عادي
41 جائزة عالمية و134 ترشيحاً منها 6 للأوسكار

«كينج ريتشارد».. درس ناجح في التربية

21:58 مساء
قراءة 4 دقائق

مارلين سلوم
ماذا تتوقع أن يكون مستوى فيلم حصد حتى الآن 41 جائزة عالمية و134 ترشيحاً من ضمنها 6 ترشيحات ل«الأوسكار»الذي سيكون الحدث الأبرز خلال أيام قليلة؟ وهل سينتصر هذا الفيلم لبطله ويل سميث ويحمل له «أوسكار» أفضل ممثل، خصوصاً أنه قد وصل إلى هذه المرحلة للمرة الثالثة، حيث حلم باللقب والجائزة واستحقها في عامي 2002 بفيلم «علي» و2007 «البحث عن السعادة» ولم ينلها حتى الآن؟ «كينج ريتشارد» فيلم إذا فاز لن تسأل: كيف؟ ولماذا؟ وويل سميث بطل مميز وبينه وبين أفلام السير الذاتية حكاية نجاح.

«كينج رتشارد» هو أكثر من بطولة بالنسبة للنجم ويل سميث، فهو شريك في الإنتاج وفوز العمل بأي جائزة «أوسكار» هذه الدورة يعتبره سميث نجاحاً له، لكن يبقى لفوزه بلقب «أفضل ممثل» وقع آخر ،خصوصاً أن سميث من النجوم المجتهدين المثابرين الذين لا يخشون تقمص أدوار شخصيات حقيقية في قصص مستوحاة من حياتهم الشخصية، كما لا يخشى التنويع في أدواره، والتلون وفق ما يقتضيه الدور.

وفي «كينج ريتشارد» تلاحظ هذا التغير منذ اللقطة الأولى، بنبرة صوت البطل وطريقة كلامه ومشيته ونظرته. يبدل سميث شكله الخارجي وحركاته وتصرفاته ونظراته، لتتناسق مع الشخصية فتراه إنساناً آخر، تتعرف إليه لأول مرة. ريتشارد رجل ذو بشرة سمراء يعيش وزوجته الممرضة وبناته في كومبتون في كاليفورنيا. اللافت أن الكاتب زاك بايلن ركز على شخصية الأب ريتشارد ويليامز لا على ابنتيه بطلتي التنس الشهيرتين سيرينا وفينس ويليامز، وحصر الفيلم منذ البداية وحتى النهاية بعالم كرة المضرب التنس، وإصرار الأب على تنفيذ خطته وجعل ابنتيه بطلتين عالميتين.

بطلتان

يخبرنا ريتشارد بأنه من لويزيانا، وفي طفولته لم يكن التنس من اهتمامات الأهل، لكن بالنسبة له، فحين يهتم لأمر أي شيء يحرص أن يتعلمه، وهذا ما فعله مع ابنتيه سيرينا وفينس، ونجده ينتقل من مدرب تنس إلى آخر، يختارهم من بين الأسماء المشهورة في عالم الرياضة، لأنه قرر أن يجعل من ابنتيه بطلتين، ويتعامل معهما منذ ما قبل ولادتهما على هذا الأساس، وفق ما يخبر كل مدرب يلتقيه. كتب ريتشارد خطة من 78 صفحة، عن مهنة ابنتيه منذ أن عرف في عام 1977 بأن اللاعبة الشهيرة فرجينيا ريزيك تحصل على 40 ألف دولار لقاء أربعة أيام عمل، فقرر إنجاب فتاتين إضافيتين، فهو أب لثلاث بنات، لكن يبدو أن خطته تتطلب تنشئة فتاتين منذ الطفولة المبكرة على أن تكونا رياضيتين ولاعبتي تنس بارعتين، لذلك أراد الإنجاب مجدداً.

الأب عنيد وكله ثقة بأن قراره وما يفعله صائب، ويصر على السير قدماً في تنفيذ خطته وتحقيق هدفه بجعل ابنتيه بطلتين ثريتين، كل نظام البيت يمشي وفق ما يستلزم لتربية بطلتي تنس رغم الظروف المادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها الأسرة. ريتشارد هو المدرب الأول لابنتيه، وكانت تساعده في تدريبهما زوجته أوراسين التي يناديها «براندي» (أونجانيو إليس) إلى أن أصبحتا بمستوى أعلى وتحتاجان فعلاً إلى مدرب قوي كي تنتقلا إلى مستوى الاحتراف، كما يقول ريتشارد «أفعل كل تحتاج إليه الفتاتان للانتقال من الأبجدية إلى الاحتراف». أونجانيو إليس مرشحة هي أيضاً ل«الأوسكار» عن فئة ممثل مساعد، وهي تستحق الجائزة عن جدارة.

