العراق عشية استحقاقين

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بعد أكثر من خمسة أشهر على إجرائها، لا تزال أزمة النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية في العراق، تهيمن على الساحة السياسية، على الرغم من تدخل القضاء وحسم الكثير من القضايا الخلافية، وباستثناء حسم قضية رئاسة البرلمان، فإن الاستحقاقات الدستورية الأخرى لا تزال رهينة سيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.

 مسارات هذه الأزمة طالت أكثر مما ينبغي، وأصبحت تثقل كاهل العراق والعراقيين في لحظة شديدة الحساسية لبلد لا تزال تتهدده أخطار الإرهاب، وفي خضم تطورات إقليمية ودولية متسارعة هو أحوج ما يكون فيها للثبات والاستقرار. 

 صحيح أن حكومة الكاظمي لا تزال تعمل، لكنها تحولت إلى حكومة تصريف أعمال وسط بحر من الخلافات الداخلية تحول دون اتخاذ قرارات مهمة وتجعل منها حكومة إدارة للأزمة ومراعاة التوازنات القائمة. وبالتالي فإن تلبية استحقاقي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، أصبحت ضرورة موضوعية لتثبيت دعائم الاستقرار ومحاولة النهوض بالبلاد والقيام بالإصلاحات المطلوبة والتصدي للأزمات المتعددة الوجوه ومحاربة الفساد وحل المشاكل الحياتية للعراقيين. 

لكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر، فالخلافات العميقة والانقسام بين المكونات العراقية، وداخل المكون الواحد، لا تزال تعطل إمكانية انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة جديدة، وبالتالي فقد دخلت القوى السياسية في سباق محموم لبلورة تحالفات واستقطابات جديدة للفوز بهذين الاستحقاقين، خصوصاً بعدما قررت المحكمة الاتحادية تثبيت موافقة أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، الذي بدوره سيسمي رئيس الوزراء الذي ترشحه «الكتلة الأكبر» وفق أحكام الدستور.

 وبينما يصّر المكون الكردي على تكريس الانقسام وتقديم مرشحين لمنصب الرئاسة، الذي بات عرفاً من نصيبه، مكرراً سيناريو عام 2018، وجرى بالفعل ترشيح ريبر أحمد عن الحزب الوطني الكردستاني في مواجهة الرئيس الحالي برهم صالح عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، فإن المكون «الشيعي» المنقسم بدوره لا يزال غير قادر على التوافق حول مرشح لمنصب رئاسة الوزراء، ولا تزال الخلافات تعصف بين التيار الصدري وقوى «الإطار التنسيقي». 

وسرعان ما تبددت لحظة وفاقية بادر اليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بترشيح ابن عمه وسفير العراق في لندن جعفر الصدر، وهو نجل مؤسس حزب «الدعوة» ما يصعب على «الإطار التنسيقي» رفضه. لكن الخلاف عاد مجدداً، وذهب كل طرف يسعى لتحشيد أكبر كتلة في البرلمان، وأعلن «الإطار التنسيقي» أنه تمكن من تشكيل كتلة برلمانية من نحو 130 نائباً، ما يعني حصوله على «الثلث المعطل» وقطع الطريق على إنجاز الاستحقاقات المتبقية، فيما أعلن التحالف الثلاثي (التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الوطني الكردستاني) بالمقابل، عن تشكيل كتلة تضم أكثر من 200 نائب برلماني ما يعني قدرتها على إنجاز كل الاستحقاقات المطلوبة.

 بين هذا وذاك، يقف العراق بالفعل على مفترق طرق، عشية جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية يوم السبت المقبل، فهل يتمكن العراق من وضع حد لهذه الأزمة، أم أن البلاد ستذهب إلى سيناريوهات أخرى مفتوحة ومتعددة، قد يكون من بينها الذهاب إلى انتخابات تشريعية جديدة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"