عادي

الشركات العائلية حلم التعاقب يصطدم بمخاوف الانقسام

00:11 صباحا
قراءة 15 دقيقة

تحقيق: عبير أبو شمالة

تواجه الشركات العائلية على مستوى العالم تحديات حقيقية وصعبة تحد من قدرة بعضها على البقاء والاستمرار لما بعد الجيل الثالث، وتهدد بتفتتها واختفائها تماماً عن الساحة. وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن 30% فقط من الشركات العائلية يمكنها الاستمرار لما بعد الجيل الثالث.

وعلى مستوى الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي تواجه الشركات العائلية بدورها الكثير من التحديات وتزيدها تعقيداً ثقافة عمل هذه الشركات وتوجهات مؤسسيها الذين ربما تكون فكرة تفويض الصلاحيات أو إنشاء شركة وصاية أو غيرها من الخطوات التي تتطلبها خطط التوريث غريبة عن نهج عملهم وربما حتى صعبة الهضم بالنسبة لهم.

وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة التي تمثلها الشركات العائلية في الإمارات ودول المنطقة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الشركات العائلية تمثل ما يقارب 80 إلى 90% من حجم التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي. تساهم هذه الشركات بما نسبته 50 إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي القومي وتشغل ما يصل إلى 70% من القوى العاملة في المنطقة، إلا أن 25% فقط من الشركات العائلية الخليجية لديها استراتيجية فعالة لانتقال الثروة وخطة تعاقب متناسبة قانونياً، ما قد يفجر أزمة تهدد بتفتت الشركة وانقسامها إلى شركات صغيرة بعد وفاة المؤسس.

وتطرح خبرات الغرب أفكاراً مختلفة لإدارة التعاقب في الشركات العائلية من خلال شركات الوصاية والمكاتب العائلية، وبالفعل تقوم شركات بتبني هذا التوجه، إلا أن خبراء القانون يرون أن خطره يكمن في سهولة الطعن عليه بعد وفاة المؤسس.

ويرى الخبراء أن تطبيقات الحوكمة ربما تكون مفتاح الحل لتنظيم أعمال الشركات العائلية ومساعدتها على الاستمرارية فهي أقرب لنظام المناعة في الجسم الذي بزيادته تزداد مقاومة الجسم للمرض. وأكدوا أن الدولة لم تألو جهداً في تعزيز البنية التشريعية التي تكفل سبلاً مواتية لحوكمة الشركات العائلية، وتوقعوا أن تكتمل هذه البنية في غضون 18 شهراً مع صدور قانون اتحادي لحوكمة الشركات يطرح أمام الشركات خيارات الحوكمة المختلفة، وطالبوا بمحفزات تشجع الشركات العائلية على تبني هذه الخيارات.

1

قال الخبير القانوني حبيب الملا، إنه لا يوجد شك في أن الشركات العائلية في الدولة وفي المنطقة عموماً تواجه تحديات في انتقال الملكية والإدارة من الجيل المؤسس إلى الأجيال اللاحقة، لكنه لفت إلى أن هذا الوضع وهذه التحديات تواجهها الشركات العائلية على مستوى العالم، ما أكسبها خبرة في التعامل معها، أما بالنسبة لنا في المنطقة فما زلنا في المرحلة الأولى مع حقيقة أن العديد من الشركات العائلية ما زال تحت قيادة الجيل المؤسس، وقليل منها بدأ ينتقل إلى الجيل الثاني، وبالتالي يتطلب الأمر بعض الوقت حتى نستطيع الوصول إلى حلول مناسبة لمثل هذا الانتقال.

وأشار إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر في سلاسة الانتقال جزء منها يتعلق بعدم رغبة أو عدم قدرة أو عدم اهتمام الجيل المؤسس بإيجاد نظام حوكمة ملائمة لهذه الشركات، نظام من شأنه تجنيبها النزاعات والمشاكل في حال وفاة الجيل المؤسس. ولفت إلى أن جزءاً من الأمر ربما يعود لقناعة الجيل المؤسس بأهمية الحوكمة حيث يرون أنهم نجحوا في إدارة الشركة ولسنوات من دون هذه الخطوة.

