عادي
«المبادرة المتوقعة»..

كيف ستقود الإمارات جهود «مجلس الأمن» لحل الأزمة الروسية الأوكرانية؟

18:25 مساء
قراءة 6 دقائق
إعداد: وائل الغول
في ظل أحداث عصيبة يمر بها العالم، وأزمة سياسية ودبلوماسية تعانيها كل بقعة على وجه الأرض بلا استثناء، تسلمت دولة الإمارات، فترة رئاستها لمجلس الأمن الدولي، التي تستمر طوال شهر مارس الجاري، وسط تفاؤل دولي بقدرة الإمارات على إدارة عمل المجلس بطريقة مؤثرة وفعالة تسهم في بناء جسور الحوار والعمل الدبلوماسي لتعزيز الاستقرار والسلم العالميين.
ووفقاً لخبراء التقتهم «الخليج»، فإن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من الأزمة الروسية الأوكرانية جاء متوازناً، فهو ينطلق من عدة عوامل رئيسية، وهي ضرورة حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية، وخفض التصعيد ومنع انزلاق الصراع إلى وضع مهدد للأمن والسلم الدوليين، واللجوء للحوار والقنوات الدبلوماسية لحل الأزمة، وهو ما يمكنها من وضع حلول حقيقة للأزمة المتصاعدة.
مبادرة إماراتية متوقعة
وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور عماد جاد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تطور الأزمة الروسية الأوكرانية يمثل خطراً شديداً على الأمن والاستقرار الدوليين، في ظل تصاعد الخلافات الروسية الغربية والاندفاع الغربي لفرض عقوبات شديدة على «موسكو»، الأمر الذي يدفع الروس لاتخاذ مواقف متشددة.
وأضاف جاد في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن في ظل رئاسة الإمارات لمجلس الأمن خلال شهر مارس الحالي، سيكون للدبلوماسية الإماراتية دور كبير في نزع فتيل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى أن دولة الإمارات تحظى بثقة طرفي الأزمة، ولديها قدر كبير من المصداقية بين طرفي الصراع، وهو ما يمكنها من إجراء اتصالات دبلوماسية مع روسيا وأوكرانيا.
وتابع جاد قائلاً «الإمارات دولة محايدة لديها نموذج عالمي في التعايش بين مختلف الأديان والأعراق والجنسيات، وتستضيف على أرضها أكثر من ٢٠٠ جنسية لا تفرق ولا تميز بين أي منها، واستضافت خلال السنوات الماضية العديد من المؤتمرات الدولية التي تدعو للتعايش السلمي بين مختلف الشعوب بمختلف خلفياتها».
وأشار مستشار مركز الأهرام للدراسات إلى أن المقومات الدبلوماسية السابقة، تمكن دولة الإمارات من طرح وتبنى مبادرة رسمية واضحة من خلال مجلس الأمن، لنزع فتيل الأزمة بين الطرفين، على أن تستضيف تلك المفاوضات العاصمة الإماراتية «أبوظبي».
وأوضح جاد، أن المبادرة الإماراتية المتوقعة ستكون متوازنة، فهي ستأخذ المخاوف الروسية بعين الاعتبار، وستأخذ المصالح الأوكرانية أيضاً بعين الاعتبار.
وعن المبادرة المتوقعة، يقول مستشار مركز الأهرام للدراسات، المبادرة قد تشمل عدة محاور، بأن تكون أوكرانيا «دولة محايدة» بين معسكري الشرق والغرب فلا تنضم للناتو كمؤسسة عسكرية لكن هذا الطرح لا يمانع أيضاً انضمام «كييف» للاتحاد الأوروبي لأنها منظمة اقتصادية، وهذا الأمر لن يثير حفيظة روسيا.
وتابع قائلاً«المبادرة ستشمل الحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية»، مضيفاً أن بعد التوصل لاتفاق من هذا النوع ترفع كافة العقوبات عن روسيا الاتحادية، مشدداً على أن المبادرة الإماراتية المتوقعة ستكون متكاملة وتحقق ما عجزت عن تحقيقه دول كثيرة.
رصيد تاريخي وإنساني في نشر السلام
فيما يقول الدكتور يسرى العزباوي، الباحث الرئيسي بمركز «تريندز» للبحوث والاستشارات، إن ترؤس الإمارات لمجلس الأمن يأتي في فترة هي الأكثر تعقيداً وحدّة على المستوى الدولي، وفي ظل أزمة معقدة لم يشهد النظام الدولي لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، خاصة في ظل التهديدات الروسية باستخدام السلاح النووي، واستمرار تدفق الأسلحة النوعية الغربية إلى أوكرانيا.
وأضاف العزباوي في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أنه رغم تلك المعوقات ما زالت الإمارات تبذل قصارى جهدها من أجل الوصول إلى حل سريع وعاجل للأزمة من أجل حماية أرواح المدنيين، ووقف الحرب على وجه السرعة، مشيراً إلى أن الجهود الدبلوماسية الإماراتية تلعب دوراً كبيراً في محاولة حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار العزباوى في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، إلى الاتصال الذي تم بين سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أكد الشيخ محمد بن زايد خلاله ضرورة «حل الأزمة سلميًا».
وتابع الباحث الرئيسي بـ«تريندز»، قائلاً «تكللت تلك الجهود بتصويت الإمارات بالموافقة على اعتماد الجمعية العامة الأمم المتحدة في جلستها الطارئة على قرار يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ويطالب روسيا بالكف عن استخدام القوة العسكرية.