ما هي خطة هذا الرجل الغريب؟ أن تتعلم فينوس وسيرينا أصول التنس ولغات أجنبية والتدرب مع محترف ممن يتولون تدريب من يشاركون في البطولات العالمية، لذلك يبحث ريتشارد عنهم في الصحف والمجلات الرياضية ويقصدهم الواحد تلو الآخر ليعرض على كل منهم كتيباً صغيراً طبعه للتعريف بابنتيه ومهاراتهما. يقابل طلبه بالرفض، لكنه لا يعرف اليأس، بل يزداد إصراراً وتمسكاً بالحلم، إلى أن يصل إلى بول كوهين (توني جولدوين) ويفرض عليه بأسلوب مهذب مشاهدة الفتاتين تلعبان أمامه ولو لمرة واحدة، وبالفعل يحصل الرجل على فرصته ويوافق كوهين على تدريبهما بعد أن ذهل بمستواهما.

دور المخرج

المخرج رينالدو ماركوس جرين لعب دوراً مهماً في إنجاح هذا العمل، خصوصاً بتركيزه على البطل ريتشارد وملامحه ورعشته، وبتصوير عائلة ويليامز وكأنها أسعد عائلة في العالم، رغم الظروف الصعبة التي تواجهها، ولعل من أهم المشاهد في العمل تلك التي يتعرض فيها ريتشارد للضرب من قبل شاب تحرش بابنته الكبرى توندي، وبدل أن يعتذر قام بضرب الأب أمام بناته، وفي المرة الثانية برّحه ضرباً وكاد أن يقتله. هذه المشاهد متقنة جداً كونها ترينا الرجل متألماً دون أن ينكسر أو ينهزم، يقول إنه تعود على الضرب منذ طفولته، ولم يقف والده بجانبه أو يدافع عنه أبداً.

المؤلف كتب فيلماً نصفه رياضي ونصفه الآخر اجتماعي إنساني، يبرز فيه العنصرية ليس فقط بين البيض والسود في أمريكا، بل التمييز بين الطبقات، حيث يتعرض الأب للضرب المبرح والسخرية منه كونه زنجياً كما يسميه الشاب المتحرش ورفاقه علماً بأنهم جميعاً مثل ريتشارد أصحاب بشرة سمراء، لكنهم أبناء أثرياء. وأراد المؤلف بايلين الفيلم عن سيرة ريتشارد، وإرادته الصلبة التي جعلته يتحامل على ذاته وكبريائه، وعن قناعته التامة بأن الأيام لا تمر دون أن يكون لها هدف ومعنى، ويؤكد لبناته أن يكتبن كل مساء قبل النوم خطة الغد، فهو يرفع شعار «إذا فشلت في التخطيط فأنت تخطط للفشل». فينوس (سانية سيدني) وشقيقتها الأصغر منها وهي أفضل صديقاتها سيرينا (ديمي سينجلتون).

متعة

«الملك ريتشارد» فيلم ممتع للمشاهدة الأسرية، يتعلم منه الشباب الجد في العمل والإصرار على النجاح وتحقيق الأحلام والأمنيات، وكذلك الثقة بالنفس للتمكن من الوصول إلى الهدف المطلوب. تمر الساعتان وال24 دقيقة ونحن ننتقل مع عائلة ويليامز من مرحلة إلى أخرى ونشهد تبدل أحوالها. كان بالإمكان اختصار الفيلم قليلاً لكنه غير مزعج أو ممل، الفتاتان سانية سيدني وديمي سينجلتون جيدتان في تجسيد دوري الشقيقتين الصديقتين. بغض النظر عما إذا كان المؤلف قد أظهر الحقيقة كاملة أم أخفى نقاطاً سلبية حول هذه الأسرة وسيرة الأب الذي صنع من ابنتيه بطلتين عالميتين وانتقل بأسرته إلى الشهرة والثراء، إلا أن الفيلم جيد من كافة النواحي حتى الموسيقى، والمؤثرات الصوتية، والتصوير الخارجي والداخلي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"