وربما يتمثل جزء منها في الكلفة العالية في تحويل هذه الشركات إلى شركات فيها نظام حوكمة، على سبيل المثال بالنسبة للشركات التي يتركز جزء كبير من أصولها في العقارات، ففي هذه الحال يترتب على تحويل هذه العقارات من الاسم الشخصي للمالك إلى اسم شركة يترتب عليه سداد رسوم قد تكون كبيرة جداً إذا كانت قيمة العقارات كبيرة، وبالتالي يحجم أصحاب هذه الشركات عن وضع هذه العقارات ضمن نظام حوكة متكامل.

ومن الأسباب كذلك تخوف البعض من أن يكون وضع نظام حوكمة متكامل لشركاتهم فيه مخالفة لمبادئ الميراث في الشريعة الإسلامية وهذا غير صحيح، حيث يمكن أن تظل هذه المبادئ سارية في ظل وجود نظام حوكمة، فنظام الحوكمة لا يعني بالضرورة مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية.

ولفت إلى أسباب أخرى لإحجام الشركات العائلية في الدولة على إرساء نظام حوكمة مناسب، ومنها رغبة الجيل المؤسس في الانفراد بالإدارة، ويبقى الجيل الثاني رغم حصوله على التعليم المناسب بعيداً عن جوانب الإدارة، ثم يفاجأ في لحظة أنه مسؤول عن إدارة شركات ضخمة أو ربما إمبراطوريات مالية دون أن يتمرس في هذا النوع من الإدارة، وعلى الجانب الأخر أحياناً وجود فرد واحد من الأسرة يشارك المؤسس في الإدارة يثير مشاكل من نوع آخر حيث يظن بقية الإخوة والأطراف ذات الصلة بأن هذا الشخص يستأثر بنصيب الأسد في أمور معينة ويحرمهم منها مما قد يتسبب في المزيد من النزاعات، وهنا يبرز دور الحوكمة التي تغطي هذه الجوانب وتقوم بمعالجتها.

نظم الحوكمة

وقال إن هناك بطبيعة الحال عدة نظم للحوكمة، حتى في الشريعة الإسلامية هناك نظام الوقف الذري، الذي يضع فيه مالك الوقف نظاماً معيناً لأصوله بحيث يظل هذا النظام سارياً بعد وفاته، وتظل الأملاك والشركات ضمن هذا النظام دون أن توزع على الورثة الذين قد يكون لهم جزء من الإدارة، أو ربما تكون هناك إدارة مستقلة ويكون لهم ريعها لمدة معينة ربما لخمسين أو مئة سنة، وبعد انقضاء المدة يتم توزيع التركة على بقية الورثة الموجودين في ذلك الوقت.

وتحدث عن أنظمة الحوكمة الأخرى منها نظام الوصاية والذي يتم في ظل تحويل الأملاك إلى شركات لها نظام إداري، لها آليات واضحة تحدد مثلاً من يدخل من الورثة في الإدارة وكيفية دخولهم، وكيفية إدارة الشركة وآلية توزيع الأرباح. وأكد أن هذا النظام، إذا وضعت له أسس سليمة من البداية، وكانت هنالك نظم حوكمة واضحة، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تخفيف الخلافات.

وقال إن هذا لا يعني أن هذه الخلافات قد لا تنشأ، فالخلافات كالمرض يمكن أن تحدث في أي وقت، لكن نظام الحوكمة هنا أشبه بنظام المناعة فكلما زادت مناعة الجسم خفت احتمالات تأثره بالمرض، وبالعكس كلما قلت المناعة كلما زاد التأثر بالمرض، وهذه هي الحال بالنسبة للحوكمة التي تدعم مناعة الشركات وتحصنها من تأثير النزاعات والخلافات.

