بكل حرية وعفوية

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ عهود قديمة جداً ضاربة في أتون الزمن الماضي السحيق، كان الحوار هو اللغة المشتركة والذي بواسطته تنتهي الكثير من المشاكل وتحل كبرى المعضلات، وعندما يفقد الحوار أو يتم إنهاؤه لا يكون البديل إلا العنف والقسوة، وكأن الحوار وتبادل الأفكار بمنزلة الضمان وصمام الأمان حتى الوصول للاتفاق والتفاهم، ليس في الجوانب السياسية بين الدول وحسب، وإنما حتى على مستوى المجتمعات والأفراد، فالمجتمع الذي تسود فيه لغة الحوار هو مجتمع منسجم واثق بقدراته وبتوجهاته وأيضاً بنظرته للمستقبل ونموه وتطوره، وعندما يكون المجتمع متحاوراً فإن هذا ينعكس على الأفراد.
عندما يجلس الأب والأم، ويناقشان هموم أسرتهما الصغيرة في جو من الهدوء، فإن هذا سينعكس على الأطفال وعلى تربيتهم ونموهم الفكري والوجداني والنفسي، والحوار يعني تجنب لغة الوعيد والتخويف، وعدم رفع الصوت والتهديد بالضرب والعنف، ويعني سرد الوقائع وتفاصيلها وينتظر من الطرف الثاني الرد والتوضيح.
وكما قلت فإن أكثر من يتأثر بمثل هذه الأجواء الإيجابية هم الأطفال، حيث تسهم مثل هذه الجلسات الحوارية في تنمية حس المسؤولية وأيضاً قوة الملاحظة وتمنحهم خبرات حياتية هم في أمس الحاجة إليها، بل إن لها تأثيراً بالغاً في نموهم الفكري والعقلي تحديداً، فعدم الخوف من الإفصاح عما يدور في العقل من أفكار والتعبير عنها بسهولة وعفوية، يعتبران خير تدريب للطفل على استخدام العقل وإخراج الأفكار والتعبير عنها شفوياً بالكلمات، وهذا يعني أن عملية التفكير تنمو مع الطفل بنفس النمو اللفظي، وعلى الأب والأم، مسؤولية الإصغاء والتنبه لكل ما يقوله الطفل من معلومات، حتى ولو ظهرت لنا بأنها متواضعة، فهذه الأفكار تعتبر على درجة عالية من الأهمية عنده، فهو اكتشفها وعبر عنها، وينتظر من الأبوين المزيد من المعلومات حولها والتحاور معه بشأنها.
إن إسكات الطفل وعدم الرد على تساؤلاته والضيق منه وتوجيه كلمات جارحة له، تعتبر ممارسة قاتلة لعملية التفكير، لأنه يمنع نمو هذه العملية العقلية، وعندها سيلزم الطفل الصمت وكأننا نحوله إلى ببغاء يردد ما يسمع لا أكثر، وتبعاً للحد من نمو التفكير فإن مهارات الإبداع والابتكار ونحوها سيفقدها. وتبقى خير وسيلة للنمو العقلي وللتفكير الإيجابي الصحيح تعويد الطفل على الحوار والتعبير عما يجول في ذهنه بكل حرية وعفوية.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"