عادي
مدينة ماجدبورج الألمانية تدخل الصراع مع آسيا

حروب عالمية طاحنة على الرقائق

22:17 مساء
قراءة 5 دقائق
  • «إنتل» تبني مصنعاً عملاقاً في ألمانيا ب 18.7 مليار دولار
  • ندرتها أدت إلى توقف تصنيع السيارات وتأخر أجهزة الألعاب والهواتف الذكية
  • أداة سياسية استهدفتها واشنطن وبروكسل لعزل موسكو عن الاقتصاد العالمي
  • روسيا وأوكرانيا تُصدّران البلاديوم والنيون المستخدمين في صناعة أشباه الموصلات
  • صانعو الرقائق يحتاجون إلى تجنب تحويل أشباه الموصلات الأوكرانية إلى سلاح
  • حصة أمريكا السوقية تتراجع إلى 15% بعدما كانت 40% في التسعينات
  • الاتحاد الأوروبي يمتلك الآن 10% من السوق بعدما كان 20%
  • بايدن يخطط لضخ 52 مليار دولار كجزء من مشروع قانون المنافسة الصيني
  • الاتحاد الأوروبي يبحث ضخ 48 مليار دولار لبناء قدرته في صناعة الرقائق
  • الصين تنفق 150 مليار دولار بحلول عام 2030 لتحفيز الإنتاج

تشتهر مدينة ماغدبورغ الألمانية بكاتدرائيتها القوطية الشاهقة، لكنها على وشك أن تلعب دوراً رئيسياً في الجهود الأمريكية والأوروبية لتغيير ميزان القوى العالمي. وكشفت شركة «إنتل» النقاب عن خطط لبناء مصنع عملاق بقيمة 17 مليار يورو (18.7 مليار دولار) لإنتاج أحدث أشباه الموصلات في المدينة، إضافةً إلى مصانع جديدة في أريزونا وأوهايو. ويعد ذلك جزءاً من خطة الرئيس التنفيذي، بات غيلسنجر، لانتزاع السيطرة على الإنتاج من آسيا ومعالجة النقص العالمي في الرقائق الذي تفاقم خلال جائحة «كوفيد»، والذي انكشف مرة أخرى في أعقاب التوتر الروسي لأوكرانيا.

وقال غيلسنجر بعد الكشف عن مصنع الشركة في ماغدبورغ: «إن الوضع الراهن يعزز سبب قيامنا بهذا المشروع، مع الحاجة إلى سلسلة إمداد مرنة ومتوازنة عالمياً».

وطموح غيلسنجر هو طموح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين وعدوا بدعمه بمجموع 100 مليار دولار، وذلك في سباق لتقليل الاعتماد على الواردات في الوقت الذي تخطط فيه الصين لتحويل نفسها إلى مركز رئيسي لإنتاج وتصنيع الرقائق وأشباه الموصلات.

ومع ذلك، وخلف الأبواب المغلقة، يشعر بعض الأشخاص في القطاع بقلق متزايد من أن الضغط لجعل الغرب أكثر قدرة على المنافسة قد يأتي بنتائج عكسية. والقلق ليس فقط متعلقاً في أن أموال الدعم ستكون قليلةً جداً ومتأخرةً جداً، ولكن يتعلق أيضاً بالقيود السياسية المرتبطة بالمساعدات والتي قد تزيد من تعقيد سلاسل التوريد العالمية.

وسوف تتنافس أجزاء مختلفة من العالم لتأمين الإمدادات، مع مناصرتها لمصانعها المحلية التي لا تستطيع حتى الآن ملء الفراغ.

عمليات التصنيع

وأدت ندرة أشباه الموصلات إلى توقف بعض عمليات تصنيع السيارات وتأخر شحنات أجهزة الألعاب والهواتف الذكية، ما أدى إلى إيقاظ واشنطن وبروكسل على حقيقة أن قارتيهما تعتمدان على عدد قليل من المناطق لتوفير الأجزاء الرئيسية في عمليات التصنيع. وأبرز هذه المناطق تايوان، وهي نقطة جيوسياسية ساخنة بسبب العلاقات المتوترة تاريخياً مع الصين والتي تخضع لمزيد من المراقبة منذ توترات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقال رودي دي وينتر، الرئيس التنفيذي لشركة «أكس فاب سيليكون فاوندريز» الألمانية لصناعة الرقائق، إن قطاع أشباه الموصلات، هو تجارة عالمية للغاية، وقد حقق نجاحاً في كونه قطاعاً عالمياً.

أداة سياسية

وتعد روسيا، التي تم فرض عقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، مثالاً واضحاً على كيف أصبحت أشباه الموصلات أداة سياسية ذات أهمية متزايدة، وكانت من أولى السلع التي استهدفتها واشنطن وبروكسل لعزل موسكو عن الاقتصاد العالمي، وقد هددتا باستمرار باتخاذ مزيد من الإجراءات، فعلى سبيل المثال تضرر قطاع تصنيع السيارات في روسيا بشكل كبير بسبب نقص الرقائق.

وعلى الجانب الآخر، تُصدّر روسيا وأوكرانيا البلاديوم والنيون المستخدمين في صناعة أشباه الموصلات، وذلك على الرغم من أن صانعي الرقائق قللوا من أهمية التأثير المحتمل للأزمة بين البلدين على ذلك.

