أمل آخر في مجامع اللغة

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تغيّرت نظرة المثقف العربي إلى مجامع اللغة العربية، والاتحاد الذي يجمعها؟ منذ تأسيس مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1932، وبدء العمل فيه بعد عامين، لم يحقق اللغويون العرب حلماً تفخر به لغتنا في سماء اللغات، إلاّ عند إعلان مجمع اللغة العربية في الشارقة، بشرى بزوغ المعجم التاريخي للغة العربية. سبات عربي لا يصدق، ففي عام 1907، دعا المستشرق الألماني الدكتور أوجست فيشر، إلى إنجاز هذا العمل المعجمي العظيم، وظل المشروع يتعثر، لأسباب غير مقنعة، وأحياناً لضيق ذات اليد، وهذه «تراجيكوميديا» لا تليق بلغة اثنين وعشرين بلداً. الشارقة حسمت الأمر الذين ظل العرب أكثر من قرن فيه يستفتون.
الآن على العربية أن تقول لعلمائها: ها أنتم قادرون على الفعل مقتدرون. في لمح البصر، قياساً على مئة عام، أسعدتم لسانكم العربي المبين بسبعة عشر مجلداً من المعجم. لا عذر بعد الآن، خذوا الوقت الذي يتطلبه العكوف العلمي المتقن، فالأهم هو عدم التسرع والعجلة، لأن هذا الأثر النفيس لا يشبه غيره من الأعمال المعجمية. هو ميراث كنوز للأجيال. لكن، كما تعلمون أيها الأفاضل، إن الآمال فيكم تكبر، وهذا المعجم التاريخي سيغدو واسطة عقد المكتبة العربية، وقمة شاهقة، فلن ترنو العيون إلى ما دونها. لن يدور بخلد أحد بعد اليوم احتمال أن يرى علماء اللغة الأجلاء في أبراج عاجيّة، بعيدين من ميادين الفعل الثقافي الوثيق.
هو ذا القلم يعود إلى طرح المقترح ثانية وثالثة وعاشرة. لا وقت لدينا للتأجيل ولا حتى طول التفكير. العالم يتغير بسرعة نجومية، والتحولات العلمية التقانية لا تسمح بالمشي الهوينى، والمهمة الأمانة لا يجوز حملها قطعاً ومطلقاً، لغير علماء اللغة الحراس في المجامع: إنها مسؤولية تبسيط قواعد العربية. هم السلطة التشريعية، ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم. الحمد لله على أننا في مشاهد متعددة من التفرق، لدينا اتحاد مجامع اللغة العربية، وهو قادر على أن يضطلع بدور المشرف الذي يجعل العرب جميعاً يُجمعون على تبسيط موحد للغتنا، فهذه المهمة لا يجوز لبلد التفرد بها، فاللسان عربي لكل العرب.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستباقية: يقيناً، الاضطلاع بهذا الشأن العظيم اليوم سيكون أيسر في الإنجاز مما سيكون عليه بعد عقدين أو أكثر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"