وقت للقراءة وآخر للكتابة

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

الكتابة عن القراءة وثقافتها وأثرها النفسي والروحي في كينونة الإنسان تستدعي، في الوقت نفسه الكتابة عن الكتابة، ولعل كتاب «حياة الكتابة» الذي أعده ونقله إلى العربية بلغة حميمية مشرقة الكاتب السعودي عبدالله الزماي يوفّر للقارئ أسراراً لم نكن نعرفها حول الكتب التي قرأناها وأحببناها، ومكثت في مكتبات بيوتنا؛ بل وسافرت معنا إلى بلدان بعيدة؛ وإذ لهذه الكتب قصص وحكايات تعطيها مزيداً من الألق الذي عرفناه فيها في أثناء القراءة.
يروي إداوردو غاليانو، كما جاء في كتاب «حياة الكتابة» (دار مسكيلياني، تونس، الطبعة الأولى 2018) أن كتابه «الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية» جرى ترشيحه لإحدى الجوائز في كوبا في عام 1971، لكن الكتاب لم ينل الجائزة «لأن لجنة التحكيم اعتبرته غير جدي بما فيه الكفاية»، ويضيف غاليانو، أن الكتاب في وقت لاحق جرى حرقه «لأن الديكتاتوريات العسكرية التي بسطت سلطتها في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية اعتبرته خَطِراً جداً..».
لكن الأغرب من هذه الحكاية على الرغم من الرعب الذي يتسلل إليك من مجرد القراءة عن حرق كتاب هو ما رواه غاليانو عن كتابه «كرة القدم في الشمس والظل».. الكتاب الذي أنقذ حياة عضو سابق في الكونجرس المكسيكي «فيكتور كوينتانا»، فقد أخبر هذا غاليانو أنه قتلة مأجورين اختطفوه، وطرحوه أرضاً وأخذوا يركلونه حتى شارف على الموت، وقبل أن يجهزوا عليه برصاصة أخذ القتلة يتناقشون حول كرة القدم، فأخذ كوينتانا المطروح أرضاً يروي للقتلة قصصاً من كتاب «كرة القدم في الشمس والظل»، وفي الأخير، تركه القتلة.
الروائية التركية أليف شفق تخبرنا عن نهمها في القراءة:.. «.. قرأت بنهم وعاطفة وشوق، قرأت بلا هدى أو مخطط أو نموذج يُحتذى به. رحت اقرأ أي شيء أعثر عليه وأعيد قراءته..».
«.. لا شيء أكثر من الكتابة يجعل روحي تُغنّي. الكتابة تجعلني أشعر بأنني شابة، قوية، جبّارة، وسعيدة..»، تقول الروائية التشيلية «ايزابيل الليندي»؛ بل، أكثر من ذلك، تتحدث عن الكتابة كما لو أنها تتحدث عن زوج تحبه.
الروائي البريطاني (من أصل ياباني) «كازو إيشيغورو» الحائز نوبل في 2017، يرى أن هناك إجماعاً من الروائيين على أنه بعد أربع ساعات أو ما شابه من الكتابة المستمرة تتناقص مردودية العمل»، وشخصياً اتفق مع هذا الرأي؛ بل أن ثلاث ساعات تكفي للجلوس إلى الورق والقلم أو جهاز الكمبيوتر، غير أن وقت القراءة يختلف كلياً عن وقت الكتابة. هناك من يقرأ لأكثر من ست ساعات متواصلة، فتتزايد مردودية عمله.
ولكن، أخيراً، هل يمكن لكتاب تصطحبه معك في رحلة سفر أن يبعدك تماماً عن مخاوف الطيران وسقوط الطائرات..؟.. هذا ما كان يفعله أحد أصدقاء الروائي البيروفي «ماريو فارغاس يوسا».. «.. لأن الحدس والخيال والجنون أخبروه بأن هذا الطلسم الروائي يُبقي الطائرات سالمة..».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"