وأشاد العزباوى بالجهود الدبلوماسية الإماراتية في حل الأزمة الروسية الأوكرانية، قائلاً«الجهود الإماراتية تميزت بالسرعة والتدرج في مطالبتها بالتهدئة والتأكيد على مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، ومطالبة جميع الأطراف بالجلوس على مائدة المفاوضات».
وتابع قائلاً« موقف دولة الإمارات يتماشى مع مواثيق وقوانين الأمم المتحدة، وينسجم مع مبادئ الخمسين التي أصدرتها دولة الإمارات في أكتوبر٢٠٢١، والتي ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي لدولة الإمارات للخمسين سنة المقبلة.
وأشار الباحث الرئيس بمركز «تريندز» إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمتلك رصيداً تاريخياً وإنسانياً كبيراً في نشر السلام وترسيخ الاستقرار الدولي، وهي مؤهلة لأن تلعب دوراً كبيراً في تسوية الأزمة الحالية، وإقرار السلام بين الدولتين، وأيضاً بين روسيا والعالم، وهي بالفعل بدأت تتحرك سريعاً في هذا المضمار.
وشدد على أن دولة الإمارات تمتلك خبرات دبلوماسية سابقة في الوقت القريب، حيث نجحت في تسوية الخلافات الأثيوبية الارتيرية، والتي كانت تعد من أكثر الأزمات الإفريقية تعقيدًا.
حل سياسي متوازن
ويتفق معه الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي للدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في ألمانيا، فيقول إن ترأس دولة الإمارات مجلس الأمن خلال مارس الحالي، يعزز من مكانة دولة الإمارات الدبلوماسية، ويعطيها فرصة أكبر في إيجاد حلول دبلوماسية في الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأكد رئيس المركز الأوروبي في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن دولة الإمارات لديها رغبة حقيقية في إيجاد الحلول السياسية للأزمات، وكذلك خلق توازنات من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار الدولي، ولذلك فهي تعمل من أجل تشجيع أطراف النزاع في أوكرانيا على إيجاد حوار متزن وإيجابي.
وأضاف أن الإمارات تمتلك تاريخاً حافلاً في نشر السلام وترسيخ الاستقرار، وكان لها خطوات استباقية في إيجاد معالجات للنزاعات الدولية، لذلك فهي تتمتع بعلاقات جيدة مع جميع أطراف الأزمة سواء موسكو أو كييف أو حتى واشنطن.
وشدد رئيس المركز الأوروبي على أن العلاقات الوطيدة التي تجمع الإمارات بأطراف الأزمة تمكنها من لعب دور الوسيط في إيجاد حلول ومخرج لأزمة روسيا أوكرانيا، مشيراً إلى أن الإمارات تمتلك كذلك ثقلاً سياسياً واقتصادياً كبيراً بصفتها دولة رائدة على المستوى الإقليمي والدولي.
خبرات دبلوماسية سابقة في حل الأزمات
وفي سياق متصل، أكدت نادية التركي، رئيسة الأكاديمية الدولية للإعلام والدبلوماسية في لندن، أن دولة الإمارات تمتلك تاريخاً حافلاً في نشر السلام وترسيخ الاستقرار حول العالم، زودها بخبرات كبيرة، تؤهلها للتدخل والوساطة عبر حلول دبلوماسية واقعية تحل الأزمات لا تعقدها.
وأضافت التركي في تصريحات لـ«الخليج»، أن ترؤس الإمارات مجلس الأمن خلال شهر مارس الحالي، يأتي في وقت تشتد فيه الأزمة بين «موسكو» و«كييف»، لكن «أبوظبي»، تمتلك علاقات قوية وصداقة مشتركة مع كل من روسيا وأوكرانيا، وهو ما يمكنها من فتح قنوات حوار ووساطة لحل الأزمة دبلوماسياً في أسرع وقت ممكن.
وتابعت قائلة «موقف الإمارات الأخير فيما يخص الأزمة الروسية الأوكرانية، جاء متوازناً دبلوماسياً ويحمل أبعاداً إنسانية تراعي في المقام الأول مصلحة وأمن المدنيين في الجانبين الروسي والأوكراني، ويوجه دعوة للطرفين إلى احترام وتطبيق القوانين الدولية».
وأشارت رئيسة الأكاديمية الدولية للإعلام والدبلوماسية في لندن، إلى أن دولة الإمارات استطاعت سابقاً حل عدة أزمات دبلوماسية وسياسية عصية، وعلى رأسها المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا، والوساطة بين الهند وباكستان.
وسيط دبلوماسي وسياسي ناجح
من جانبها أشارت سمية عسلة، الباحثة بمعهد البحوث والدراسات العربية، إلى أن الدبلوماسية الإماراتية المتوازنة ظهرت جلية خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث اعتبرت الإمارات أن تأييد طرف على حساب الآخر يؤدي فقط إلى «المزيد من العنف».
وأضافت في تصريحات خاصة لـ«الخليج» أن سياسة دولة الإمارات اتسمت دائماً بتفعيل القوة الناعمة والحلول السياسية والدبلوماسية لتجنب الحرب والنزاعات في المنطقة، مؤكداً أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، أرسى دعائم تلك السياسة المتزنة.
وأكدت الباحثة بمعهد البحوث والدراسات العربية، أن دولة الإمارات تمتلك سجلاً حافلاً في النجاح كوسيط لحل الأزمات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"