عادي

ذاكـرة الإنشــاد

23:23 مساء
قراءة 3 دقائق
نجم الدين هاشم
نجم الدين هاشم*
كلما غفا القلب عن تفاصيل الذكريات، هنالك حتماً من حقائب الماضي ما هو كفيل برسم الفرحة على محياك، خاصة إذا كان هذا الماضي لا يزال له حاضر ومستقبل إلى زمان الناس هذا.
جالت هذه الكلمات في ذهني، ونحن نستعد لدورة جديدة من دورات «منشد الشارقة»، وقد بلغ من العمر فتياً 13 عاماً؛ عمر الصبا وعمر الإيناع وعمر الإبداع وعمر الإنجاز.
تعاقبت دورات المنشد كما الحياة بدوراتها الموسميّة، وظللنا ننتظر في كل دورة منتوج هذا البرنامج المتفرد فكراً وفكرة، رؤية ورؤيا، وإذا بالأخبار تأتينا عاماً تلو عام تدور حول نجاحات المنشدين الذين شاركوا في البرنامج، وكيف أن طُرق النجاح قد فُتحت لهم في بلدانهم وسواها، وأصبحوا يُعرفون بـ«منشد الشارقة» الاسم الذي يعتزون ويفخرون به.
كل هذه النجاحات المُبهرة ظل يساندها ويدعمها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الداعم الأساسي للبرنامج ولكل أنواع الثقافة العربيّة والإسلاميّة، وقد كان لدعم سموّه كبير الأثر في الارتقاء بمضامين وأهداف البرنامج، الذي أصبح حلم المبدعين من الشباب العرب.
وها نحن نسمع من حين لآخر أن أحد المنشدين قد أنتج ألبومه الخاص، وآخر شارك في حفل فني بأمريكا، وثالث تم اعتماده مؤذناً في إحدى دول الخليج، وآخرين شاركوا ضمن مهرجانات فنيّة عالميّة، وهنالك من أصبح عضو لجان تحكيم في المسابقات الإنشادية أو افتتح استوديو فنياً لتعليم أصول الإنشاد.
هذا إلى جانب الذين تأهلوا من البرنامج، وأصبحوا أعضاء لجان تحكيم في بلدانهم لفعاليات «منشد الشارقة»، ولغيره من البرامج الفنيّة والإنشادية...
أصبح لـ«منشد الشارقة» محبون ومريدون في كل بقاع العالم ويا لفرحتهم حين قدوم لجان البرنامج في بلدانهم لعقد الاختبارات التي يتم عبرها تحديد من يُمثل وطنه في «منشد الشارقة»، وقد شرع بعض عشّاق «منشد الشارقة» في إنشاء روابط خاصة بهم لتتوثق الروابط والعرى بينهم.
وعند الحديث عن المنتج الفني، فقد أهدى «منشد الشارقة» للعالم مكتبة فنية ضخمة تحتوي على مئات الأعمال الإنشادية في مختلف المسارات، فنجد الإلهيات والرجائيات وفي الأدب النبوي وفي تكريم الوالدين والدعوة إلى مكارم الأخلاق والقيم الفاضلة. وتزداد هذه الأعمال روعة وجمالاً من خلال التنوّع الأدائي الذي يميزها، وقد جَمع البرنامج خلال دوراته المختلفة أصواتاً من شتى بقاع العالم، وبمختلف المقامات الفنيّة وألوان متعددة من ضروب الإبداع.
جوانب أخرى لا تقل أهميّة مما سبق عمل على توطيدها البرنامج وهي ذلك التجمّع الشبابيّ الإسلامي لمبدعين من شتى الأقطار العربيّة والإسلاميّة في فضاء الشارقة الرحب ولمدة تصل أحياناً إلى ما يُقارب 40 يوماً يتبادلون الثقافات والأفكار ويقومون بزيارات ترفيهيّة وسياحيّة لمعالم الإمارات، يقتربون من شعبها يتعرفون إلى عادات وتقاليد البلد، وينثرون إبداعاتهم أينما حلوا.
ويحلق «منشد الشارقة» بعيداً؛ حيث يترقبه المتابع العربي في كل مكان حتى أصبح أكاديمية فنية مشهوداً لها من خلال توفير مدربين وخبراء في مجال المقامات والأصوات إضافة إلى تلقي المتسابقين دورات في وسائل التواصل الاجتماعي، ودورات في الأداء المسرحي، وأخرى في مهارات التطوير والتنميّة البشريّة، وكذلك في التجويد ليتخرج المتسابق في هذه الأكاديميّة وقد تأهلَ في مختلف المجالات الفنيّة والحياتيّة.
قصة نجاح «منشد الشارقة» دفعت الباحث الأكاديمي إياد حافظ، العربي الأصل المقيم في إيطاليا لتقديم رسالة دكتوراه حوله، وقد نال درجة الدكتوراه من جامعة لاسابينسا «روما الأولى» في كلية الآداب والفلسفة عن هذا البرنامج الذي يوصف بأنه الأول والأشهر من نوعِه في مجاله، وتكمن أهميّة هذه الرسالة في توجهها للعالم الغربي وتعريفها بالفنون والثقافة الإسلاميّة.
وتتواصل النجاحات ومن أرض الجزائر تأتينا الأخبار بأن إحدى طالبات كليات الإعلام قد قدمت مشروع تخرجها «حول منشد الشارقة»، هذا إلى جانب العديد من المشاريع والأبحاث التي دارت في فَلك البرنامج مما يدل دلالة بالغة على أنه بحق أكاديميّة فنيّة أكثر مما هو مسابقة.
وختاماً، دعونا نترنم جميعاً بإحدى روائع «منشد الشارقة»، ونحن نستقبل المتأهلين للبرنامج في دورته الـ13: سافر بصوتك يا فتى..... حلق به في الشارقة غرد لنا مترنماً.... تهدي مشاعر دافقة يا صاحب اللحن الشجي..... أطرب سماع الذائقة اسمع نشيدك عاليًا...يسمو معاني صادقة.
*منتج برنامج «منشد الشارقة»
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"