وقال إن جزءاً من المشكلة ربما يكمن في الإدارات نفسها التي ربما تتكون لديها مصلحة خاصة مع الوقت، وتصبح بالتالي طرفاً في النزاعات التي قد تنشأ بين الورثة. فالإدارات التي اعتادت لفترة طويلة على نمط معين في العمل ربما لا ترغب أن يقوم الورثة بفرض إرادتهم عليها.

مبادرات حكومية حثيثة

وأكد أن هناك محاولات حثيثة من الدولة للحفاظ على نموذج الشركات العائلية التي ربما تمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد المحلي، لذا صدر عام 2020 قانون الشركات العائلية في إمارة دبي، وكذلك صدر مؤخراً قانون الشركات العائلية في أبوظبي، وهناك حالياً مشروع قانون على المستوى الاتحادي خاص بالشركات العائلية يقوم بتعريف هذه الشركات. وقال إن الأمر الأهم هو ألا يكون هناك تدخل كبير في إدارة هذه الشركات من قبل الجهات التنظيمية والرقابية حتى لا يؤدي ذلك إلى زعزعة أعمال هذه الشركات. وأضاف قائلاً: «في تصوري يتمثل الحل الأمثل في أن تضع هذه القوانين نظم حوكمة متعددة أمام الشركات العائلية، مثل الوقف الذري أو نظام الوصاية الغربي أو الإدراج في أسواق الأسهم، وغير ذلك من الخيارات المطروحة، وأن تكون هناك حوافز للشركات بحيث تتبنى أحد هذه النماذج الخاصة بالحوكمة والهيكلة، وتكون هناك أيضاً حوافز من حيث تخفيض الرسوم في حال قررت الشركة تبني أي من النماذج المطروحة ضمن القانون».

وقال إن البيئة القانونية والتشريعية بدأت تأخذ طرقها في الظهور لكنها إلى الآن غير مكتملة، وتوقع أن تكون البيئة التشريعية المعنية بتنظيم الشركات العائلية متكاملة إلى حد كبير في غضون عام إلى عام ونصف العام. وهناك بطبيعة الحال مؤسسات استشارية سواء من البنوك أو شركات المحاسبة أو الشركات القانونية الكبيرة التي تقوم بتقديم المشورة لهذه العائلات لإنشاء شركات الوصاية أو الوقف، وصدور قانون الشركات العائلية الاتحادي سيسهم في تسهيل هذا الوضع وتوفير البنية التشريعية اللازمة لمساعدة الشركات العائلية على تبني نظام حوكمة متكامل.

الصورة
1

أهمية اقتصادية

ومن جهته قال الخبير القانوني محمد أبو شعبان، إن قضية التعاقب والتوريث في الشركات العائلية قضية مهمة بالفعل بالنظر لأهمية الشركات العائلية نفسها على المستوى الاقتصادي، حيث يصل إسهام الشركات العائلية الكبيرة في الناتج الإجمالي المحلي للإمارات إلى 30%، كما تبلغ نسبة التوظيف فيها ما يصل إلى 60% من المقيمين. ولفت إلى أن هذه الشركات علاوة على ذلك تغطي العديد من الأنشطة الاقتصادية المهمة مثل الضيافة والعقارات والمقاولات والتجزئة والسيارات، ويمكن القول إن الشركات العائلية في الدولة تغطي تقريباً جميع الأنشطة الاقتصادية الأساسية غير النفطية.

وأكد أن حكومة الإمارات إدراكاً منها لأهمية الشركات العائلية لم تألوا جهداً في إرساء البنية التشريعية والقانونية اللازمة لتنظيم هذه الشركات وتشجيعها على الاستفادة من القوانين ذات الصلة. وقال إنه تم على سبيل المثال إصدار القانون رقم 10 لعام 2021 لحوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي ويهدف لتعزيز استمرارية الشركات العائلية.

