عادي
بأسعار تتراوح بين 30 و120 درهماً للساعة.. والدفع مقدماً

«عن بعد».. آخر صيحات معلمي الدروس الخصوصية

00:34 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: آية الديب
تشهد مواقع التواصل رواجاً كبيراً للدروس الخصوصية، خلال المرحلة الحالية، يقدمها معلمون من داخل الدولة ومن دول عربية أخرى بنظام «التدريس عن بُعد» للطلاب في كل المراحل الدراسية، وفي أغلب المواد الدراسية تقريباً.

وبطريقة جذابة وعروض مختلفة، تستقطب أولياء الأمور، يسعى المعلمون إلى إقناعهم بإلحاق أبنائهم في الدروس الخصوصية عن بُعد، سواء في حصص فردية أو جماعية وتختلف الأسعار وفقاً لعمر الطالب ومدى صعوبة المادة الدراسية، وعدد الطلاب خلال الحصة الواحدة.

«الخليج» تواصلت مع عدد من المعلمين، لمعرفة المزيد من التفاصيل عن الدروس التي تقدم عن بُعد، وآلية هذه الدروس وأسعارها؛ حيث تبين أن هذه الدروس يقدمها معلمون وباحثون عن عمل موجودون داخل الدولة، وآخرون خارجها، والدفع لهؤلاء المعلمين يكون مقدماً، وبأسعار تراوح بين 30 و120 درهماً مقابل الساعة الواحدة.

وحذر معلمون من اللجوء إلى الدروس الخصوصية بشكل عام والدروس، التي تقدم للطلاب عن بُعد بشكل خاص، مؤكدين أن ذلك غير مناسب لكل الفئات العمرية للطلاب، وأنه في أغلب الأحيان يضر بهم أكثر ما يفيدهم لعدم وجود رقابة على المعلمين وافتقار كثير منهم للكفاءة والخبرة والإلمام بالمناهج التعليمية.

وتباينت آراء أولياء الأمور في تقديم الدروس الخصوصية عن بُعد؛ ففي الوقت الذي أكد فيه بعضهم صعوبة الاعتماد عليها، وأنها لا تختلف كثيراً عن المحتويات التي تقدمها المدارس خلال التعليم عن بُعد، وأنها لا تناسب مراحل دراسية، كرياض الأطفال وطلاب الحلقة الأولى، أكد آخرون أنهم كانوا مضطرين للجوء إليها، لاحتواء ضعف مستوى التحصيل الدراسي لدى أبنائهم، وانخفاض أسعارها.

عرض مغرٍ

في البداية تواصلت «الخليج» مع مجموعة من المروّجين عن تقديم تلك الدروس، وقالت «ل.ل» إنها تقدم خدمة التعليم عن بُعد لجميع الطلاب الحلقة الأولى، في مجموعة أبرزها اللغة الإنجليزية والرياضيات، وإنها قادرة على إيصال المعلومات للطلاب عن بُعد، بتغيير نغمة صوتها للحفاظ على تركيز الطالب.

وأشارت إلى أن مدة الحصة الواحدة ساعة، وقيمتها 150 درهماً، لكن مع عودة التعليم الحضوري، وضعف الإقبال على الدروس الخصوصية تقدم لأولياء الأمور عرضاً وهو أن سعر الحصة في المدة نفسها 120 درهماً. وبسؤالها عن ارتفاع الأسعار أكدت أنه كلما ازدادت قدرات المعلم ومهاراته وخبرته، ارتفع سعر تقديمه الحصص للطلاب.

أما «ج، م»، فقالت إنها معلمة لغة عربية لديها خبرة طويلة في تأسيس الطلاب على القواعد النحوية واللغوية، ومستعدة لدعم طلاب المراحل الدراسية عن بُعد، سواء بصورة فردياً أو بمجموعات، وتستطيع دعم الطلاب الذين يدرسون مناهج مختلفة بكلفة 60 درهماً للساعة الواحدة.

وأكدت «أ.ع» أنها تقدم دروساً خصوصية للطلاب عن بُعد، عبر أحد تطبيقات مكالمات الاجتماعات بقيمة 300 درهم شهرياً. موضحة أن هذه الكلفة تتضمن 8 حصص شهرياً مدة كل منها ساعة واحدة. وعن آلية دفع المبلغ، أشارت إلى أن الدفع يكون مقدماً، لضمان جدية ولي الأمر والتأكد من دفع المبلغ، بدلاً من تقديمها خدمة دعم الطالب ومن ثم يتهرب ولي الأمر من الدفع.

