الشارقة: عثمان حسن
أن تقرأ عن رواية بطلها عجوز عمره 100 عام، فهذا أمر عادي، لكن المدهش أن يقترن هذا العجوز البطل بسلسلة من الأحداث الفانتازية التي غيرت ملامح القرن العشرين، وهذا ما نكتشفه في رواية «المئوي الذي هبط من النافذة واختفى» للكاتب السويدي يوناس يوناسون، التي وصفت بأنها من روائع الأدب الاسكندنافي.. صدرت الرواية سنة 2013، عن دار المنى في السويد، من ترجمة علاء الدين أبو زينة.
تبدأ الرواية من وصف اللحظة التي يهبط فيها العجوز ألن كارلسون من نافذة غرفته في بيت المسنين، فتبدأ رحلته مع سلسلة من الأحداث المثيرة، كعلاقته مع أشخاص غريبين، واشتباكه مع رجال عصابات وشرطة وغيرهم.
ويعود الخط الدرامي للرواية ليكشف عن البدايات الأولى لحياة بطله، فهو أولاً كان في رعاية أمه بعد سفر والده، والتي عانت كثيراً قبل أن تموت بمرض السل، ثم نقرأ عن حيوات كثيرة لرجال ونساء يظهرون ويختفون، وتفاصيل أخرى كان البطل قد لعب فيها ومن وراء الكواليس، أدواراً مفصلية وأكثر درامية في التاريخ الحديث.
هنا، تبدأ دهشة القراء حين يكتشفون- على سبيل المثال- أن بطلهم العجوز خلال رحلة المئة عام التي عاشها، وقبل أن ينتهي به المطاف في بيت المسنين، قد كان وراء جملة من الأحداث والوقائع التي غيرت وجه القرن العشرين، وعلى سبيل المثال، نجح في حل معضلة الكتلة الحرجة في القنبلة الذرية، وأنقذ حياة الجنرال فرانكو في الحرب الإسبانية، وأنقذ تشرشل من الاغتيال، وتسبب بموت ستالين، وكان السبب وراء منع قيام الحرب بين أمريكا والاتحاد السوفييتي، وأجبرهما على انتهاج سياسة نزع الأسلحة النووية ومنع انتشارها.
هذه القدرة الفائقة من الخيال، وهذه الفانتازيا الغريبة من نوع الكوميديا السوداء، والتي برع فيها المؤلف، جعلت من «المئوي» رواية مدهشة بحق، بل جعلت من بطلها -وهذا هو الأهم- أسطورة غيرت ملمح القرن.
تجدر الإشارة إلى أن مؤلف الرواية قد عاش بدوره حياة درامية تصلح بدورها لتحويلها إلى فيلم، حيث درس اللغة في الجامعة ثم عمل بالصحافة، ليتركها ويعمل في مجال الميديا نحو 20 عاماً، ثم ها هو يترك كل ذلك، ويقرر فجأة وعلى نحو يثير الغرابة والسؤال بيع كل ممتلكاته والتفرغ للكتابة والسفر.
تحولت الرواية إلى فيلم بالعنوان نفسه، سنة 2013 على يد المخرج السويدي فيليكس هيرنجرين، الذي قام بدوره بكتابة سيناريو الفيلم، ونجح في تسليط الضوء على شخصية البطل العجوز، الذي قام بدوره الممثل السويدي روبرت جوستافسون.
