عادي
«لقاء مارس» يناقش «متحورات ما بعد الاستعمار»

حور القاسمي تؤكد دور الفن في فهم التاريخ

23:31 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود
انطلقت صباح أمس جلسات النسخة ال 14 من «لقاء مارس»، الذي نظمته مؤسسة الشارقة للفنون في معهد الشارقة للفنون المسرحية، وذلك بحضور رئيسة المؤسسة الشيخة حور القاسمي، وكان اللقاء قد تزامن مع مشاركات من الخارج عبر منصات إلكترونية، وستستمر فعاليات اللقاء حتى السابع من شهر أغسطس.

بداية رحبت الشيخة حور القاسمي بالحضور والمشاركين في «لقاء مارس» و«معارض الربيع»، وتحدثت عن أهمية قضية متحورات ما بعد الاستعمار وتأثيراتها العالمية، مشيرة إلى أن معارض الربيع لهذا العام تحتوي على أعمال فنية وجمالية تتناول ما بعد الاستعمار من أجل فهم التاريخ وكذلك الجهود التي تعكس أهمية الفنون وعمل المؤسسات حول العالم ومن ضمنها مؤسسة الشارقة للفنون، موضحة أن هذه النسخة من اللقاء تتضمن مجموعة متنوعة من المشاركين لمعاينة الإرث المتواصل للاستعمار وتأثيره الملموس في مجال الممارسات الفنية والثقافية.

الجلسة الأولى جاءت بعنوان «ضرورات إعادة تصور ما بعد الاستعمار»، تحدثت فيها غاياتاري شارافورتي سييفاك، أستاذة الإنجليزية والأدب المقارن بجامعة كولومبيا، وأشارت إلى أهمية أن تتهيأ العقول من أجل الوقوف ضد الفترة الاستعمارية وتداعياتها وأثرها، وكذلك مواجهة الليبرالية العالمية الجديدة.

ووصفت غاياتاري تلك الليبرالية المعولمة الجديدة بأنها قد تحولت إلى نوع من الاستعمار وأداة رئيسية للاستغلال والتبعية والقمع الأيديولوجي، مشيرة إلى ضرورة إعادة تصور ما كانت عليه الفترة الاستعمارية والعلاقة بها، ودفعت غاياتاري بأسئلة صارخة حول موضوع الاستعمار مثل: «هل بدأت علاقة الهيمنة والسلطة مع نشوء المستعمرات؟ وهل ما تزال مهمتنا تقتصر على إبطال آثار الاستعمار؟، هل نحن لا شيء سوى كوننا منتجاً ما بعد الاستعمار؟»، وتؤكد غاياتاري أن جشع الإنسان يدمر كل شيء مما يتطلب ضرورة تغيير طريقة التفكير.

وأشارت إلى أن هناك نوعاً من التواطؤ مع المستعمر في طريقة التفكير التي تسود في الغرب، والبعض قد تعامل مع الاستعمار وإرثه بطريقة متطرفة على نحو ما فعل رئيس زمبابوي السابق روبرت موغابي، مؤكدة أن الاستعمار هو الذي أتاح مثل هذا التطرف المضاد وهو المسؤول عنه.

الشعوب التابعة

وتناولت غاياتاري قضية الشعوب المستعمرة التابعة؛ والتي يسلب منها حق تمثيل نفسها، وأكدت أن وعي التابع ينتمي إلى تأثيرات النخبة، فهي التي تصوغه بسبب نفوذها وهيمنتها، الأمر الذي يصعب معه استعادة صوته الحقيقي، وأن هناك بلداناً عاشت فترات طويلة من الاضطهاد، وأنه من الضروري مكافحة الأثر الاستعماري، وأن تتحدث البلدان التابعة، التي تعرضت للتجربة الاستعمارية بلغتها الأصلية وليس لغة المستعمر لكي تفصح عن نفسها ووجودها.