وقالت وزيرة التجارة الأمريكية، جينا ريموندو، في مقابلة سابقة إنه إذا تحدّت الشركات الصينية القيود الأمريكية المفروضة على التصدير إلى روسيا، فيمكن لواشنطن أن تغلق الشركات بقطعها عن المعدات والبرامج الأمريكية التي تحتاجها.

وقال رافائيل لاجونا دي لا فيرا، الرئيس التنفيذي لشركة «SPRIN-D» إن صانعي الرقائق يحتاجون إلى سلاسل إمداد تتجنب تحويل أشباه الموصلات الأوكرانية وغيرها من التقنيات المتقدمة إلى «سلاح» في الحروب التجارية الحالية وقضايا سلاسل التوريد الأخرى، وأضاف: «هذا هو السبب في أن الدول بحاجة إلى الاستثمار في التكنولوجيا لتصبح مرنةً أكثر».

حصة السوق

وتريد الولايات المتحدة وأوروبا استعادة حصتهما في سوق الرقائق بعد الانهيارات في العقود الأخيرة. واستحوذت الولايات المتحدة على ما يقرب من 40% من إنتاج رقائق السيليكون في العالم في التسعينات، بينما كان الاتحاد الأوروبي يمثل أكثر من 20%، وفقًا للأرقام التي استشهدت بها واشنطن وبروكسل.

وتستحوذ الولايات المتحدة الآن على أقل من 15% والاتحاد الأوروبي على 10% من السوق.

ضخ استثمارات

ويخطط الرئيس الأمريكي جو بايدن لضخ 52 مليار دولار في أبحاث وتطوير وإنتاج أشباه الموصلات المحلية كجزء من مشروع قانون المنافسة الصيني الواسع، على الرغم من أن القانون لا يزال ينتظر الموافقة. وفي غضون ذلك، تقوم الدول الأعضاء ال 27 في الاتحاد الأوروبي ببحث الاقتراح الأخير للمفوضية الأوروبية لضخ 48 مليار دولار من أجل بناء قدرته الخاصة في مجال صناعة الرقائق.

وتنفق الصين بالفعل ما يمكن أن يصل إلى 150 مليار دولار بحلول عام 2030 لتحفيز الإنتاج. إلا أن البلاد لا تزال متخلفة عن الركب، خاصةً عندما يتعلق الأمر بصناعة الرقائق المتقدمة، لكنها تلحق بالركب بسرعة أكبر من أوروبا والولايات المتحدة.

تنشيط الصناعة في أمريكا

وقالت جينا ريموندو، خلال زيارتها لمصنع «إنتل» الجديد في أوهايو في شهر يناير الماضي: «نحن نركز على تنشيط صناعة أشباه الموصلات في أمريكا. وأشباه الموصلات هي اللبنات الأساسية لاقتصادنا الحديث».

وعلى الرغم من ذلك، يرغب بعض أعضاء الكونجرس في رؤية أموال دافعي الضرائب مرتبطة بسياج الحماية الذي يمنع الشركات من استخدام الأموال للاستثمار في الصين، بينما ضغطت شركة «أنتل» في مرحلة ما لمنع منح أموال دافعي الضرائب للشركات التي تتخذ من الخارج مقراً لها.

سباق الشركات

ويعد بات غيلسنجر، الرئيس التنفيذي ل «أنتل» القوة الرئيسية وراء الاستثمار الحكومي في المصانع الجديدة للشركة، حيث من المتوقع أن يساهم التمويل العام في خفض تكاليف «أنتل» التي تحاول اللحاق بالركب، وذلك بعد تخلفها عن شركة «تي أس أم سي» التايوانية، و«سامسونج» الكورية الجنوبية في مجال الرقائق.

ويعد مصنع «أنتل» الجديد في ماغدبورغ، الذي سيبدأ الإنتاج في عام 2027، جزءاً من حزمة استثمار بقيمة 80 مليار يورو في أوروبا من قبل الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها.

وتستحوذ شركة «تي أس أم سي» على أكثر من 50% من سوق الرقائق، ومن بين عملائها «أبل» التي تعتمد على الشركة التايوانية في صنع قطع هاتفها «آيفون».

وسيكون للشركة موقع جديد في الولايات المتحدة يعمل في ولاية أريزونا في غضون عامين، وتدرس الآن إنشاء مصنع محتمل في ألمانيا بعد أن أعربت شركات صناعة السيارات الأوروبية مراراً وتكراراً عن مخاوفها بشأن التأثير الناجم عن نقص الرقائق.

وبينما تتجه الأنظار الأمريكية إلى الصين، يخطط الاتحاد الأوروبي لإضافة قيود على الشركات التي تبيع الرقائق للدول الخارجية، من أجل ضمان امتلاك الاتحاد المكونات الأساسية للتصنيف في أوقات الطوارئ. وتتبع هذه الأفكار دروساً من الجائحة، عندما كان لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وصول أسرع إلى اللقاحات.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، تييري بريتون، إن قانون الإنتاج الدفاعي الأمريكي كان مصدر إلهام لمقترحات «أمن الإمداد»، وقال إن الخطط ليست حمائية، ولا تسعى إلى جعل أوروبا مستقلة تماماً، لكنه يمنح الاتحاد الأوروبي نفوذاً للمنافسة. وتهدف أوروبا إلى الاستحواذ على 20% من سوق الموصلات في العالم بحلول عام 2030.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"