وأشار إلى أن إمارة دبي اعتمدت عام 2020 القانون رقم (9) الذي ينظم الملكية العائلية في الإمارة ويهدف بدوره إلى تعزيز استمرارية الشركات العائلية وضمان تماسكها.

أبرز التحديات

وتحدث عن أسباب التحديات والمشاكل التي تواجه الشركات العائلية قائلاً إنها تنقسم إلى شقين الأول الشق الداخلي ويتمثل في ثقافة وعقلية مؤسس الشركة الذي غالباً ما يكون له الرأي الأول والأخير في الإدارة، ولا يتيح تدخل الأبناء. وقال إن بعض المؤسسين يوثرون ترك الأمور للحظة الأخيرة وللشريعة الإسلامية.

أما الشق الثاني فهو الشق الخارجي ويتمثل في وجود تشريعات تشجع الانتقال السلس بين الأجيال، وهذا الشق عالجته القوانين التي تم إقرارها مؤخراً.

ولفت إلى وجود العديد من الخيارات المطروحة أمام الشركات العائلية لإرساء نظام واضح للمرحلة التي تعقب رحيل المؤسس، ومنها قيامه بتوزيع أنصبة الورثة خلال حياته.

ولفت إلى أن بعض الشركات العائلية تعتمد نظام تأسيس شركات قابضة يحظر على كل مستفيد بيع الحصص أو رهنها، وذلك يتم من خلال وضع آلية كاملة بالتنسيق مع دوائر التنمية الاقتصادية.

وتطرق إلى الخيارات الأخرى المطروحة أمام الشركات العائلية لتفادي النزاعات المحتملة بين الأجيال المتعاقبة ومنها الإدراج في أسواق المال لتصبح الشركة مساهمة عامة، لكنه لفت إلى وجود معوقات أمام هذا الخيار وعلى رأسها بطبيعة الحال ثقافة ونهج عمل الشركات العائلية التي يرفض صاحبها ومؤسسها فقدان سيطرته الكاملة على مقاليد الأمور، ولا يتقبل متطلبات الإفصاح المرتبطة بكون الشركة مساهمة عامة.

إعداد الأجيال القادمة

وقال دانيال فليمنج رئيس استشارات الثروات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى «بنك جي بي مورجان الخاص» إن الشركات العائلية تمثل ما يقارب 80-90٪ من حجم التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي. حيث إن هذه الشركات تساهم بما نسبته 50-60 % من الناتج المحلي الإجمالي القومي وتشغل ما يصل إلى 70 % من القوى العاملة في المنطقة. ومع ذلك، فإن 25% فقط من الشركات العائلية لديها استراتيجية فعالة لانتقال الثروة وخطة تعاقب متناسبة قانونياً.

وأكد أنه يمكن للوالدين تمهيد وإعداد أولادهم البالغين لهذا التعاقب من خلال بضع خطوات بسيطة، مما يزيد من احتمالية الحفاظ على ثروة الأسرة وتنميتها، والأهم من ذلك الحفاظ على علاقات أسرية قوية.

فقد أصبحت أهمية إعداد وتهيئة الأولاد البالغين -عملية مدروسة وليست محادثة واحدة – أكثر وضوحاً وتشكلاً خلال فترة الجائحة، حيث اعتبر العديد من صانعي القرار الحاجة ملحة لضرورة رسم مسار واضح يسهم في إعداد أطفالهم خلال حياتهم وكيفية التعامل مع ميراث آبائهم بعد مماتهم. كما أن حوكمة الأسرة أيضاً تساعد على رسم ملامح خطة الطريق لهؤلاء الأولاد البالغين وتساعدهم على تمنية هذا الميراث والحفاظ عليه في كثير من الأحيان.

