلي بها أكثر من بلد في العالم، من بينها عدد من الدول العربية، إضافة إلى ضحايا الإرهاب الذي يجتاح دولاً عربية، وضحايا التدخلات العسكرية الإقليمية والدولية في بعض الدول العربية.

 في الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا يتكرر المشهد الإنساني إياه، حيث لا يجد المدنيون من خيار سوى الفرار من تحت النار والقصف، طلباً للأمن لهم ولأطفالهم لعلهم يجدون ملاذاً يقيهم الموت، حيث بدأت طوابيرهم تهيم في مختلف الاتجاهات هرباً ما آلة الموت، رغم البرد القارس في مثل هذا الوقت.

 وفقاً لمعلومات غير رسمية فإن نحو 160 ألف مواطن أوكراني لجأوا حتى الآن إلى سلوفاكيا وبولندا ورومانيا ومولدوفا والمجر، في حين تتوقع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين عبور نحو أربعة ملايين لاجئ أوكراني إلى الدول المجاورة في حال تصاعدت المواجهات العسكرية، وهذا يعني أن هناك كارثة إنسانية تتجدد في أوروبا، استمراراً لكارثة اللاجئين التي ابتليت بها عام 1915.

 وعندما ترتفع الأصوات مطالبة بوقف الحرب وحماية المدنيين فلأن المجتمع الدولي والدول المحبة للسلام تدرك تماماً ماذا تعني الحرب، وتعي أن المدنيين هم الضحايا الذين يدفعون أثماناً لحروب لا علاقة لهم بها.

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تحدث خلال جلسة مجلس الأمن الدولي قبل يومين عن صور الرعب والخوف والألم في كل ركن من أركان أوكرانيا، مشيراً إلى أن «الناس الأبرياء يدفعون دائماً الثمن الباهظ.. ولهذا السبب تعمل الأمم المتحدة على توسيع نطاق عملياتها الإنسانية في أوكرانيا وحولها». وأشار إلى أنه تم تخصيص 20 مليون دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين. 

 إن المبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد وعدم الانحياز والاستقلالية واستلهام كل القيم النبيلة، تستدعي العمل على وقف الحرب من خلال المفاوضات والحوار والتوصل إلى حلول وسط، للحؤول دون محرقة جديدة للمدنيين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"