عادي

تعرف إلى رواية بطلها ذئب

20:53 مساء
قراءة دقيقتين
ناب أبيض - غلاف
الشارقة: علاء الدين محمود
العديد من الأعمال الإبداعية الشعرية والروائية والقصصية وغيرها، تعمل على توظيف الحيوانات بصورة رمزية، فالكاتب يمارس عبر ذلك الفعل نوعاً من الإسقاط من خلال مقارنة ما يجري في المجتمع بين البشر والطبيعة، حيث تحضر الحيوانات في أعمال مؤلفين اشتهروا بقدرة عالية في توظيفها بصورة رائعة وسلسة داخل النص.
الروائي والصحفي والناشط الاجتماعي الأمريكي جاك لندن «1876 ـ 1916»، هو واحد من الكتاب الذين أبدعوا بصورة عبقرية في توظيف الحيوانات في أعمالهم السردية، ولعل الظروف القاسية التي عاشها جعلته يتجه في معظم مؤلفاته نحو الرمز في تناول الواقع الاجتماعي، فقد تجرع مرارة الحياة، وامتهن أعمالاً مختلفة، في: الصحافة، والبحر، والمناجم، ويقال إنه قد انتحر بسبب الأزمات التي مر بها.
رواية «ناب أبيض»، كتبها لندن سنة 1906،، وشخصيتها الرئيسية هي ذئب بري، يقدّم خلالها الكاتب رؤية فلسفية واجتماعية ويمررها بصورة سلسة، فالرواية تعبر عن وجهة نظر الذئب والذي سيتحدث من خلال أحداث العمل ومنعطفاته عن رؤية الحيوانات للعالم الذي تعيش فيه وكذلك نظرتها للبشر، ويعمل الكتاب بصورة أساسية على دراسة العنف داخل عالم البرية وحياة البشر التي تماثله في النزوع نحو العنف، فالمؤلف يريد أن يقول إن الشر ليس حكراً على الحيوان فقط، وتتناول الرواية كذلك موضوعات معقدة كالأخلاق والفداء وغيرها من القيم.
تدور أحداث القصة في مقاطعة «يوكون» في كندا، خلال حمى التنقيب عن الذهب في تسعينات القرن التاسع عشر، وهي تتابع مسار ذلك الذئب في حيوات مختلفة من البرية، حيث عاش في ظل ظروف صعبة وقاسية، إلى أن قرر بكامل وعيه أن يغير من طريقة حياته تلك بأن يجرب العيش مع البشر، وفي البدء يبتاعه رجل يقوم باستعماله في قتال الكلاب حتى الموت كسباً للمال، وبعد تلك التجربة الصعبة يقوم أحد الباحثين عن الذهب بإنقاذه، ليمنحه فرصة جديدة لحياة مختلفة، ليظل الناب نائماً داخل الذئب، بفضل الرفق والتعاطف البشري.
الرواية تعكس الكثير من وجهات نظر الكاتب الكبير الذي اشتهر بالانحياز للفقراء والقابعين في أدنى درجات السلم الاجتماعي، وقد لقيت شهرة وصدى كبيراً في كل العالم، رغم أنها ليست التجربة الأولى للمؤلف في كتابة قصة بطلها حيوان، إذ كان له عمل آخر بطله كلب أليف يتم اختطافه فيتتبع غرائز أسلافه البريين، لكي يبقى على قيد الحياة وسط الأحراش، ويرى بعض النقاد أن الرواية عبارة عن سيرة ذاتية رمزية تستند إلى التحوّل الذي طرأ على المؤلف نفسه، من مراهق خارج على القانون إلى رب أسرة، يمتهن الكتابة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"