عادي

الموت السريري والموت الدماغي

21:54 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

هناك مصطلحان شائعان في الساحة الطبية هما الموت السريري والموت الدماغي، وقد عرف أهل الاختصاص الموت السريري بأنه هو حالة الانعدام الفجائي لدوران الدم في الأوعية الدموية والتنفس الواعي.

وفي حالة الموت السريري يمكن إحياء الشخص بوساطة إنعاش القلب والرئتين،، وإلا فإنه سينتقل لا محالة إلى مرحلة الموت الدماغي الذي يسمى بالموت البيولوجي أيضاً.

أما الموت الدماغي أو البيولوجي، فهو حالة انعدام وظائف الدماغ (المخ) وجذع الدماغ والنخاع الشوكي بشكل كامل.

ويقول الأطباء: إن الشخص الميت موتاً دماغياً يمكن أن يعمل قلبه لبرهة من الوقت حتى بعد موته، لأن القلب يدق بنفسه.

والفرق بين هذا وذاك أن الميت موتاً دماغياً لا يقدر على التنفس، ومن ثم فإن نسبة الأكسجين تقل تدريجياً في الدم، فيؤدي ذلك إلى توقف القلب.

وحصل أن بعضهم مات موتاً دماغياً، لكن قلبه ظل يعمل ثمانية وستين يوماً، لكن الأطباء يقولون: إن كان جذع المخ مات فلا أمل في إنقاذه، والمريض يكون انتهت حياته، ولو ظلت في أجهزة أخرى من الجسم بقية من حركة، فإنها في طريق التوقف.

وفي المقابل، وجد من مات سريرياً، فحكم عليه بالموت، لكن بوساطة الإنعاش عادت إليه الحياة، مما يؤكد أن الجزم بأن الموت السريري أو الموت الدماغي نهاية حياة، وللطبيب أن يقدر ذلك، وهذا القول فيه تجرؤ على الله تعالى، فالله تعالى وحده يقدر الحياة والموت، قال تعالى: «وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً»، الآية 145 من سورة آل عمران.

وأما القول بأن الميت موتاً دماغياً يشبه من تبرع بإحدى كليتيه ثم بعد فترة مات، لكن كليته التي تبرع بها حية في الشخص الآخر، ومع ذلك فإن المتبرع نحكم عليه بأنه ميت، وكذلك من مات دماغه وقلبه ينبض.

هذه المقارنة غير صحيحة، لأن الكلية الحية في جسم شخص آخر، لو لم يكن ذلك حياً لما ظلت تعمل.

من هنا، فإن البيان الذي أصدره الدكتور ممدوح سلامة، الرئيس الأسبق للجمعية المصرية لجراحي المخ والأعصاب، نص على أنه لا موت والقلب ينبض، فالأحياء وحدهم هم من تدق قلوبهم التي في صدورهم. وهم وحدهم من تعمل أعضاؤهم وأجهزتهم.

وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي برئاسة الدكتور عصام أحمد البشير، عدم الخلط بين الغيبوبة النهائية التي لا رجعة فيها، وبين الغيبوبة المؤقتة.

كما أكد الدكتور عبدالله الزبير، الأمين العام للمجمع، أن الموت الدماغي لا يعتبر وفاة حقيقية، ولفت النظر إلى أن أربعين عالماً أجمعوا على أن الموت الدماغي ليس حقيقياً.

وفي المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي انقسم الفقهاء إلى قسمين:

1- القانون بأن الموت الدماغي نهاية للحياة الإنسانية حتى ولو لم يتوقف القلب والدورة الدموية، واستدلوا بأن المولود إذا لم يستهل صارخاً لم يعتبر حياً حتى لو تنفس وبال، لأن ما يحصل لا إرادي بسبب موت الدماغ الذي هو المحرك.

وقالوا أيضاً إن الأطباء يقولون إذا رفض المخ قبول التغذية مات الإنسان، والأطباء بما أنهم أهل الاختصاص، وجب علينا أن نصدقهم.

2- القائلون بأن موت دماغ الشخص دون قلبه لا يعد موتاً، واستدلوا بقوله تعالى: «أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم» إلى قوله تعالى: «ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا»، فقوله تعالى بعثناهم أي أيقظناهم.

* القاعدة تقول: اليقين لا يزول بالشك، واليقين هنا حياة المريض الذي قلبه ينبض.

* القاعدة الأخرى تقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان، فالأصل هنا أن المريض حي، فيبقى كذلك حتى نجزم بزواله..

وذهب إلى هذا القول: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ علي جاد الحق، والشيخ بكر أبوزيد، والشيخ محمد سعيد البوطي.

ويظهر أن هذا الرأي هو الأحوط، فلا يجوز الحكم بموت إنسان، إلا إذا توقف الدماغ والقلب معاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"