الموظف ليس آلة

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

تستيقظ من نومك بشق الأنفس، وترتدي ملابسك على عجل، ثم تمضي خارج المنزل باتجاه عملك كل يوم، وما إن تصل إلى مكتبك حتى يحييك المدير بطريقة رسمية، وينهال عليك بعدها مباشرة بقائمة من المهمات الصعبة التي يجب عليك الانتهاء منها قبل نهاية الدوام، قبل أن تلتقط أنفاسك أو تقول صباح الخير!
هذا بالضبط ما يحصل في كثير من الشركات حول العالم، خصوصاً في بعض البلدان النامية، حيث يظن القياديون أن بداية يوم العمل تعني بداية الماراثون لمدة ثماني ساعات أو أكثر، دون أن يفسحوا مجالاً لموظفيهم ليستعدوا نفسياً، ويدخلوا جو العمل بحيوية وإيجابية.
يظن من هم على هذه الشاكلة من الإداريين أن الإنتاجية تعني الانضباط الصارم بالمليمتر، والشروع في العمل خلال ثوان معدودات من وصول الموظف إلى مكتبه، على أساس أنه نال قسطاً من الراحة في اليوم السابق، وحظي بليلة من النوم الهانئ، ما يعني أنه على أتم الاستعداد لمباشرة المهام الموكلة إليه على وجه السرعة.
قد تبدو مثل هذه النظرة ذات فاعلية وتحقق استفادة قصوى من كل دقيقة تُصرف من ساعات الدوام الرسمي، غير أن ذلك أبعد ما يكون عن الصواب وما يجري على أرض الواقع؛ إذ يُلاحظ في الشركات التي تسير على هذا النهج الصارم في التعامل مع موظفيها، انخفاض الإنتاجية، وارتكاب العاملين لكثير من الأخطاء بشكل منتظم، إلى جانب إحساس الموظف بالضجر الشديد من العمل، مما يقتل حس الإبداع لديه، وأي دافع يحفزه للإنجاز.
وعلى النقيض من ذلك تماماً، يلاحظ في الشركات الكبرى، حيث يعمل الموظف لساعات أقل، ويحظى بأوقات راحة أطول، ولا يبدأ يومه إلا بعد تبادل الأحاديث القصيرة اللطيفة مع مديره وزملائه، أنه أكثر نشاطاً، وحباً للعطاء، وأكثر إنتاجية وتركيزاً على عمله.
إن الإنسان ليس آلة تستطيع العمل 24 ساعة في اليوم، وحتى الآلات لا يمكنها العمل بشكل متواصل دون توقف، فكيف بإنسان من لحم ودم يتعب جسدياً ونفسياً، مما يؤثر في جودة ما يقدّمه إذا لم نول اهتماماً بصحته النفسية والجسدية.
عندما تبدأ صباحك بابتسامة عذبة توزعها على موظفيك، وتسألهم عن أحوالهم وربما تمازحهم قليلاً بإلقاء دعابة خفيفة أو تجلس إلى أحدهم بضع دقائق لتشجعه، وتستمع إليه، فإنك بذلك تعزز دون أن تدري ولاء الموظفين للعمل، وتبث في داخلهم سعادة صباحية تمتد معهم لساعات طويلة، وتحفزهم على بذل مزيد من الجهد.
فابدأ يومك بابتسامة ودودة، وكلام طيب، وأعط موظفيك بعض الوقت كي يستعدوا نفسياً وفكرياً لبدء مهامهم اليومية، وسيغدو مقر العمل ساحة إبداع، وبستان إنتاجية لا ينضب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"