عادي
بكين مرغمة على إعادة تصويب وجهتها لإنقاذ اقتصادها

هل تنجح الصين في تبديد «فقاعات اقتصادية» من دون «إثارة انهيار»؟

09:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
بين عودة تفشي كوفيد- 19 وتراجع الأسواق، تعهّدت الصين بدعم النشاط الاقتصادي ولو تطلّب ذلك إعادة تصويب وجهة سياستها الاقتصادية.
وفي اجتماع للحكومة هذا الأسبوع، صدر إعلان الأربعاء أكد «وجوب اتخاذ خطوات ملموسة، لتعزيز الاقتصاد في الربع الأول»، ما انعكس فوراً على الأسواق على الرغم من عدم الكشف عن أية تدابير محددة، فارتفعت بورصة هونج كونج 16% في يومين بعد تراجع استمر جلسات على ارتباط بطفرة الإصابات الجديدة في الصين.
وأوضح المحلل تشين لونغ من مكتب «بلينوم» لوكالة فرانس برس أن «الحجر المنزلي هو الدافع الرئيسي» خلف قرار بكين.
وبعدما خرجت الصين قبل باقي العالم من الوباء منذ عام 2020، تواجه في الأيام الأخيرة أسوأ طفرة وبائية منذ الموجة الأولى، ما أرغمها على فرض الحجر على عشرات الملايين، فيما أغلقت مدينة شينزين في الجنوب بالكامل.
والمدينة المعروفة بـ«سيليكون فالي الصين» تؤوي مقرّي شركتي التكنولوجيا العملاقتين الصينيّتين «هواوي» للهواتف وإنترنت الجيل الخامس، و«تينسنت» للإنترنت وألعاب الفيديو، وهي ثالث أكبر مدينة في الصين من حيث إجمالي الناتج المحلّي.
ويتزامن تدهور الوضع الصحي مع تباطؤ النمو الاقتصادي على وقع استهلاك ضعيف وتشديد للقيود في عدة قطاعات حيوية وعدم اليقين المرتبط بالأزمة الأوكرانية.
ورأى كليفورد بينيت المحلل في شركة «إيه سي واي» للوساطة في أستراليا أن «الصين تواجه معركة غير مسبوقة» على الصعيد الاقتصادي.
وتتوقع الحكومة نمواً لا يتخطى 5.5% هذه السنة، وهي أدنى توقعات رسمية منذ ثلاثة عقود، وإن كانت هذه النسبة تعادل اقتصاداً من الحجم الكبير يصل إلى تريليون دولار.
موقف صعب
في هذه الظروف، تبدو السلطات على استعداد لتليين سياساتها التي تتعلق بالقطاع الخاص، والتي أضرّت خصوصاً منذ سنتين بمجالي التكنولوجيا والعقارات.
في المجال الرقمي، أظهرت السلطات تصلّباً ولا سيّما في مسائل المنافسة والبيانات الشخصية.
وهذا «التصحيح» في الممارسات السارية على نطاق واسع حتى الآن، كلّف عملاقي التكنولوجيا مئات المليارات من القيمة السوقية منذ 2020.
وإن كان تقرّر الإبقاء على الوجهة المتّبعة، فإن بكين شدّدت، الأربعاء، على ضرورة أن تكون الأطر التنظيمية اعتباراً من الآن «شفافة ويمكن التكهّن بها».
كذلك تضرّر المجال العقاري من جرّاء تدابير كان الهدف منها تصحيح أوضاع القطاع الذي يعاني ديوناً طائلة ومضاربات خارجة عن السيطرة.
ودعت السلطات بعد اجتماع، الأربعاء، إلى «التخفيف من المخاطر» وعرض «تدابير دعم» من أجل «مواكبة التحول» الحاصل في قطاع يمثّل مع قطاع البناء أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلّي الصيني.
ويجد الكثير من المطوّرين منذ 2020 صعوبة كبرى في مواصلة أعمالهم، ولا سيما مجموعة «إيفرجراند» العملاقة التي باتت على شفير الإفلاس.
والخلاصة بحسب المحللة كيندرا شافر من مكتب «تريفيوم تشاينا»، هي أنه لا بدّ من اتّخاذ تدابير تنظيمية ولكن «من دون زعزعة استقرار» السوق.
وأشارت إلى أن الاستقرار هو بنظر السلطات مسألة «أمن قومي».
فقاعات اقتصادية
ولفت المحلّل راجيف بيسواس من مكتب «آي إتش إس ماركيت» متحدثاً لوكالة فرانس برس إلى أن بكين «في موقف دقيق»؛ إذ تحاول تبديد «فقاعات اقتصادية» من دون «إثارة انهيار».
وهذا ما يدفع كيندرا شيفر على الاعتقاد بأن «هناك احتمالاً كبيراً» بأن تعتمد السلطات «نهجاً أكثر اعتدالاً».
وفي سياق من التوتر الشديد مع الولايات المتحدة، عمدت الصين قبل عام إلى تقليص حجم شركاتها التكنولوجية العملاقة.
وعملاً بهذه السياسة، تتمتنع الصين عن إدراج أسهم هذه الشركات في البورصات في الخارج، مفضلة جمع الأموال في السوق الوطنية، مثل هونج كونج وشنجهاي وشينزين وبكين.
وأرغمت شركة «ديدي» المعروفة بـ«أوبر الصينية» العام الماضي على الانسحاب من «وول ستريت» بعدما طرحت أسهمها فيها من دون الحصول على موافقة السلطات الصينية.
وأوحت بكين الأربعاء بتليين موقفها؛ إذ أعلنت أنها «تعمل» مع واشنطن حول مسائل طرح أسهم الشركات الصينية في البورصات الأمريكية.
ورأى بينيت أن الأزمة الأوكرانية شكلت «بالتأكيد» عاملاً خلف توجيهات بكين الجديدة؛ حيث تحاول واشنطن الضغط بقوة، لمنع الصين من تقديم مساعدات تقول الإدارة الأمريكية إن من شأنها دعم الاقتصاد الروسي بوجه العقوبات.
وتراقب الأسواق تحركات بكين وسعيها للتوازن بين العلاقة مع حليفها وما قد ينتج عته من تعرضها هي نفسها لعقوبات غربية.
وفي هذا السياق، يرى بينيت أن «آخر ما تريده بكين هو هروب الرساميل».
وخرجت أكثر من 4 مليارات دولار من الصين منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير، بحسب الخبير الاقتصادي روبن بروكس من معهد المالية الدولية.
(أ ف ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"