عادي
خوارزميات وقدرات تُمكن الحاسوب من التفكير

التعلم الآلي.. التحدي المقبل في ميادين التربية

00:09 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

التعلم الآلي يعد نمطاً تعليمياً جديداً، ذاع صيته في ميادين العلم مؤخراً، لاسيما مع التطورات المتسارعة التي تشهدها ميادين العلم خلال الجائحة؛ إذ يعد أحد فروع الذكاء الاصطناعي، التي تستند في عملها إلى البيانات والخوارزميات، لتقليد الطريقة التي يتعلم بها الإنسان، وتحسينها بشكل تدريجي.

ويرى خبراء التعليم والذكاء الاصطناعي، أن التعلم الآلي يشكل التحدي الحقيقي القادم للمعلمين؛ إذ إن لديه قدرات معرفية تنافس مهارات المعلم، وتُمكن الحواسيب من التفكير وحل المشكلات، ويعد من أهم الوظائف التخصصية المطلوبة في المستقبل القريب، على الرغم من أنه يعاني تحديات تعرقل تمكينه في مجتمعات التعليم، أبرزها دقة البيانات التي يستند إليها بشكل أساسي.

أكد عدد من المعلمين، أن هذا النمط يستحق التأهب والاستعداد الجاد، واستحداث طرائق جديدة لمواكبة مساراته، معتبرين أن التدريب المستمرة على برامج الذكاء الاصطناعي عن كثب، بات ضرورة حتمية في الميدان؛ إذ يشكل احتياجات أساسية للمستقبل، التي تمكن معلمي اليوم من الاستمرارية، في ظل استحواذ الذكاء الاصطناعي.

«الخليج» تبحث من خلال سطور هذا التحقيق عن إجابات لعدد من الأسئلة، تتضمن مدى قدرة التعلم الآلي على الاستحواذ في مجتمع التعليم؟ وهل معلمو اليوم جاهزون لمواكبة هذا النمط؟ وإلى أي مدى وصلت كفاءتهم، وأثارها في مستقبل المعلمين؟ وكيفية الاستعداد للتعايش معه؟

نموذج مطور

البداية كانت مع طالبات المرحلة الثانوية، سيفا ناندا، وماريا إدواردا ليما ولاريسا موريارا، وجنى عيسى؛ إذ أكدن شغفهن بتطوير المعرفة الذاتية والرفاهية من خلال التعليم، لاسيما أن مصادر التعلم أصبحت متاحة ومتوفرة بأشكال متعددة، لتطلق العنان للتميز والإبداع والابتكار.

وأوضحن أن التعلم الآلي يعد نموذجاً مطوراً للتعلم الذاتي، مدعوماً بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويعد خطوة مهمة في مسيرة تعليم جميع فئات الطلبة في مختلف مراحل التعليم، مشيرات إلى أهمية أن يمتلك الطالب مهارات متنوعة سواء تعليمية أو تعاونية أو مهارات التواصل والاستكشاف لإيجاد الحلول وتطوير معارفه، وكيفية اكتسابها.

الصورة
1

حالة تأهب

وفي وقفة لعدد من المعلمين، ريبال غسان العطا، وإبراهيم القباني، فاطمة السيد، راغب علي، براء محمد، الذين أكدوا أن هناك مخاوف كثيرة وحالة من التأهب والاستعداد، للتطورات الجديدة في أنماط التعليم، مع الاستحواذ الكبير للتكنولوجيا على مختلف المجالات ومن بينها التعليم، معتبرين أن قدرة الآلة على أداء بعض مهام المعلم تعد تحدياً كبيراً، يفرض على المعلمين الالتزام بالتطوير المستدام، لمواكبة سرعة ودقة هذه التقنيات في العملية التعليمية، موضحين أن التعلم الآلي ليس ظاهرة وقتية؛ بل سيأتي يوماً وسيكون منافساً قوياً وحقيقياً للمعلمين في الميدان.