مندوب تحصيل

وبسؤال «ل.م»، بيّنت أن سعر الحصة الواحدة، بعملة مغايرة لعملة دولة الإمارات، موضحة أنه بعد الاتفاق مع ولي الأمر على تقديم الدعم لطفله، تحصّل المبلغ عبر مندوب يتبعها موجود في دولة الإمارات.

وأشارت إلى أن بإمكانها تقديم حصة تجريبية مجانية لكل طالب في البداية، للتأكد من الكفاءة والقدرة على دعم الطلاب، وبثّ الطمأنينة في نفوس أولياء الأمور.

ومعلمة أخرى أكدت خبرتها الطويلة في الشق التعليمي، إلا أنها كانت مضطرة لترك المدرسة التي كانت تعمل فيها لأحوال خاصة.

وأشارت إلى أن سعر الحصة لديها 50 درهماً للساعة لطلاب الحلقة الأولى، بإجمالي 400 درهم مقابل 8 حصص شهرياً. وبعد دقائق عاودت التواصل بخفض سعر الحصة إلى 30 درهماً، في حال تكوين مجموعات مشتركة بين الطلاب بالتعاون مع أولياء أمور آخرين.

خوف من الغرامة

وتباينت آراء أولياء الأمور في تقديم الدروس الخصوصية عن بُعد؛ ففي الوقت الذي أكد فيه بعضهم صعوبة الاعتماد عليها، أكد آخرون أنهم كانوا مضطرين للجوء إليها.

وقالت عايده أحمد: مستوى تحصيل طفلي الدراسي ضعيف، ويحتاج إلى دعم إضافي ليست لدي الكفاءة والوقت لتقديمه له، وباتت الاستعانة بدعم خارجي أمراً ضرورياً. وتخوفاً من فرض أي غرامات مالية علي في حال استضافة أي من المعلمين في منزلي، لجأت إلى الاتفاق مع معلم يدعم طفلي بحصص دراسية عن بُعد، ويتقاضى راتبه مقدماً يبلغ 600 درهم شهرياً عن مادة واحدة، بواقع 50 درهما لكل حصة.

وأضافت: أكثر ما يزعجني في تلقي هذا الدرس هو المدة الزمنية؛ ففي بادئ الأمر اتفقت مع المعلم على دعم طفلي بحصتين أسبوعياً تبلغ مدة الحصة ساعة، عبر أحد برامج الاجتماعات عن بُعد، إلا أن صافي ما يتلقاه طفلي في هذا الدرس قرابة نصف الساعة في كل حصة، للمؤثرات الخارجية لدى المعلم واستقباله لمكالمات هاتفية وغيرها. وهو ما اضطرني إلى الاتفاق معه إلى إضافة حصة إضافية وبات طفلي يتلقى 12 حصة عن بُعد.

كلفة مرتفعة

أما مي حمدي، فقالت: لجأت إليها لعدم مقدرتي على تحمل كلفة الدروس الخصوصية المباشرة؛ ففي الوقت الذي كان يبلغ فيه ثمن الحصة الواحدة 150 درهماً في الدروس المباشرة، تتلقى طفلتي حالياً الحصة عن بُعد بمبلغ 50 درهماً فقط. ولأن ابنتي في الصف العاشر، فيمكنها استيعاب المعلومات عن بُعد. ونظراً لتطبيق النظام على مدار عام كامل خلال السنة الماضية، صارت لدينا خبرة ومرونة في التعامل مع أنظمة التعليم عن بُعد.

ضمّ الطلاب

وأشارت هند عبدالله، إلى أنها لجأت إلى الدروس الخصوصية عن بُعد، لطفلها في مادة الرياضيات منذ العام الماضي، حينما كان في الصف السابع. وكان يحصل دراسياً بصورة ممتازة خلال العام الماضي، ولكن خلال العام الحالي فوجئت برغبة المعلمة في ضم طلاب آخرين للحصة ذاتها، وهو ما أثر في تركيز ابني.

وقالت: حينما طالبت المعلمة بجعل حصص ابني منفردة، اعتذرت بحجة أنه ليس لديها متسع من الوقت للتدريس لكل طالب لديها على حدة، وحينما طالبتها بخفض سعر الحصة، خفضته من 75 درهماً إلى 50 درهماً.

الخيار الأفضل

وقالت جيهان عبد الرحمن: تعاني طفلتي التي تدرس في صف التاسع، مرض السكري، وأخشى عليها الإصابة بفيروس «كورونا» ومضاعفاته، لذا تتعلم بنظام التعليم عن بُعد حتى في الحالات التي يتوافر فيها التعليم الحضوري للطلاب، وحينما احتاجت لدعم إضافي في مادتين، بات اللجوء للدروس الخصوصية عبر برامج «أونلاين» هو خيارنا الأفضل، بغضّ النظر عن الكلفة المادية.

