مريم بنت خليفة الهاملي

01:12 صباحا
قراءة دقيقتين

ما أصعب الفراق، وما أوجع الغياب، يضرب في صميم الروح، ينز من كل جهات القلب، خصوصاً إذا كان الغائب من ذات أصل شجرة العمر الوارفة، من أصل النسغ الذي تعود إليه، من جذعك وجذرك وتكوينك، من أنفاسك التي تتنفسها، وتاريخ روحك، شيء من حضورك وتكوينك الذي تتسامى وتفخر وتعتز به. كم يكون الجرح عميقاً والألم غائراً بين الضلوع، لا تتسع للتعبير عنه أية آه أو دموع أو كلمات.
رحلت عن دنيانا الفانية إلى رحمة الله الواسعة الوالدة الجليلة «مريم بنت خليفة بن سيف بن سلامة الهاملي» تقبلها الله بقبول حسن وغفر لها ورحمها وأسكنها فسيح جناته، وهي أصل من أصول بيتنا الكبير، هي ابنة خال أمي، وأم كنا نطيل النظر إلى وجهها مستنطقين كل ذاكرة الفروع والأصول والطيب والود، مستذكرين من نكون وإلى أين نصل ونتصل، أمٌ لم تعرف إلا الطيب والوصل للقريب والبعيد، لها وعد باللقاء في قلب كل واحد منا، لم تحدها المسافات لتصل أهلها وأرحامها وأقاربها وهي الأحق أن توصل وتشد الرحال إليها، من نساء ذلك الزمن الذي عجنته الأيام وخبر الصعاب وتربى على خصال الكبار في الوفاء، لم يتغير معدنها أبداً، ظلت نسمة خير وبهجة وطيب، يعطر ذكرها كل من عرفها وعرفته، حتى في مرضها، ظلت كما هي مصرة على الوفاء لكل من تعرف من قريب وبعيد، وظلت عيناها ابتسامة وصل لا تنتهي.
رحلت أمي مريم بنت خليفة، بقية أسرة طيبة، ديدنها العطاء وراحتها البذل والجود والكرم، رحلت وتركتنا من خلفها لا نملك إلا الدعاء لها بالرحمة والمغفرة، لا نملك إلا استعادة ذكرها الطيب ما دمنا على هذه الأرض.
ستبقين كما كنت دائماً عصية على النسيان حاضرة وغائبة، ستبقين مصدراً من مصادر الإلهام، لك في القلب مكانك الخاص ونبض لا يعزف إلا باسمك ولك وحدك.
رحلت وكلنا راحلون، وهذا ديدن الحياة الدنيا، والقلب لا يستطيع كتمان الألم، أو عدم البوح، يجهر باللوعة والألم، لكن بصبر الإيمان والجلد بأننا كلنا راحلون، فلا تخرج من أفواهنا وبيقين كامل إلا: لله ما أعطى ولله ما أخذ، وإنا على فراقك يا مريم لمحزونون.
أمي مريم غفر الله لك ورحمك وأسكنك فسيح جناته، وألهمنا جميعاً، أهلك وصحبك وأحبتك، الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"