أساطير الشاي

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

هل وُلِدَت نبتة الشاي من رموش أو أجفان عيني الإنسان؟ إذا قلت: نعم، فعليك أن تصدّق الأسطورة، وإذا قلت: هذا هراء، فعليك ألا تصدّق الكاتب الألماني كريستوف بيترز (56 عاماً) المولع بالشاي، والجامع الأبدي لأباريق الشاي، وأكوابه، وعبواته، وأنواعه المتعددة الجذور، والأصول والأوراق.
كما لو أن هذا الكاتب الذي دفعه شغفه بالشاي إلى وضع كتاب حول ثقافات وطقوس وحكايات الشاي قد وُلِدَ في حجرة شاي، أو في حقل شاي، وربما كان لنا أن نصدّقه ولو من باب «شعرية» هذا الكتاب الخفيف النظيف.
ولكن ماذا عن أسطورة أو حكاية أجفان الأمير الهندي التأميلي بودهيدهارما ( 440-528 ميلادية)؟  تقول الحكاية إنه أثناء جلوس بودهيدهارما أمام الحائط الصخري في إحدى جلسات تأمّله الروحي انتابه غضب عارم من نفسه لأنه نام أثناء التأمل، فما كان منه إلا أن انتزع أو قصّ جفونه وقذفها على الأرض، ومن جفونه نبتت شجرتا شاي، وبمساعدة الشاي، أمكن لتلاميذ بودهيدهارما وتابعيه أن يظلّوا مستيقظين أثناء جلسات التأمل. (ترجمة: د. سمر منير).
أصل الشاي، أو أسطورة الشاي النابت من أجفان الكاهن أو القدّيس الهندي لها جذر أسطوري آخر، صيني هذه المرة، ففي 2600 قبل الميلاد كان الإمبراطور شين نونج يتولى مقاليد الحكم في الصين. يقال إنه اخترع المعول والمحراث والفأس، وإنه علّم مواطنيه حفر الآبار وإنشاء أنظمة الريّ والعلاج بالإبر. «توقف شين نونج ذات يوم للاستراحة في بقعة جرداء في الغابة، ووضع غلّايته على النار لكي يغلي الماء. هبّت بعض الأوراق من شجرة شاي برّية قريبة منه ووقعت  داخل الغلّاية».
المهم: تذوّق الرجل المستخلص المغلي الذي سيكون هو الشاي (صفحة 164: ترجمة د. سمر منير)، ولن أطيل على القارئ أكثر من ذلك، ولكن عجائب الشاي لا تنتهي وكذلك معلومات كريستوف بيترز الذي يذكر أنه في عام 2013 تمّ بيع كيلوجرامين من شاي «فو يوان شانج بوير» بمبلغ مليون جنيه إسترليني.
يعرف القارئ أكثر مني «البروتوكول» الطقسي أو الطقوسي لشرب الشاي عند اليابانيين، وربما جرّب البعض ممّن سافروا إلى اليابان شرب الشاي في حجراته وأوقاته الطقوسية تلك، هذا عدا عن شاي العصر الذي يتناوله الارستقراطيون في بعض البلدان الأوروبية مع البسكويت، ولكن، حقاً بالنسبة لنا نحن العرب، هل نشرب الشاي من خلفية فلسفية، تأمّلية، كما يفعل اتباع فلسفة الزن؟ أو هل نشرب في حجرات وفي أباريق وكؤوس خاصّة بطقس في حدّ ذاته؟
في قرى وأرياف بلاد الشام إلى اليوم يأكل أبناء هؤلاء المزارعين الفقراء الخبز مع الشاي. إنه وجبة فطور أو عشاء، وإذا كانت وجبة باذخة فمع الخبز والشاي بعض الزعتر البرّي الناشف، والقليل من الملح، والكثير من الحمد لله رب العالمين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"