لجنة قضائية خاصة

وتحدث عن سبل فض المنازعات بعد رحيل مؤسس الشركة العائلية قائلاً إنه وعلى مستوى دولة الإمارات، توجد لجنة قضائية خاصة يتمثل دورها في الفصل في النزاعات القانونية المحتملة المتعلقة بقضايا الميراث، وليس الإشراف على الشركة أو أعمالها، حتى يتمكنوا من الاستمرار في العمل بشكل طبيعي. كما هي الحال بالنسبة للعديد من المجموعات العائلية الكبيرة، الذين ربما لم يحددوا مسبقاً تمييزاً قانونياً بين أصول العائلة وأصول الشركة. مما يتسبب في مخاوف حقيقية داخل الأسرة إن كانت هذه الأصول تحت سلطة فرد أو أفراد من الأسرة. على سبيل المثال، تتعقد حالة الميراث بين الورثة في حال كانت هناك عقارات سكنية أو أرض مملوكة للمجموعة يشغلها أفراد العائلة. لذلك يمكن أن تكون لجنة قضائية خاصة مفيدة في حل بعض تلك التعقيدات وبالتالي إما تجنب الخلافات بين الورثة وفي بعض الأحيان العمل على تسويتها.

وحول أهم المعوقات التي تحول دون تخطيط الخلافة في الشركات العائلية في الإمارات والمنطقة قال فليمنج إنه وكما هي الحال مع جميع الشركات العائلية، تواجه العائلات الخليجية العديد مما يمكن تسميته قضايا «يمكن التنبؤ بها»: من الافتقار إلى الشفافية حول كيفية اختيار الخلفاء عبر العديد من الأدوار المختلفة في مؤسسة عائلية وصولاً إلى الافتقار لقنوات التواصل من أجل مشاركة المعلومات حول عمل العائلة والشركات وما إلى ذلك.

استراتيجيات مختلفة

وتحدث فليمنج عن الاستراتيجيات المختلفة لتخطيط التعاقب؟ وأيها أكثر ملاءمة للشركات العائلية المحلية في الإمارات والمنطقة قائلاً: «في الشرق الأوسط، يوجد العديد من الأبناء يتقلدون مناصب في الشركات العائلية، وهذا يشكل تحدياً دقيقاً في اختيار الخليفة الأمثل عند الوفاة أو عند التقاعد. كما أن هناك أيضاً مشاركة متزايدة لأبناء الجيل الثالث في الأعمال التجارية العائلية، من خلال أدوار ومناصب مختلفة لكلٍ منهم. بالإضافة لذلك، فإن الزيادة في عدد الإناث اللواتي يشغلن مناصب إدارية في الشركات العائلية يُعد أيضاً عاملاً هاماً يجب أخذه في الاعتبار عند التخطيط في عمليات التعاقب والخلافة».

ومن أجل تحديد مجموعة من معالم تعليم الثروة، قال إنه يمكن للمؤسسين في الشركات العائلية النظر في:

• كيفية رعاية المشاعر الفردية لأولادهم واهتماماتهم وأهدافهم

• تطوير وعيهم المالي وكفاءتهم من خلال حضور الاجتماعات و / أو حضور برامج أو دورات تعلم من مستشاريك. على سبيل المثال، يقدم البنك برامج تعليمية حول مجموعة من الموضوعات بدءاً من الفهم والاستثمار في الأسواق العامة وصولاً لكيفية الاستثمار في المزيد من المشاريع الريادية

• تنمية معارفهم وتوعيتهم في مجال العمل الخيري

• تنمية قدراتهم على العمل جنباً إلى جنب كأشقاء أو أبناء عمومة

يساهم التواصل المتسق في تنظيم العائلات وتمكين جميع الأعضاء من الوصول إلى النتائج المرجوة. كما تعتبر الاستجابة لرغبة الجيل القادم من خلال حوارات مفتوحة وشفافة ومنظمة من العناصر الحاسمة لتماسك الأسرة ونجاحها.

