عادي

«ردع نووي» و«صراع سيبراني».. هل نعيش أجواء «الحرب العالمية الثالثة»؟

18:07 مساء
قراءة 4 دقائق
أوكرانيا
إعداد: وائل الغول
استدعاء لقوى الردع النووي، وانتشار لفيديوهات مفبركة، وتداول لأخبار مغلوطة، وحرب «سيبرانية» في الفضاء الرقمي، أجواء تكاد تطابق تلك التي عاشها العالم في حقبة «الحرب الباردة»، في ظل التصعيد المستمر بين المعسكرين الروسي من جانب، والأمريكي -الأوروبي من جانب آخر، فما سيناريوهات هذا التصعيد؟
هل تحدث المواجهة المحظورة؟
الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، أمر بوضع أسلحة الردع بما فيها النووية في حالة الاستنفار القصوى، فيما كشف أعلى مسؤول أمريكي عن الأسلحة النووية، عدم وجود تغييرات مطروحة على وضع أسلحة الدمار الشامل.
لكن يبقى التخوف الأبرز، هو خوض الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من دول الناتو، حرباً مباشرة مع الدب الروسي، فيما يصفه البعض بـ«الحرب العالمية الثالثة»، ويجزم الكل أنها ستكون «حرب النهاية» التي تهدد وجود الجنس البشري.. فهل يمكن أن يحدث ذلك؟
الصراع قائم منذ 15 عاماً
الدكتور عمرو الديب مدير مركز خبراء «رياليست» الروسي، يقول إن هناك مستويات عدة للصراع الروسي الأمريكي، بداية من السياسة والتسليح العسكري والتقني، مروراً بالاقتصاد والدبلوماسية، وصولاً إلى المجال الرياضي.
وأضاف الديب في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن قوة ذلك الصراع قد زادت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، مشدداً على أن أهم عناصر ذلك التنافس هو الصراع الاستخباري.
وأوضح أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا لديهما أجهزة استخباراتية قوية، ولديها خبرات غير محدودة في مجالات أعمالها.
وتابع مدير مركز خبراء «رياليست»، قائلاً: «ننتظر اشتداد الحرب الاستخباراتية بين القوتين العظميين، بداية من معرفة أدق الأسرار العسكرية التقنية لدى كل جانب، ختاماً بالقدرات الاقتصادية والتجارية.
وأشار الديب إلى أن هذا التنافس الاستخباراتي لا يتوقف عند حدود أوكرانيا فقط، معتبراً أن «كييف» نقطة ساخنة واحدة من ضمن العديد من النقاط الساخنة بين موسكو وواشنطن.
وشدد مدير مركز خبراء «رياليست» على أن الصراع الاستخباراتي الأمريكي الروسي، سيمتد في كل المناطق التي تجمع مصالح هاتين القوتين.
ويرى مدير مركز خبراء«رياليست»، أن الحرب الباردة بالفعل بدأت منذ خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر الأمن في«ميونيخ«عام 2007، عندما وقف متحدياً العالم أحادي القطب- على حد وصفه.
وأوضح الديب أن البداية الحقيقة للحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، كانت مع انطلاق شرارة الأزمة الجورجية عام 2008م، وما عرف بثورات الربيع العربي التي عارضتها روسيا.
وشدد الديب، على أن العالم يعيش أجواء تلك الحرب الباردة منذ 15 عاماً، لكن يبدأ الشعور الحقيقي بذلك وقت الأزمات فقط.
روسيا تتفوق نووياً
والتكنولوجيا كلمة السر الأمريكية
من جانبه يشير عمرو جوهر، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المقيم في»واشنطن«، إلى وجود فروق واضحة في ميزان القوى العسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
وأوضح جوهر في تصريحات خاصة لـ»الخليج«، أن ميزانية القوات المسلحة الأمريكية تبلغ 1150 مليار دولار بينما تبلغ ميزانيه القوات المسلحة الروسية 66 مليار دولار فقط.
وأضاف أن هذه الفجوة الهائلة تعطي تفوقاً عسكرياً كبيراً للولايات المتحدة منفردة، موضحاً أن وجود جيوش حلف الناتو إلى جانب الولايات المتحدة فإن روسيا ستكون في منتهي الضعف- على حد وصفه.
