«٢٤ قيراط»

23:10 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

قلبه من ذهب، موهبته لا تقدر بثمن، معدنه أصيل.. صفات كثيرة يطلقها الناس على الفنان الذي يحبونه وترتبط في الأغلب بالجوهر والمعدن الذي إذا كان أصيلاً يشبهونه بالجواهر والذهب والألماس وكل ما هو ثمين. وصاحب الموهبة الحقيقية الأصيلة لا يقيّم نفسه إلا من خلالها، ولا يحب أن يبرز الناس أي تفاصيل عن حياته الخاصة، فيقدموها على موهبته وأعماله، فتصير هي حديث الصحافة والجمهور، فيشعر الفنان الحقيقي بأن ما يقدمه غير كافٍ وهناك خلل ما.

ما نراه اليوم لدى فئة من الفنانين لا يعكس سوى الفقر في الموهبة وفي «الأصول»، فإذا كان القول السائد إن الغنى الحقيقي هو غنى النفس، فإن الغنى الحقيقي في الفن؛ هو غنى الموهبة المتأصلة في روح الفنان والتي تحركه لتكون هي مصدر شهرته، وسبب حب الناس له، ولا ينشغل بالقشور، فيصير عبداً لها وللمال الذي هبط عليه بسبب الشهرة.

موهبة أصيلة «٢٤ قيراط»، من يملكها يكتفي بها ولا يبحث عن معجون أسنان وفرشاة من ذهب عيار 24 قيراطاً، ليتباهى بهما على وسائل التواصل، فيثير ضجة، ويصبح مجدداً «ترند».

طبيعي أن يتحول معجون أسنان محمد رمضان إلى رقم واحد في محرك البحث على «جوجل»، بعد أن أثار فضول الناس، فسارعوا إلى السؤال هل هذا المعجون حقيقي أم خدعة؟ وطبيعي أن يتناقلوا المعلومة حول سعره (1700 جنيه) ومصدره من سويسرا وكل التفاصيل عنه وعن الفرشاة المطلية أيضاً بالذهب، إنما السؤال المهم: لماذا يشعر محمد رمضان بكل هذا الفراغ، وبأن نجوميته بهتت والشهرة تتسرب من بين يديه، فيشغل باله طوال الوقت بالتفاهات، ليثير فضول الناس ويعود إلى الأضواء، مرة بصور من طائرته الخاصة، ومرة بالرقص مع المضيفات، ومرة برمي الفلوس، وأخيراً ولن يكون الأخير بفيديو من حمامه، وهو ينظف أسنانه بمعجون أسنان من الذهب عيار 24؟

 لا عفوية ولا بساطة أو براءة في هذه التصرفات، حر هو في العيش ببذخ، وبصرف أمواله كيفما يشاء، لكن كل فنان يجب أن يكون مسؤولاً عن تصرفاته أمام الناس، وعن كل كلمة يقولها أو رسالة يوجهها سواء من خلال الصحافة والإعلام أو من خلال صفحته الخاصة على التواصل الاجتماعي؛ ومحمد رمضان يتصرف بغرور كمن يقول للناس: «انظروا أنا كنت فين وبقيت فين»، سقط في فخ الثراء والشهرة، فصار المال ولمعان الذهب أهم من بريق الفن والموهبة، حتى إنه لم ينشغل أو يحاول تطوير أدواته وتثقيف نفسه والارتقاء إلى مستوى الفنانين الأصليين؛ لذا نرجوكم أن توقفوا النغمة العزيزة على قلب محمد رمضان والتي لعب عليها كثيراً بتشبيهه بالراحل الكبير أحمد زكي، فشتان بين عبقري لا تقدر موهبته بثمن، وعاش ومات مشغولاً بالفن والثقافة والكلمة، وممثل يتباهى بمعجون الأسنان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"