الصورة
1

الوقت المناسب

من جانبه قال ساشين كيرور، الشريك الإداري لدى «ريد سميث» للاستشارات القانونية في الشرق الأوسط إن الشركات العائلية في الإمارات والمنطقة تحتاج إلى هياكل حوكمة قوية وشفافة وأن تضع مبادئ استراتيجية واضحة. عندها فقط يمكن إنشاء خطط ومحافظ استثمار طويلة الأجل قادرة على الانتقال عبر الأجيال. إن النظر إلى أفكار جديدة لنمو القطاع والتمويل الخارجي يمكن أن يساعد أيضاً على التوسع في مجالات أكثر ربحية إلى جانب تحسين السيولة وإدارة رأس المال.

وقال كيرور إنه من المفهوم جيداً أن خطط التعاقب الواضحة والمستدامة أمر بالغ الأهمية. لكن في كثير من الأحيان لا تضع الشركات العائلية استراتيجيات التعاقب في الوقت المناسب. إذ قد يرحل مؤسسو الشركات العائلية وتبدأ تحديات الميراث التي تزعزع استقرار الشركة. مما يؤدي إلى الدخول في دوامة قضايا الميراث وتطبيقات الشريعة والقوانين التجارية الأخرى. وفي حال كانت للشركة عمليات دولية، فقد يؤدي ذلك إلى تفكيك الهياكل، والخوض في المسائل الضريبية والتعقيدات القانونية الدولية بشكل أكثر تعقيداً. ولفت إلى أن هناك قائمة واسعة من استراتيجيات التعاقب التي يمكن اعتمادها الآن، كما أسهمت دولة الإمارات في سن الكثير من الإصلاحات التشريعية في هذا المجال.

وبالرغم من ذلك، لن تكون هناك استراتيجية واحدة تناسب الجميع، فالأمر يختلف من عائلة لأخرى. كما تتفاوت الضرورات التجارية والفلسفية وحتى الدوافع الإنسانية والعاطفية لدى العائلات، وجميعها تؤثر في اختيار هياكل التعاقب المعتمدة.

سيتطلب كل هيكل اتفاقيات قانونية مصاغة بعناية أو ترتيبات ائتمان خاصة بالشركة العائلية المعنية، ولا ينبغي استخدام الترتيبات الجاهزة. يجب وضع الترتيبات الدستورية، إلى جانب متطلبات الحوكمة والتدقيق اللازمة.

وقال: «في الواقع إن الافتقار إلى قواعد واضحة ومحددة لحوكمة الشركات وتأسيسها، لتحديد الأدوار وحقوق الملكية وسلطات اتخاذ القرار لأفراد العائلة، هو ما يؤدي بشكل رئيسي إلى نزاعات الميراث. يجب أن توفر جميع استراتيجيات التعاقب أيضاً مدخلات استشارية خارجية وربما خدمات للوساطة للتعامل مع قضايا التعاقب خارج المحاكم والسلطات القضائية».

وحول خيار تعيين لجنة قضائية للنظر في قضايا الإرث، قال كيرور تعتمد اللجنة القضائية الوساطة والمصالحة وأساليب أخرى لتسوية المنازعات بهدف منع تصاعد القضايا إلى نزاعات كاملة. لا تتولى مثل هذه اللجنة عمليات الشركة ولن تتخذ عادة قرارات ملزمة. كما تعمل على تهدئة أي نزاعات محتملة قبل نشوبها لدى المسؤولين والمساهمين والممولين، حتى لا يتم اتخاذ أي مواقف معادية لتجنب الإجراءات القانونية الرسمية.

