المستقبل لمن يحلم

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

في قانون الكون ومنذ نشأة الخليقة، كان الإنسان يتطلع لاكتشاف الكون، ليعرف خبايا الملكوت، ويتدارس تفاصيله المبهمة، فيجرد الغموض الذي يلف كل شيء؛ بدءاً به وبما حوله من سماوات وبحار وأراضٍ تدور، وكواكب تلف في المدارات، وشمس مضيئة بعيدة، ومجرات تبعد آلاف الكيلومترات، وسحب تحمل ركاماً، ورياح تسير وتحيل الهدوء صخباً. فضول الإنسان، حمله من الظلمات إلى النور بمشيئة الله، فأصبح المستقبل لا تعريف له ولا زمن أو إحداثيات، لكل مستقبل يرسمه، يحلم به ويحققه، حتى إذا أصبح عند العتبة، أدرك أن الماضي الذي غدا أمس، فتجرد منه وأطلق العنان لأن يطرق كلمة «المستقبل» من جديد.
من خلال الصور التي نتطلع إليها في كل الإنجازات المبهرة حولنا، ندرك قيمتها وجوهرها، ونعرف أن ما نراه واقعاً اليوم هو تجربة معقدة في تفاصيلها، فمؤخراً: افتتح سفاري الشارقة، افتتح متحف المستقبل، انطلقت أفكار لمشاريع جديدة ل«مركز محمد بن راشد للفضاء لاستكشاف القمر»، تحول جزء من العالم إلى طبوغرافيا مختلفة؛ بسبب قرارات بعض القادة، لا تزال «ناسا» تبحث عن مهمات المريخ، الشعوب كلها في يومها وساعتها تطلق الرؤى والمشاريع، كلها تنصب في اختيارنا كيف نريد للمستقبل أن يكون واقعاً من أصل حلم تخيلناه.
أصحاب أحلام المستقبل هم المتفانون في الحياة، هم المدركون أن ذرات الكون كثيرة لا تحصى، وما يملكون من وقت على هذه الأرض لا يحصى ولا تعرف تفاصيله، فكان التجرد والتمكن، ووضع ما يريدون أمام أعينهم، في نظرة شمولية، دراسة تحليلية، قراءة تفصيلية، ومجمل الفهم لماذا يريد المرء ذلك..؟ لم يخلق الإنسان في الأصل ليصبح جامداً كسولاً؛ بل ليكون مدركاً كيف يكون الكسل اختيارياً أحياناً دون مضرة بحلم المستقبل، يجب أن نعي متى نعمل، نتعب، ومتى نرتاح، ولا نعكس الأمر؛ نرتاح دائماً فيصبح تعب العمل ثقيلاً لا يطاق..! 
المستقبل سيأتيك لكن تجرد من فكرة ألا تعيش حياتك وإنجازاتك. افرح بها استشعر أدق تفاصيلها، كن شجاعاً فيما تريد، وحريصاً على ألا يكون العمر مجرد أداة في تحصيل الماديات، وتأخير المعنى والهدف النفسي، الروحي والجسدي. كن مختلفاً، تعلم من الكبار كيف يصنعون الفرق من خلال الشمولية والعطاء اللامحدود، التوازن والاستقامة، التعريف الدقيق للحياة، والقدرة على أن تخلق لنفسك واقعك بعيداً عمّن لا يريد أن يساندك، دعهم في الفلك الأخير، وأبقى أنت مع الحلم الكبير تدور حول الشمس لا يؤخرك أحد، تتحرك بدقة الثانية، وتمضي لتحقق المستقبل المنشود والحلم المدروس.
لكل الناجحين الذين كُرموا في أوسمة الشيخ محمد بن راشد، كنتم ولا تزالون مستقبلاً جميلاً انتقل من الحلم للمباركة بالوسام، كل النجاح لمن سيكون بعدكم، ولمن كل يوم له هو احتفاء عظيم بإنجاز صادق عظيم، لا تنسوا: كلنا يسد ثغرة في هذا الكون العظيم حتى يحدث الانفجار الكبير بالمستقبل الذي دائماً نريد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"