عادي

تعرّف إلى كلب ينتقد الاشتراكية

16:49 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

تتركز أحداث رواية «قلب كلب» للروائي الروسي ميخائيل بولغاكوف حول التجربة العلمية التي يقوم بها البروفيسور بريوبراجينسكي، حيث ينقل الغدة النخامية من رجل قُتل حديثاً إلى دماغ الكلب شاريك، فيحوِّل من خلالها الكلبَ اللطيف إلى رجل ذي هيئة دميمة يتحول اسمه إلى شاريكوف فتتحد في ذلك الكائن الناتج عن هذه التجربة العلمية طباع الكلب الجائع والذليل أبداً مع مواصفات الإنسان المانح (كليم تشوغونكين) المدمن على الكحول ومن أصحاب السوابق.

ولأن العامل الوراثي مثقل هنا، فإن عملية إعادة تربية الكلب/الإنسان تتعثر جداً؛ إذ يعجز البروفيسور بريوبراجينسكي ومساعده بورمِنتال عن تعليمه قواعد السلوك الحسن وتطوير الآداب الإنسانية لديه.

فمثلاً، من بين مختلف الأنشطة الثقافية المتاحة نجد أن السيرك هو أكثر ما يروق لشاريكوف، في حين أنه يرفض الذهاب إلى المسرح ويعتبره «معادياً للثورة».

أضف إلى ذلك أنه دخل على خط إعادة تربية الكلب رئيس لجنة البناية التي يسكن فيها البروفيسور بريوبراجينسكي المدعو شفوندر، والذي يسعى جاهداً لكي يضم شاريكوف في أسرع وقت ممكن إلى بناة الاشتراكية، ولهذا نجده يمدّ شاريكوف بمختلف الأدبيات الماركسية من مثال «مراسلات إنجلز مع كاوتسكي». والحقيقة هي أن شفوندر يمقت بريوبراجينسكي لأن هذا الأخير يشغل سبع غرف في البناية، وقد باءت محاولات شفوندر في التضييق عليه وانتزاع غرفة منه بالفشل؛ لأن حياة أشخاص ذي نفوذ كبير في موسكو تتوقف على مهارة البروفيسور الجراح، فلا يبقى أمام شفوندر سوى الاعتماد على شاريكوف.

ثم نرى كيف أن شاريكوف حصل على بطاقة شخصية من شفوندر باسم بوليغراف بوليغرافيتش، ونرى كيف أن بوليغراف هذا صار يحفظ جيداً الشعارات الاشتراكية، وأكثر من ذلك راح يستعملها بخبث عند حواره مع خصومه المثقفين؛ بل إنه بدأ يعتبر نفسه «من العناصر العمالية»، وراح يطلق على شفوندر لقب «المدافع عن المصالح الثورية».

باختصار نجد أن خصال شاريكوف (التخلف العقلي والانحطاط الأدبي والأخلاقي إضافة للنزعة الطفيلية) وجدت تطويراً لها بفضل الشعار الثوري السائد حينذاك: «من كان لا شيء، سيصبح كل شيء». وهذا ما يحاول شفوندر تلقينه لشاريكوف مانحاً إياه الثقة والوقاحة.

وبالفعل بعد أن يشعر بالأمان وأنه تحت حماية السلطة البروليتارية، نجد شاريكوف يلجأ إلى تهديد البروفيسور ومساعده ويحاول فرض شروطه عليهما؛ بل نجده يتنصت على حديثهما لكي يسطر تقريراً بحقهما، وهذا ما يقوم به بالفعل؛ إذ يكتب وشاية بحق البروفيسور.

اعتبرت الرواية التي صدرت عام 1925 ناقدة للاشتراكية معادية للسلطات في الاتحاد السوفييتي ومُنعت من النشر، ولم تطبع في روسيا إلا عام 1987.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"