حرب أوكرانيا ستطول

00:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

صدق القول: «من السهل أن تبدأ معركة، لكن من الصعب أن تنهيها»، ينطبق ذلك على الحرب الأوكرانية التي تجري على أراضيها بكلّ ما تعنيه من خسائر في الأرواح والممتلكات. الحرب مكلفة أيضاً لروسيا، لكن خسائرها أقل. وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أعلن قبل أيام بأنّ «القوات الروسية عطلت 118 هدفاً من عناصر البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا»، وقال: إنّ القوات الروسية لا تنفذ أية هجمات صاروخية أو جوية أو مدفعية على مدن أوكرانية. 

 بالتزامن مع ذلك، أعلن إدوارد باسورين المتحدث باسم قوات الدفاع الشعبي في جمهورية دونيتسك أنّ «وحدات قوات المقاطعة المذكورة فرضت سيطرتها على 3 مناطق سكنية على محور ماريوبول في دونباس»، وأضاف: إن «أفراد الكتيبة الأوكرانية الأولى التابعة للوحدة 36 مشاة بحرية تركوا مواقعهم في منطقة زاموجنوي من أجل المحافظة على حياتهم، تاركين خلفهم الأسلحة والذخيرة».

 من جانب آخر، أعلن الرئيس الأمريكي أنه لن يسمح باندلاع حرب عالمية ثالثة على خلفية الأحداث في أوكرانيا، فيما اتهمت موسكو الإدارة الأمريكية بمحاولة فرض أجندتها الخاصة على العالم.

 المطالب الروسية باتت معروفة من الحرب مع أوكرانيا؛ وهي: منع كييف من الانضمام لحلف الناتو؛ والمطالبة بحيادها؛ وعدم وضع أسلحة وقواعد صاروخية موجهة إلى أراضي الفيدرالية الروسية في أوروبا الشرقية. فهل توافق كييف والدول الغربية على المطالب الروسية؟ لا يبدو أن ذلك سيتم في وقت قريب، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة أمد دائرة الحرب.

 على صعيد الجبهتين الاقتصادية والسياسية، تحركت الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها لعزل ومعاقبة الكرملين بشكل أكبر، وأعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستخفض بشكل كبير وضعها التجاري مع روسيا، وستحظر واردات المأكولات البحرية الروسية والكحول وغيرهما، كما اتخذ خطوة تقضي بإلغاء وضع روسيا «كدولة أولى بالرعاية» بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع، مضيفاً أن «العالم الحر يتحد لمواجهة بوتين». ومع دخول المواجهة الدموية أسبوعها الثالث قال الرئيس الروسي: «لقد حصلت بعض التطورات الإيجابية في المحادثات الجارية بين المفاوضين الروس والأوكرانيين»، لكنه لم يتطرق للتفاصيل. كما ظهر الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي في تسجيل مصوّر لتشجيع شعبه على مواصلة القتال، وصرّح من مقرّه أنه «من المستحيل تحديد عدد الأيام التي سنحتاج إليها لتحرير أرضنا، لكننا على يقين بأننا سنفعل ذلك»، كما أعلن أن القوات الأوكرانية استطاعت تدمير العديد من الآليات الروسية، مؤكّداً أن روسيا لن تستطيع احتلال كييف إلا إذا دمّرها الجيش الروسي بالكامل.

 قدّرت أوكرانيا، مؤخراً، حجم خسائرها المادية التي تعرضت لها منذ بدء الهجوم الروسي ب 119 مليار دولار، وأن 75% من الشركات في المناطق المتضررة من الحرب توقفت عن العمل، كما أن معظم شركات التعدين شرقي أراضيها لا تعمل. 

 وقال الناطق باسم الحكومة الأوكرانية: إن النمو الاقتصادي أصبح محبطاً للغاية حتى لو توقفت الحرب الآن. 

 ويعد معلقون سياسيون وخبراء أن الخسائر البشرية والمادية في الحرب الحالية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وفي تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الدولية اعتبر الباحث غوستاف غريسيل أنه «إذا استمرت القوات الأوكرانية في إلحاق خسائر بالجيش الروسي بالمعدل الحالي، فسيتعين على بوتين الشروع في استراتيجية خروج قابلة للتطبيق». وبحسب ما نقلت شبكة «سي بي إس» الأمريكية، فإن الولايات المتحدة والغرب لا يرجحون أن تكون الحرب الحالية قصيرة الأمد، وأن عواقبها السياسية والاقتصادية ستكون مأساوية.

 خلاصة القول.. في ظلّ هذه الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، على الجانبين الروسي والأوكراني، لابد للبلدين من الاتفاق على وقف هذه الحرب التدميرية من خلال طاولة المفاوضات، لحلّ كافة المسائل الخلافية بينهما، لكن للوصول إلى هذا الهدف سوف تبقى الحرب مستعرة حتى وقت طويل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"