نُذر حرب عالمية

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يبدو أن الأزمة المتصاعدة بين روسيا، وأوكرانيا وحلفائها الغربيين، بدأت تأخذ مساراً أكثر تعقيداً، ينبئ بأن القادم يحمل في طيّاته الكثير من الاقتتال على أكثر من صعيد وجبهة، أشعل شرارته توسع حلف «الناتو» نحو الجمهوريات السوفييتية السابقة والاقتراب من روسيا، الأمر الذي دفع موسكو إلى التحرك لحماية أمنها، فأقدمت على احتلال شبه جزيرة القرم، ثم دعم انفصال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيين، والاعتراف باستقلالهما قبل ساعات قليلة من بدء عمليتها العسكرية في 24 فبراير/ شباط الماضي.

الحرب لم تقتصر على دولتين، إذ إنها أضحت حرباً عالمية غير مباشرة، فالتحالفات تشكلت واكتملت أركانها، فهناك روسيا وخلفها حلفاء، وأوكرانيا ومعها الغرب بأكمله في الطرف المقابل، ما ينذر بأن الأمور تتدحرج نحو مزيد من الصراع قد يدفع إلى حرب شاملة، وهو ما حذّر منه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، من أن الحرب العالمية الثالثة ستكون نووية ومدمرة، كما أشار إلى أن الحرب مع «الناتو» قد تبدأ في أي لحظة و«نحن مستعدون لها»، متهماً الرئيس الأمريكي بايدن، بأنه يسعى للحرب، في حين أن أمريكا والدول الغربية الحليفة، أعلنت حرباً اقتصادية ضروساً ستؤثر في الاقتصاد الروسي والعالمي بشكل حاد، حيث حلقت أسعار السلع الأساسية إلى أعلى مستوى، بينما عبّرت أمريكا في أكثر من مناسبة بأنه في حال طورت موسكو «الاعتداء» على أي من دول «الناتو» فإن الرد سيكون مدمراً، فضلاً عن حشد المتطوعين للقتال في أوكرانيا.

 الضغط الكبير على موسكو، ورفض مطالبها الأمنية، والرهان على محاصرتها من كل جانب، قد يدفعها إلى الإصرار على مطالبها، بل إنها قد ترفع السقف، إلى أبعد من أوكرانيا، خصوصاً في ظل طلب دول، على غرار مولدافيا وجورجيا المحاذيتين، الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وضخ أوروبا وأمريكا مليارات الدولارات لكييف ودعم الجيش الأوكراني بأسلحة استراتيجية من شأنها استنزاف الجيش الروسي لفترات طويلة.

 الرد الغربي على روسيا قد يؤثر في العالم بشكل كبير، لكن لا يمكن ليّ ذراع موسكو بهذه السهولة، أو ردعها للحؤول دون استكمال ما بدأت به، مع امتلاكها مقومات اقتصادية وعسكرية وجيوسياسية تمكنها من الصمود، لأن الانسحاب بالنسبة إليها من دون تحقيق مطالبها هزيمة، وقد لا تقوم لها قائمة بعد ذلك، وهو ما أكدته موسكو مراراً بأنها لن تتراجع عسكرياً إلا في حالة استسلمت أوكرانيا، وهذا خيار ليس وارداً في الأفق القريب.

 ومع التطور الكبير في الأزمة، وتحفز كل طرف، فإن الأمور تنذر بتصعيد كبير لا رابح فيه، وليس أمام الطرفين إلا الاستماع لبعضهما بعضاً، وعدم صم الآذان، والتطرق إلى المصالح، فالحوار على أساس براجماتي يراعى فيه مصلحة ومستقبل الشعوب هو الأولوية، فلا بد للغرب وعلى رأسه أمريكا، مراعاة الأمن الروسي، والعكس صحيح من دون تعدٍ أو تجنٍ.. وإلا فإن الحديث عن حرب عالمية ثالثة لن يكون مجرد استنتاج.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"