وأضافت: تكمن الصعوبة والمخاطر، في انتقاء المعلم ذي الخبرة المتمكن من المحتويات التعليمية والمنهج الدراسي الذي يتلقاه الطفل، ففي هذا الصدد كثيراً ما نرى عاطلين عن عمل وخريجين جدد يمتهنون التدريس عن بُعد لكسب المال، دون التمتع بالأهلية التي تمكنهم من دعم الطلاب.

كسل الطلبة

إلى ذلك حذر معلمون من اللجوء إلى الدروس الخصوصية بشكل عام، والدروس عن بُعد بشكل خاص، مؤكدين أن اللجوء إليها غير مناسب لكل أعمار الطلاب، وأنه في بعض الأحيان يضر بالطلاب أكثر ما يفيدهم، لعدم وجود رقابة على المعلمين، وافتقار كثير منهم للكفاءة والخبرة والإلمام بالمناهج التعليمية. فضلاً عن إرهاق أولياء الأمور مالياً دون جدوى.

لا تناسب الطلاب

وقالت سماح النشار مشرفة تعليمية في مجموعة مدارس في أبوظبي: بسبب الظروف التي اقتضتها محاربة انتشار فيروس «كورونا» يلجأ أولياء أمور إلى إلحاق أبنائهم بدروس خصوصية عن بُعد، وهذه الدروس لا تناسب كثيراً من الطلاب، لاسيما الحلقة الأولى، لأن معلم المدرسة يعتمد على وسائل مساعدة لشرحه، خلال التعليم عن بُعد، أما أغلب الدروس الخصوصية المقدمة عن بُعد تفتقر لهذا الدعم. ورأت أن اللجوء إلى هذه الدروس يزيد الأطفال كسلاً. مضيفة: خلال تطبيق التعليم عن بُعد كنا نعاني عدم حضور الطلاب والتزامهم، لاسيما طلاب الحلقة الأولى، لحداثة فئاتهم العمرية، وهذه الفئة من الطلاب تزداد كسلاً في حال لجوء الآباء لدعمهم بدروس خصوصية بغضّ النظر عن طريقة تلقيها، لأن الطالب يترسخ لديه وجود مصدر بديل يتلقى منه المعلومة، فيكون حضوره في حصص التعليم التي تقدمها مدرسته متقطعاً أو يحضر دون رغبة في التركيز والاستيعاب.

تشتت الطفل

وقال عمرو عبد السلام (معلم رياضيات): كل معلم منا له طريقته الخاصة في إيصال المعلومات للطلاب وتتنوع هذه الطرق بناء على عمر الطالب، وعلى طبيعة المادة الدراسية التي يتلقاها الطفل، ومن المؤكد أن تلقي الطفل نفس المعلومة بطريقتين مختلفتين يؤدي في نهاية الأمر إلى تشتته، وغالباً ما يقع هذا الأمر في المواد التي تحتاج إلى تطبيق كالرياضيات والفيزياء وغيرهما.

وأكد أن أفضل خيار للطلاب هو التعاون مع معلمي المدرسة، لاسيما أن أغلبية المعلمين يكون استعدادهم لتقديم دعم إضافي للطلاب، سواء داخل الحرم المدرسي، في التعليم الحضوري، أو خلال الحصص «أونلاين».

كفاءة ومؤهلات

قالت ابتسام محمد (معلمة لغة عربية): بالتزامن مع محاربة فيروس «كورونا» منذ عام 2020 وبدء تطبيق نظام التعليم عن بُعد، رصدنا تحول ظاهرة الدروس الخصوصية الاعتيادية، إلى دروس خصوصية عن بُعد، والأمر المقلق في هذا الشأن هو كفاءة القائمين على منح هذه الدروس، وعدم وجود رقابة على المحتوى التعليمي الذي يقدمونه وطرقهم التربوية.

وأضافت: تتعدد في الساحة التعليمية في أبوظبي المناهج الدراسية للطلاب، وتتنوع طرائق المدارس في تناول هذه المناهج والخطط التعليمية، وهو الأمر الذي لا يدركه المعلمون الذين يقدمون التعليم عن بُعد. أما تقديمه من معلمين خارج الدولة، فهو أمر كارثي يحتاج إلى آلية للرقابة عليه أو منعه، فالمعلمون من الخارج، ليسوا على دراية بمجريات العمليات التعليمية هنا أو المناهج واختلافاتها، وكل ما يبحثون عنه هو تحقيق أي ربح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"