بصمة الدوام

01:07 صباحا
قراءة دقيقتين

وصلنا القرن الحادي والعشرين، وتجاوزنا القمر وصولاً إلى المريخ، ووثبنا من قمة إلى أخرى وسط تحديات باتت جزءاً من روتين عملنا اليومي، دون أن نمنح كلمة «مستحيل» حيزاً في قاموس إنجازاتنا المتجددة بإذن الله.
أعمال كانت تستنزف الكثير من الوقت والجهد في الماضي، أصبحنا ننجزها من أي مكان نتواجد فيه خلال ثوانٍ معدودات. وأتت جائحة «كورونا» لتعكس صورة واقعنا الجديد؛ حيث صرنا نجتمع ونؤدي أعمالنا من داخل منازلنا، دون أن نسمع أخباراً حول تأخر أي معاملة أو إنجاز أو هدف.
وبرغم كل ما سبق، إلى جانب التطورات التي طالت كل مفاصل حياتنا، إلا أن هناك جزءاً ظل كما هو، وهو آلية الانصراف والحضور في كثير من الجهات التي لا تزال كما هي منذ لحظة ابتداعها حتى اليوم! فلا أعلم كيف توقفت ساعة التطور عند هذا الجزء، وبقينا نشهد الإنذارات التي تصل إلى الموظفين من مثل: تأخرت دقيقة عن الحضور، أو خرجت قبل انتهاء الدوام بدقائق وهكذا.
ومن خلال قراءاتي واطلاعي المستمر، عثرت على الكثير من التجارب المهمة، وقمت شخصياً بإجراء تجربة ضمن أحد مشاريعي الخاصة قبل سنوات مضت؛ حيث كنت أشدد على ضرورة الالتزام بساعات الدوام، وتجربتي كانت بجعل ساعات العمل مفتوحة بين الثامنة صباحاً والعاشرة مساء، بحيث ينبغي أن يعمل كل موظف لمدة 8 ساعات في اليوم، مع إمكانية قدومه في أي وقت يختاره، شرط أن ينهي ساعات عمله المقررة ما بين الثامنة صباحاً والعاشرة مساء.
وبالفعل بعد مرور شهر على بدء التجربة، لاحظت أن إنتاجية الموظفين زادت، وصاروا أكثر سعادة، وغدا إقبالهم على العمل أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً. والآن، بعد تطور الأجهزة الإلكترونية وأنظمة التواصل أصبح كل شيء يتم عن بعد، مما جعل إنجاز الأعمال أسهل من ذي قبل.
لهذا، لا بد أن نطور آلية عمل جديدة، لنجعل العالم يقتبس من تجربتنا، فننجز أعمالنا بصرف النظر عن المكان والزمان، مع دراسة النتائج المتأتية من وراء ذلك، وتحديد السلبيات والإيجابيات لتعديل مسارنا على طول الطريق.
إن النتيجة المتوقعة في حال أصبحت ساعات العمل مرنة، ما بين حضور وعمل عن بعد، تتمثل في ترشيد مصاريف المؤسسات، وانخفاض الازدحامات المرورية والحوادث، وزيادة الإنتاجية، فضلاً عن الكثير من النتائج الإيجابية الأخرى.
المتابعة مطلوبة، ولكن المبالغة هي قمة الضرر؛ لذلك حان الوقت لتواصل ساعة التطور دورانها، فنودع أجهزة الحضور والانصراف، ونلغي نظام البصمة في معظم قطاعات الأعمال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"