اختلاف التطلعات والتوجهات

ومن جانبه قال شعبان المتولي، شريك قسم التقاضي لدى مكتب «بي إس إيه أحمد بن هزيم ومشاركوه» إن المعلوم أن الشركة العائلية تتكون من أفراد عائلة واحدة أو على الأقل يكون أفراد العائلة هم أصحاب الحصة المؤثرة في الشركة، وتكون لهم السيطرة الكاملة على إدارة الشركة وتوجه الشركة، فهم من يحددون نشاطها وأولويات هذه الشركة، وعادة ما يضع لبنة الشركة أحد أفراد العائلة، وبالتالي تكون أفكار هذا المؤسس هي المؤثرة في قرارات الإدارة وتوجهات وتطلعات الشركة، وتتابع الأجيال قد يؤدي بل هو يؤدي بالفعل إلى اختلاف التطلعات والتوجهات، والمعروف أن مدة الجيل في المتوسط تكون في حدود ربع قرن، وبالتالي يكون بين الجيل المؤسس والجيل الثالث اختلاف كبير، بل إن الظروف الاقتصادية قد تؤدي إلى وجود مثل هذا الاختلافات سواء فيما يتعلق بعملية التطوير أو التطلعات، وأكثر شيء قد يساعد على التقليل من النقص في الأعمال التي تنتقل من جيل إلى جيل، هو أن تساهم الأجيال الجديدة في الأعمال العائلية وأن يتاح لها الحق في تعديل التوجهات، ورسم سياسة الشركة.

تطوير الأعمال

وتحدث عن الاستراتيجيات المختلفة لتخطيط التعاقب، وأيها أكثر ملاءمة للشركات العائلية المحلية في الإمارات قائلاً: إن استدامة العمل تحتاج إلى خطة استراتيجية تضع في اعتبارها تطوير العمل بما يواكب التطوير الاقتصادي في الدولة، ومشاركة الأجيال المختلفة في وضع هذه الاستراتيجية، ومن أهم ما يمكن العمل به في هذا الشأن وضع فكرة النشاط ضمن أفراد العائلة وتمكين أفراد العائلة من الأجيال الجديدة من المشاركة الفعالة في عملية الإدارة اتخاذ القرار، أيضاً يجب أن تكون هناك مشاركة من خارج العائلة في عملية وضع خطط العمل والتطوير واتخاذ القرارات المهمة في العمل العائلي، بل إن البعض يرى أن إدارة العمل العائلي يجب أن تكون من خلال كيان إداري مستقل بعيد عن العائلة بحيث يحدد المخصصات المالية للعائلة ولا يؤثر ذلك في الكيان المالي للعمل العائلي، وأيضاً ربط العمل العائلي بالتطور الاقتصادي في البيئة التي يمارس فيها، أيضاً من المهم أن يتم تأهيل بعض أفراد العائلة من الناحية العلمية والإدارية لكي يتمكنوا من تطوير العمل، وربط الجديد بالقديم. وتناول خيار تعيين لجنة قضائية لفض النزاعات المحتمل وقوعها بين الورثة في الشركات العائلية لافتاً إلى أن اللجنة القضائية التي قد تشكل من المسؤول عن دائرة القضاء في الإمارة أو من الحاكم فيها، عادة ما يقصد منها إنهاء النزاع بشأن مسائل محددة في وقت وجيز، بحيث تكون أحكامها وقراراتها نهائية غير قابلة للطعن فيها، كما يسمح لها أيضاً بالقيام باختصاصات وقتية.

أما بالنسبة للجنة الخاصة بقضايا الإرث بالنسبة للشركات، فلا يتصور ذلك إلا إذا كانت هذه الشركة قد توفي مالكها أو من يملك حصصاً فيها سواء أكانت مؤثرة أو غير مؤثرة ولا يتصور ذلك إلا إذا كانت هذه الشركة أو تلك الشركات على قدر وافر من الأهمية، وبالتالي تتولى اللجنة الفصل في كل ما يتصل بحصة المتوفى من نزاعات سواء تعلق ذلك في علاقة هذه الحصة بالغير، أم كان متعلقاً بالعلاقة بين من انتقلت إليهم هذه الحصة.