وكشف جوهر أن روسيا تتفوق على الولايات المتحدة في عدد الرؤوس النووية، مشيراً إلى أن روسيا تمتلك 6500 رأس نووي بينما تمتلك الولايات المتحدة 6185 رأساً فقط.
واعتبر المحلل السياسي المقيم في واشنطن، أن التخوف الأمريكي الوحيد من روسيا يتمثل في ترسانة الأسلحة النووية والكيمياوية الروسية، والذي قد تستخدمها موسكو في حال خوضها حرباً موسعة، معتبراً أن تلك الترسانة تشكل رادعاً كبيراً للولايات المتحدة وحلف الناتو.
واعتبر عمرو جوهر، أن الحرب الباردة بين القوتين العظمتين، في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لتفوقها تكنولوجياً على روسيا.
وأشار إلى أن واشنطن تمتلك 485 قمراً صناعياً مخصصاً لجمع المعلومات حول العالم، بينما تمتلك روسيا 71 قمراً صناعياً فقط، معتبراً ذلك مؤشراً على التفوق الاستخباراتي لصالح الجانب الأمريكي.
حرب افتراضية
لكن يبدو أن أدوات الحرب الباردة قد تغيرت خلال العصر الحالي، نتيجة التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى ظهور نوع جديد من الحروب الباردة، لا تعتمد على العملاء والجواسيس فقط، لكن سلاحها قد يكون شاشة الهاتف، وساحتها الفضاء السيبراني، فما هي«الحرب السيبرانية»؟
الحرب السيبرانية
تعد إحدى أخطر الحروب الإلكترونية التي يمر بها العالم الحديث، وأكثرها دماراً، وتتمثل الحرب السيبرانية، في هجمات إلكترونية بقيادة عسكرية تقوم باختراق الأنظمة الإلكترونية العالمية وكل ما يعتمد على التكنولوجيا، لتضر بالحواسيب والأجهزة التي تستخدم شبكة الإنترنت العالمية والتي قد تفضي إلى نتائج كارثية، مثل سرقة بيانات خاصة، وغيرها من الكوارث التي قد تكون عالمية مثل الحروب النووية وغيرها.. فهل نعاصر حالياً «حرباً سيبرانية» حقيقية بين أبناء العم سام والدب الروسي؟
قدرات سيبرانية روسية
الدكتور يسري العزباوى، باحث رئيسي في مركز «تريندز للبحوث والاستشارات»، يرى أن هناك حرب شائعات وتجنيد عملاء وجواسيس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، منذ سنوات طويلة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن تلك الحروب تستهدف التأثير في الجمهور والرأي العام داخل الدول المستهدفة، وكذلك إضعاف الروح المعنوية لدى الجيوش فيما يسبق التحركات العسكرية الميدانية.
وأوضح الباحث الرئيسي بـ«تريندز»، أن أدوات تلك الحرب النفسية تطورات في الوقت الحالي نتيجة التطور التكنولوجي لدى القوتين العظميين، مشيراً إلى أن كلاً من الولايات المتحدة وروسيا لديهما خبرات طويلة في ما يخص حرب الشائعات والحرب النفسية، وكذلك «الحرب السيبرانية» والتي ظهر التفوق الروسي فيها مؤخراً على عدة صعد.
ويري العزباوي أن هذا التفوق الروسي ظهر جلياً في الاختراق السيبراني لموقع البرلمان الأوكراني وعدة مؤسسات أوكرانية، قبل الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
وأوضح الباحث بـ«تريندز»، أن روسيا استخدمت قدراتها السيبرانية في التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، مستشهداً بالتحقيقات التي جرت داخل الكونجرس مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
الحقائق السابقة، تثير المزيد من التخوفات حول وقوع حرب موسعة شاملة، لن تكون ساحتها فقط الأراضي الأوكرانية، ولن يكون أقصى التخوفات خلالها من استخدام أسلحة تكنولوجية، لكنها قد تكون حرب نووية شاملة، تفنى البشرية، سواء على أرض ساحة المعركة، أو الساحة الافتراضية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"