وأكدوا أن المطلوب من المعلمين الآن يكمن في التركيز على التطوير استناداً إلى الذكاء الاصطناعي وبرامجه واتجاهاته، لمواكبة المستجدات العالمية في طرائق التدريس واستراتيجياته، لاسيما أن أكبر تحديات المعلم الراهنة تكمن في كيفية المحافظة على تطوير مهاراته؛ إذ إن التكنولوجيا باتت منافساً قوياً في العملية التعليمية بعد نجاح الخوارزميات في تمكين الحواسيب من أداء العديد من مهام المعلم.

توجه عالمي

في التعرف إلى رأيها، أكدت المستشارة والخبير التربوي علياء الشامسي، أن التوجه العالمي في التعليم، يأخذنا إلى تجهيز الحواسيب ودعمها بالبيانات اللازمة لتعليم الطلبة، لتخفيف الضغوط على نفقات التعليم، التي تصل إلى 1.3 تريليون دولار على التعليم المدرسي سنوياً، ومن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى حوالي 3 تريليونات بحلول عام 2030، فضلاً عن الجودة ودقة في الأداء التي ترافق الأنماط التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وأكدت أهمية إيجاد نظام تدريس ذاتي، ووجود حملات تعليمية على المستوى العالمي، لتوحيد الرؤى والبرامج التدريبية، التي تعني تأهيل المعلم وإعداده للمستقبل، وفق المتغيرات والتطورات المتسارعة التي يشهد التعليم.

مهارات مهمة

وحول المهارات التي يتطلبها الطالب لمواكبة الأنماط التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي، أفادت بأن هذه النوعية تمكن المتعلمين من مهارات متنوعة أساسية تواكب الاحتياجات حتى عام 2025، أبرزها حل المشكلات المعقدة، التي ستصبح التفكير التحليلي والابتكار، والتفكير الإبداعي إلى التعلم المستمر واستراتيجيات التعلم، والإبداع إلى حل المشكلات المعقدة، وإدارة الأشخاص إلى التفكير النقدي والتحليل، والتنسيق مع الآخرين إلى الإبداع والأصالة والمبادرة، والذكاء العاطفي إلى القيادة والتأثير الاجتماعي.

وقالت إن المهارات تضم التركيز على اتخاذ القرارات التي تتطور إلى استخدام التكنولوجيا والمراقبة والتحكم، والخدمات إلى تصميم التكنولوجيا والبرمجة، والتفاوض إلى المنعة وتحمل الضغوط والمرونة، والمرونة الإدراكية إلى الاستدلال وحل المشكلات واستنباط الأفكار.

عمليات برمجية

وفي رؤيته أكد الخبير التربوي محمد نظيف، أن التعلم الآلي يرتكز على عدة أهداف، أبرزها جعل الحواسيب قادرة على التعلم والتطور بشكل تلقائي بالتجربة، من دون الحاجة إلى عمليات برمجية، وهنا يمنح التعلم الآلي لبرامج الكمبيوتر القدرة على الوصول إلى البيانات واستخدامها مباشرة، من دون أي تدخل بشري، موضحا أن هذا النمط يضم ثلاثة مسارات تشتمل على الخوارزمية الحسابية التي تستخدم في اتخاذ القرارات، والمتغيرات والميزات التي تتكون منها عملية اتخاذ القرار، والقاعدة المعرفية التي تُعّرف الإجابة من أجلها، مشيراً إلى أهمية الاستمرار في تطوير مهارات المعلمين وتأهيلهم للتعامل بشكل محترف مع الذكاء الاصطناعي وبرامجه.

وفي حديثه عن أهمية التعلم الآلي، قال إن البيانات تعد المكون الأساسي الذي يرتكز عليه هذا النمط للقيام بأي مهمة، موضحاً أن الآونة الأخيرة شهدت العديد من التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي القائم على مبدأ التعلم الآلي، أبرزها الروبوت صوفيا، مؤكداً أن تطوير الروبوتات لغرض التعليم، يمكنها فعلياً أن تدرس مختلف المراحل العمرية، لاسيما أنها مؤهلة لتكون جزءاً من البنية التحتية التعليمية، وقادرة على توفير الوقت والتركيز على الجوانب الأساسية وتقديم تجربة تعليمية شاملة ومثمرة.

