الكتابة بشكل مختلف

22:37 مساء
قراءة دقيقتين

د. باسمة يونس

يكتب الرجال والنساء بشكل مختلف وإن كانوا يكتبون بنفس اللغة أو النوع الأدبي فذلك لاختلاف تجاربهم التاريخية والنفسية والثقافية، فلا تمييز في الأدب ضد الرجال أو النساء ولا رغبة في تفوق أي منهما على الآخر. وعرّف أدب المرأة بأنه فئة الكتابة التي تقوم بها النساء وهو تعريف صحيح وواضح، وبالتالي كان الأدب النسائي الصائب هو المعرف بصفته الأدب المطبوع بخصائص أنثوية من واقع حياتها وقضاياها الخاصة المستقاة من تاريخ ثقافي عميق ونتاج معرفي يتميز بخصوصية واضحة ومميزة.

وكانت المرأة العربية ولا تزال شريكة الرجل في مشروع أدبي مستمر من عصر الجاهلية إلى اليوم وبرزت أديبات تفقهن في سائر ألوان الآداب والمعارف والعلوم وتركن بصمات لا تنسى، وعندما بدأ اهتمام الباحثين العرب وفي الغرب بمصطلح الأدب النسوي كان بين رفض وقبول وجود خطاب أدبي يميز المرأة عن غيرها على الرغم من تأكيد البعض خصوصية الخطاب النسوي في بعض الأمور، لكن بدون التأثير على مشاركتها الرجل وامتلاكها مثل أو أكثر من إمكاناته ومواهبه الأدبية.

وتبلور مصطلح الأدب النسوي لاحقاً من فكرة وجود صراع بين الرجل والمرأة من أجل أن تنتزع المرأة الحقوق الأدبية، التي سلبها الرجل منها، وجعل هذا المصطلح العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة صراع حقوقي لا علاقة له البتة بتنافس أدبي أو حتى بوجود الأدب النسائي الذي لا خلاف على أنه المكتوب بقلم امرأة.

وتسلل إلينا هذا الاعتقاد مثل كثير من الاقتراحات التي تنجح في اختراق انتباهنا لتشتته عن إرثنا الحافل بأسماء شاعرات وأديبات شهيرات تمتعن بنصيب وافر من العلم، في وقت كان عقل المرأة فيه محجوباً في الشطر الآخر من العالم كتسرب كثير من الأفكار التي نسختها العولمة عن مجتمعات أخرى وتداولناها بلا غربلة أو تمحيص.

وفي الواقع وعلى الرغم من أن الكاتبات في الغرب اكتسبن المزيد من الاحترام والاعتراف منذ القرن التاسع عشر، فإنهن ما زلن يواجهن مشقة عدم التقدير ويتعرضن لملاحظات قاسية ويواجهن تحدياً هائلاً متمثلاً في عدم قبولهن في العالم الأدبي، وغالباً ما يتعين عليهن إثبات جدارة وأهمية أعمالهن مع تصنيفهن بطرق مختلفة عن الرجال وخضوعهن لملاحظات تقلل من قيمتهن الأدبية. وتناضل الكاتبة كثيراً؛ حيث لا يزال الفن الأدبي ممارسة ذكورية على الرغم من تمتع النساء الآن بمزيد من الحرية في الكتابة، فإن العديد من نضالاتهن تشبه تلك التي واجهتها الكاتبات في القرن التاسع عشر.

إن المرأة في تراثنا وحاضرنا هي أصل التقدم، وفي تراثهم هي أصل الخطيئة وكان من المألوف تفوق الكتاب الذكور على النساء أو حتى تغييبهن تماماً ما جعل أدب المرأة يتحول للكتابة عن المرأة من أجل الدفاع عنها بصفتها مهمشة والتي يرغب الجميع في استكشاف حياتها والدفاع عن حقوقها أو لفت الانتباه لها ولقضاياها المهملة وحقوقها المسلوبة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"