وعبرت غاياتاري عن أسفها لقيام البعض بتفسير الاستعمار كتواريخ موجودة في الكتب فقط، من دون معرفة بالأثر الماثل الذي مازال يلقي بظلاله الوخيمة على المجتمعات المستعمرة، ودعت إلى ضرورة الوقوف ضد تلك الآثار، وضد الاستعمار الجديد الذي تمثله العولمة. وضربت مثلاً بالأمريكان الأصليين في الولايات المتحدة، وأكدت أن الاهتمام بأدب تلك المجموعات وإبراز فولكلورها يجب أن لا ينسي الناس عملية التطهير العرقي التي جرت وسط المجموعات السكانية الأصلية، كما أن العالم الغربي مطالب بتغيير طريقة تفكيره حتى يدرك أن بقية البشر لا يقلون عنه أهمية، ولفتت إلى أهمية أن تقدم الخدمات والعون للسكان الأصليين فهم لديهم كلمة في ما يجري في العالم.

الفصل العنصري

الندوة الثانية جاءت بعنوان «بنية ديمومة اللامساواة... الاستعمار الاستيطاني والتفرقة والفصل العنصري»، وتحدثت فيها نورا عريقات وهي محامية في مجال حقوق الإنسان، وتناولت قضية غياب المساواة والتي تسببت على مدار التاريخ في نزوح السكان الأصليين والرازحين تحت قبضة الاحتلال، وأشارت إلى أن بعض الدول وليدة سياسات الدولة الاستعمارية وأنظمة الفصل العنصري، محمية بالأطر القانونية المهيمنة التي تبررها وتجعلها جزءاً طبيعياً من الحياة اليومية، كما تناولت عريقات مسؤولية الدراسات ما بعد الاستعمارية، ونظرية الاستعمار الاستيطاني، وتحدثت عن الأنماط الأدائية والأدبية والبصرية وما يرتبط بها من آفاق وجماليات، حيث تعمل تلك الأنماط على تعميق وتعزيز فهم السياسات الاستعمارية والعولمة وموروثاتها وأوجه مقاومتها.

وحملت الجلسة النقاشية الثالثة عنوان «الهجرات إلى الشمال والترحيل القسري والممر الأوسط الجديد»، وتناول المشاركون بعض مظاهر الاحتفاء التي تظهره المؤسسات الغربية مؤخراً تجاه المواهب المنحدرة من الجنوب من فنانين ومبدعين وكتاب، مشيرين إلى أن ذلك الأمر يمثل تناقضاً صارخاً مع تصعيد سياسات كراهية الأجانب ومكافحة الهجرة في أوروبا وأمريكا الشمالية، فيما حملت الجلسة الرابعة عنوان «بنية ديمومة اللا مساواة... الأصالة والسيادة»، وتناولت ما جاء في إعلان الأمم المتحدة بشأن حق الشعوب الأصيلة، وبروز مفاهيم مثل «السيادة»، و«حق تقرير المصير».

تغيير الأفكار

شددت غاياتاري على أن عملية تغيير العقول والأفكار هي مسألة غاية في الصعوبة، وأشارت إلى الدور الذي يجب أن يمارسه مدرسو العلوم الإنسانية وبعض المؤسسات الثقافية والفكرية حول العالم، موضحة أهمية أن تقوم تلك الجهات بتدريب الناس على تغيير أنماط التفكير وأن هذا الأمر يجب أن يدرس في المؤسسات التعليمية، وأن يفرض في المجتمعات بدءاً من النخبة إلى الطبقات الشعبية، وأكدت أن الشعوب التي تعرضت للتجربة الاستعمارية تمتلك كما غيرها حسّاً ومعرفة بحقيقة العالم، وأوضحت من خلال لقاءاتها مع مجموعة من الناس البلدان التابعة، أنهم لم يتلقوا تعليماً لكنهم لم يفقدوا القدرة على التخيل، وهم يعرفون جيداً ما يحدث من حولهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"