تدابير إنجاح التعافي

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

التراجع الكبير لجائحة «كورونا» وبدء معالم التعافي الشاملة، يفتح الطريق أمام العالم أجمع ليستعيد حيويته التي ظلت لأكثر من عامين رهينة التدابير الوقائية وإجراءات مقاومة الوباء.

كل المؤشرات الجديدة تشير إلى أن منتصف هذا العام، أي بعد ثلاثة أشهر من الآن، سيكون موعداً ملائماً لتعافي العالم من الفيروس وتداعياته، وقد بدأ هذا التفاؤل يتعزز منذ بدأ متحور «أوميكرون» يتفشى بسرعة دون أن تكون له تداعيات صحية خطِرة. فقد جاءت أعراض هذا المتحور خفيفة بالمطلق على الأغلبية الساحقة من المصابين، وكانت نسبة الإدخال إلى المستشفيات قليلة جداً، مقارنة مع الموجات السابقة، وهو ما ساهم في تراجع كبير للوفيات، ومنح الطواقم الطبية دفعاً معنوياً كبيراً شجعها على تخفيف الاستنفار الصحي، بالتوازي مع اتساع حملات التطعيم. ومع توفر الحصانة الجماعية بنسب عالية في معظم الدول، أصبح رفع الإجراءات أمراً مطلوباً دون مخاوف من انتكاسة وبائية جراء تخفيف التدابير وعودة الانفتاح.

 الإمارات، التي أصبحت مثالاً عالمياً في التعامل مع الجائحة، أثمرت جهودها المنسقة بين مختلف القطاعات عن احتواء تداعيات الوباء، وهو ما ساهم في تخفيف القيود والدخول في مرحلة التعافي بعد انخفاض أعداد الإصابات وبلوغ نسبة جرعات اللقاحات إلى إجمالي عدد السكان نحو 260 في المئة حتى نهاية فبراير/شباط، وكلها مؤشرات إيجابية موثوقة تؤكد السيطرة والتحكم، وتسمح بالعودة التدريجية للطاقات الاستيعابية للأنشطة المختلفة. وما حققته الإمارات من إنجاز في هذا المجال يعزز الأمل الإقليمي والعالمي بأن استعادة الحياة طبيعتها لما قبل الجائحة أمر متاح إذا كانت استراتيجية التعافي محكمة وتحقق أهدافها بروية ودون تسرع.

الخروج من الجائحة سيتم خلال أشهر، والدروس المستفادة من تجربة العامين في ظل التدابير والإغلاق منحت دول العالم المختلفة القدرة على التعامل مع الطوارئ الصحية. وتؤكد كل التوقعات والأبحاث أن الدروس المستفادة من التعامل مع «كورونا» ستُكسب المجتمع الإنساني كفاءة أعلى لاستباق أي مخاطر صحية في المستقبل. وسيكون الاستثمار في القطاع الصحي وتبادل المعلومات والخبرات مطلوباً في الفترة المقبلة. وهذا التوجه سيتضح في الأشهر والسنوات المقبلة بعد التحرر نهائياً من تبعات الوباء. ولتعزيز التعافي يجب على كل الأطراف الدولية أن تتعاون في خلق البيئة الداعمة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي، وتجنب التوترات الجيوسياسية غير المطلوبة في هذا الظرف بالذات.

مرحلة ما بعد التعافي ستكون دقيقة، وصعبة، في بعض الأحيان، بالنظر إلى اختلال التوازنات وظهور مشاكل اقتصادية ومعدلات تضخم عالية، فيما ستحتاج معالجة مخلفات الجائحة الاجتماعية إلى مقاربات مستجدة وتعاون أوثق بين مختلف الأطراف الدولية الفاعلة. ولن يكون الأمر مستحيلاً، فمثلما نجح العالم بتضامنه وتكاتفه في أن يقهر الجائحة وأن يتصدى لها بالإجراءات واللقاحات، سيستطيع ذلك أيضاً مع تطويق تداعيات الوباء حتى تنعم كل الشعوب، دون تفريق أو استثناء، بالصحة والأمن والازدهار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"