حدث انتقالي محوري

وقال شادي الزين، مستشار تنفيذي أول بشركة استراتيجي& الشرق الأوسط، وهي جزء من شبكة بي دبليو سي العالمية، إن التوريث يعدُّ حدثاً انتقالياً محورياً بالنسبة للعائلات، إذْ تنتقل بموجبه ملكية العقارات والأصول من الشخص المُتوفَى لورثته. وعادةً ما تخضع هذه المسألة للتنظيم الصارم من خلال القوانين ذات الصلة – مثل قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات– وأحكام الشريعة الإسلامية، والوصايا والمواريث القانونية. ومع هذا، قد ينشأ الخلاف بين أفراد العائلة متسبباً في وقوع نزاعات قانونية محتملة بين الورثة. وفي مثل هذه الحالة، يمكن تعيين لجنة قضائية للمساعدة على تحقيق الوساطة، وتسوية مثل هذه النزاعات، والإشراف على انتقال الأصول والعقارات للورثة. ويتمثل الدور الأساسي للجنة القضائية في البت في أية نزاعات قانونية محتملة مرتبطة بالإرث، ويكون قرارها عامةً بمثابة حكم رسمي مُلزم. ومن الأمثلة على ذلك ما حدث بعائلة الفطيم مؤخراً، حيث تم تعيين لجنة قضائية للإشراف على مسألة الانتقال التي كانت محل نزاع بين الورثة. وبخلاف حالة مجموعة ماجد الفطيم، وعلى الرغم من أنّ هذه اللجان لا تشمل الإشراف على الشركة أو الأعمال – حيث تركز مهمتها على تسوية مسألة الانتقال للمساهمين الجدد – فإن وجود مؤشرات للخلاف بين المساهمين الجدد وفقدان قيادة المؤسس التقليدية هي أمور قد تؤدي إلى التأثير سلباً في مساهمي الأقلية خاصةً في الشركات المدرجة للتداول.

وتطرق في حديثه إلى فرص استمرارية وبقاء الشركات العائلية لأجيال متعاقبة لافتاً إلى أنه في الحقيقة، تقل فرص بقاء واستمرارية الشركات العائلية -على الصعيد العالمي - مع كل جيل راحل، حيث تعد مسألة الانتقال من الأحداث الهامة في تاريخ الشركات العائلية والتي تتعرض خلالها لحالة من التعثر والارتباك. وتتفاقم خطورة هذه المسألة في منطقتنا مع العائلات الأكبر حجماً التي تنمو بصورة كبيرة مع كل جيل جديد.

أسئلة يجب طرحها:

* من الذي سيمتلك الأسهم من الجيل التالي؟ ومن الذي سيتولى إدارة الشركة؟ وما هي الأدوار المنوطة بمختلف أفراد العائلة؟

* متى وكيف ستتم عملية الانتقال؟ وكيف ستستعد العائلة لهذا الحدث؟

* كيف يمكن للعائلة تحقيق القبول والاقتناع بخطة التعاقب؟

* من الذي سيرعى مسألة الحفاظ على ترابط العائلة والالتزام نحو الشركة؟

معوقات تخطيط الخلافة

أشار المتولي إلى أن أكبر ما يعيق تخطيط الخلافة في الأعمال العائلية هو عدم وجود أفراد العائلة من الأجيال الصغيرة ضمن جهة الإدارة المؤثرة في إدارة الأعمال العائلية، وبالتالي يفقد هؤلاء الحماس نحو الاستمرار في هذه الأعمال، مما قد يدعوهم إلى تصفية العمل لتأسيس عمل جديد، باعتبار عدم المشاركة في الإدارة يؤدي إلى عدم الوقوف على ماهية الأعمال التي انتقلت إلى هذا الجيل بالإرث، لاسيما إذا انعدم الانسجام بين أفراد العائلة، أيضاً قد يكون من معوقات تخطيط الخلافة عدم وجود الرغبة لدى العائلة إلى الاجتماع في عمل واحد، ورغبة البعض في الانفصال بعمل مستقل، أيضاً عدم وجود مخطط استراتيجي للعمل بما يهدف إلى التطوير.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"