العراق .. جرح مفتوح

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

على الرغم من مضي خمسة أشهر على الانتخابات التشريعية العراقية، فإن كل الجهود التي بذلت منذ ذلك الحين لتشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد وفقاً للدستور، تفادياً لفراغ سياسي، لم تؤد حتى الآن إلى أية نتيجة باستثناء انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان لولاية ثانية نتيجة تفاهم جرى بين الكتلة الصدرية وتحالف «السيادة» والحزب الديمقراطي الكردستاني، في حين أن كل المفاوضات بشأن تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد تدور في حلقة مفرغة.

 من الواضح أن الجرح العراقي المتقيح بالمذهبية والمحاصصة والتدخلات الخارجية والتطرف والإرهاب لا يجد من يعالجه ويوقف نزفه، لأن القوى التي رأت في العراق ساحة للهيمنة والفساد وفرصة للنهب والاستقواء بالميليشيات لا تريد وجود سلطة قوية ونظام يحاسب وديمقراطية حقيقية. إنها تريده سائباً بلا شرعية ومنزوع السيادة، وفاقداً للقوة والقدرة التي من خلالهما يمكن للعراق أن يكون حراً، سيداً، ومستقلاً، وعنصراً فاعلاً في محيطه العربي، وقادراً على أن يكون عنصراً إقليمياً له شأن.

 كان منتظراً بعد الانتخابات التي جرت يوم العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووفقاً لنتاجها التي أعطت التيار الصدري أكثرية نيابية (73 نائباً) أن يقوم هذا التيار ومن منطلق ديمقراطي وعلى أساس الثقة الشعبية التي حصل عليها، بتشكيل حكومة، حدد زعيم التيار مقتدى الصدر مواصفاتها بأن تكون «حكومة أغلبية وطنية»، لكن ما جرى حتى اليوم يوضح أن القوى الأخرى التي خسرت الانتخابات ولم تتمكن من تشكيل «الكتلة الأكبر»، وهي تحالف «الإطار التنسيقي» تعمل بكل الوسائل الممكنة على عرقلة تشكيل الحكومة وتصر على أن تكون لها حصة فيها. الأمر الذي حدا بالكتلة الصدرية إلى «تجميد المفاوضات مع جميع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة القادمة حتى إشعار آخر».

 أما انتخابات رئاسة الجمهورية فيبدو أنها تواجه نفس المعضلة بسبب الصراع الكردي - الكردي، وعدم اتفاق الحزبين الكرديين الرئيسيين وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني على مرشح واحد، الأمر الذي أدى إلى عدم توفر النصاب في الجلسة البرلمانية التي مقرراً فيها انتخاب رئيس الجمهورية، ما استدعى الدعوة إلى جلسة ثانية يوم الثامن من فبراير/شباط الماضي، لكنها أرجئت أيضاً بسبب عدم اكتمال النصاب، ثم بسبب قرار المحكمة الاتحادية العليا رفض مرشح الحزب الديمقراطي الكردي هوشيار زيباري لعدم تلبيته الشروط الدستورية لتولى منصب رئيس الجمهورية. ثم وافق مجلس النواب يوم السبت الماضي على إعادة فتح باب الترشيح لمنصب الرئاسة لمدة ثلاثة أيام.

يحتاج الرئيس إلى ثلثي عدد النواب أي 220 نائباً من أصل 329 نائباً، في حين أن انعقاد أي جلسة تتطلب حضور 165 نائباً (النصف + واحد)، وعلى رئيس الجمهورية أن يسمي خلال 15 يوماً من انتخابه رئيس الوزراء من «التحالف الأكبر»، ولدى تسميته تكون أمام رئيس الحكومة الجديد مهلة شهر لتشكيل حكومته.

 فهل يستطيع العراق عبور هذا الاستحقاق؟ أم أن جرحه النازف يبقى مفتوحاً؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"