إبداع بنكهة إنسانية

22:37 مساء
قراءة دقيقتين

عثمان حسن

من الإجحاف القول إن مصطلح الأدب النسوي، هو مجرد فذلكة نقدية عابرة، فجذور هذا المصطلح ارتبطت بكثير من الظروف التي ترافقت مع ولادة حركات وتيارات نسوية تدافع عن خصوصية المرأة في ظل درجات متفاوتة من الإقصاء والتهميش، حيث بدأ المصطلح في التداول في الغرب خلال القرن التاسع عشر، مروراً بالقرن العشرين، خاصة مع بروز كاتبات ملهمات مثل فرجينيا وولف «1882 - 1941» الإنجليزية الرائدة في مجال الكتابة النسوية في العالم، والتي وصفت بأنها رائدة «تيار الوعي كطريقة للسرد» مروراً بالفرنسية سيمون دي بوفوار «1908 - 1986» التي يرد اسمها مقترنا بمؤلفة «الجنس الآخر»، وهو أحد أهم الكتب التي شكلت موجة نسوية ثانية من الحركة النسوية الغربية.

لقد أنصفت مثل هؤلاء الكاتبات الإبداع النسوي، فحركن مشهد الكتابة نحو إبداع بطعم ونكهة إنسانية وكونية.

من المهم هنا، الإشارة إلى أن مصطلح الأدب النسوي أو الكتابة النسوية، قد بدأ بالسطوع أكثر، تزامناً مع ولادة حركات سياسية واجتماعية وثقافية استقطبت النساء إلى صفوفها مثل الماركسية والليبرالية والبنيوية، وما بعد البنيوية، فصرنا نقرأ عن أدب نسوي يساري، وآخر حداثي، وبنيوي وما بعد بنيوي، مروراً بالأدب النسوي الخاص بالعرق إلى ظهور الأدب النسوي في العالم الثالث وهكذا.

إن القطع برفض المصطلح، لا يبدو منطقياً بالنسبة لكثير من الكاتبات، خاصة وأن هناك كتابة من نوع خاص، فيها ملامح من التجربة الخاصة التي تعبر عن المرأة، وفيها نوع من البوح الذي لا يستطيع التعبير عنه الكاتب الرجل، وقد انتصر لهذا الرأي كثير من الكتاب والنقاد والمنظرين، ممن أكدوا على أصالة كثير من الكتابات النسوية في بعدها الإنساني والكوني، في المقابل رفضت قلة من النساء هذا المصطلح، اعتقاداً منهن بأن الكتابة هي فعل إنساني حيوي، وليس خاصاً بجنس دون آخر.

مع هذا وذاك، لا يبدو مهماً اليوم معارضة أي شكل من أشكال الكتابة، خاصة مع انفتاح الكل «كتاباً وكاتبات» على قضايا ومشكلات العصر الراهن، ومع انتصار الجهات الثقافية العالمية لأدب المرأة، وحصولها على جوائز أدبية مرموقة، وصولاً إلى نوبل للآداب، فمن المهم مرة أخرى، الاعتراف بإنجازاتها الثقافية والفكرية والإبداعية، والالتفات أيضاً إلى دورها الفاعل في التغيير.

ولكن، ماذا عن مصلح الكتابة النسوية عربيا، من المؤكد أن المرأة ومن دون الالتفات كثيرا لهذا المصطلح، الذي ترافق مع إشارة جندرية من نوع ما، أن الكاتبة العربية خاصة في المجال الأدبي، قد لعبت دوراً في تحريك المشهد، الذي بدأ يلفت الانتباه إلى دورها المهم في التغيير إلى جانب الكاتب الرجل، وعبرن عن وجودهن الإبداعي بحس ورشاقة عالية، واستطعن أن يكتبن من دون زيف أو ادعاء عن رؤيتهن للواقع جنباً إلى جنب مع الكاتب الرجل، وهذا بحد ذاته يسجل في ذاكرة نضال المرأة العربية نحو رحلة الكرامة والعدل عبر تاريخها الإنساني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"