تحديات التعلم الآلي

وقفت «الخليج» مع الخبير الدكتور وافي الحاج على تحديات التعلم الآلي؛ إذ أكد أنها تكمن في تدني جودة البيانات، وسوء تجهيز البيانات، والإفراط في عمليات تجهيز بيانات التدريب، معتبراً أن التعليم الآلي عملية معقدة للغاية، إضافة إلى البطء في عمليات التنفيذ التي أصبحت شائعة عند تطبيق هذا النمط، ويعد نمو البيانات وتطورها أكبر التحديات التي يواجهها متخصصو التعلم الآلي؛ إذ تجعل قواعد البيانات المنظمة اليوم عديمة الفائدة وغير دقيقة في المستقبل القريب، مما يتطلب ترتيب وصيانة ومراقبة مستمرة للمحافظة على عمل الخوارزمية بشكل صحيح.

وقال: ينبغي التركيز على المهارات المستقبلية للمعلم والمتعلم لمواكبة مستجدات التعلم القائم على الذكاء الاصطناعي، موضحاً أم المهارات ليست رقمية أو تكنولوجية فحسب؛ بل هناك مهارات الإبداع، والذكاء العاطفي، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات بالاعتماد على البيانات، ومهارات التصميم والتفكير النقدي. فالمهارات الشخصية والمتقاطعة والمتعددة تكتسب أهمية متزايدة؛ إذ يحتاج إليها عناصر العملية التعليمية بشكل دائم.

تأثير التكنولوجيا

ديمة نجم المدير العام لمؤسسة التعليم من أجل التوظيف في الإمارات، شرحت ل«الخليج» تأثير التكنولوجيا في مستقبل الوظائف؛ إذ أكدت أهمية اكتساب المهارات الناعمة للجيل الراهن، والنظر في أنظمة التعليم ما قبل الجامعي، لاسيما أن الثورة الصناعية الرابعة تأتي متسارعة أكثر من المتوقع، مقارنة بالثورات التي سبقتها، فضلاً عن جائحة «كوفيد- 19» التي أدت إلى تسارع التحول الرقمي والتعليم والعمل عن بعد، فليس هناك متسع من الوقت كما كان في الثورات الصناعية المنقضية، للاستعداد والتأهب للتغيرات.

وأكدت أهمية امتلاك الشباب المهارات الناعمة الأساسية للحياة وسوق العمل، لاسيما أن مشكلة الجامعات تكمن في مخرجاتها التي تمتلك معرفة أكاديمية، وليست لديها المهارات الناعمة للحصول على فرص عمل، والسبب يعود لعدم التأهيل الكافي للاندماج بسوق العمل وهذا ما تحاول الأنماط التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي معالجته.

تجربة الخوارزميات

لا توجد خوارزمية واحدة تعمل بشكل جيد في التعلم الآلي لمعالجة كل مشكلة، ولا توجد أيضاً خوارزمية أفضل من أخرى، الأمر الذي يفرض تجربة العديد من الخوارزميات المتنوعة خلال مجموعة اختبارات للبيانات من أجل تقييم الأداء، واختيار الجيد منها.

يتصدر الوظائف

في نظرة استشرافية لعدد من الخبراء، أكدوا أن وظائف المستقبل الجديدة، التي جاءت من رحم التطورات الأخيرة المتسارعة، تشمل المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وتطوير البرامج والتطبيقات وتحليلها، والبيانات الضخمة، وتحليلات أمن المعلومات، وسلسلة الكتل والتحول الرقمي.

أنواع التعلم الآلي

أفاد الخبير التربوي محمد نظيف، أن نشأة التعلم الآلي يضم ثلاثة أنواع (المراقب، غير المراقب، المعزز)؛ إذ يعتمد جزئياً على نماذج للتفاعل، وتم تطويره على مراحل بدءاً من العالم دونالد هب في عام 1949م وصولاً للعالم صموئيل الذي ابتكر واستخدم عبارة التعلم الآلي لأول مرة عام 1952.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"