حظر الطيران يعني الحرب

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

فيما كان أوار الحرب في أوكرانيا يستعر، كانت الدعوات لحلف شمال الأطلسي والدول الغربية، لفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا تتزايد، وصدرت الدعوات من جانب الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكى ورئيس وزرائه ووزيري دفاعه وخارجيته، لحماية الأجواء الأوكرانية من الطائرات المقاتلة الروسية التي يبدو أنها فرضت سيطرة جوية كاملة، بعد أن تمكنت من شل سلاح الجو الأوكراني.

 الدعوة تحمل في طياتها مخاطر من توسع رقعة الحرب، وربما تحولها إلى حرب عالمية، لأنها تعني معارك جوية بين الطائرات الروسية والغربية، وهو أمر بالغ الخطورة، ويسقط كل الخطوط الحمر القائمة حالياً.

 يدرك كل من حلف الأطلسي والدول الغربية ذلك، كونه خارج حساباتهم العسكرية، وهم ليسوا على استعداد لمثل هذه الخطوة الخطرة؛ لذلك فقد بادر أمين عام الحلف ينس ستولتنبيرغ إلى رفض الطلب، مبرراً ذلك بأنه لا يجب أن تدخل مقاتلات الحلف المجال الجوي الأوكراني، أو قوات الحلف الأراضي الأوكرانية «لأن هذا يعني إسقاط مقاتلات روسية، وهو الأمر الذي قد يسبب حرباً كاملة الأركان في كل أوروبا».

 إذ إن منطقة حظر الطيران تعني عدم السماح للطائرات الروسية بالعبور والتحليق في المجال الجوي لأوكرانيا. ويطبق الحظر بوسائل عسكرية من خلال استخدام أنظمة مراقبة وسلاح طيران، وتنفيذ ضربات استباقية ضد الأنظمة الدفاعية في الأجواء التي يشملها الحظر، وكذلك إسقاط أية طائرة في المنطقة المحظورة.

 لم يختلف الموقف الأمريكي عن موقف حلف الأطلسي؛ إذ أكدت وزارة الخارجية رفض فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، وقالت: إن الدعم المقدم لأوكرانيا يقتصر على الأسلحة والعتاد، لتعزيز قدراتها العسكرية التي تمكنها من القتال والصمود لأطول فترة ممكنة.

 الدعوة الأوكرانية لا تأخذ في الاعتبار الخطر الذي يمكن أن يتسبب به لأوروبا والعالم، هي فقط تنطلق من زاوية هزيمة روسيا، أو ردعها عن مواصلة هجومها على الأقل.

 إن تنفيذ الحظر مغامرة بحرب غربية مباشرة مع روسيا، أي اتساع الحرب على مدى مساحة أوروبا، ويمكن أن تتصاعد إلى حرب عالمية مع قوة عظمى مسلحة نووياً. 

 إضافة إلى ذلك، فإن حلف الأطلسي ليس مستعداً من الناحية التقنية لتوفير أدوات فرض الحظر الجوي الذي يحتاج إلى عمليات مراقبة جوية مستمرة، ونشر ناقلات تزود الطائرات بالوقود، وطائرات حربية ومقاتلة على مدار الساعة. 

 في كل الحروب تخرج دعوات صادمة وغير منطقية لتغيير مسرح العمليات من خلال المطالبة باللجوء إلى أساليب عسكرية غير عقلانية أو متطرفة قد تؤدي إلى توسيع رقعة الحرب أو تضخيم الخسائر، أو أن تكون تداعياتها كارثية على الجميع، مثل الدعوة إلى فرض منطقة حظر جوي، أو اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية محدودة القوة في ساحة المعركة للإسراع في حسم الحرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"