عادي

أرصدة الإمارات في التنافسية العالمية.. هل من مزيد؟

03:03 صباحا
قراءة 7 دقائق
كورونا

إعداد: محمود محسن

مجرد تصور ما يمكن أن تحققه دولة الإمارات العربية المتحدة من إنجازات في الأعوام، بل في الأيام المقبلة، بات أمراً يصعب على سقف التخيلات البشري المحدود توقعه، فهنا حكومة تضرب يوماً بعد يوم موعداً للإعلان عن تصدّر مؤشر عالمي جديد، لا ندري في أي مجالٍ سيكون القادم، ولكننا على يقين بأن المراكز العشرة الأولى لن تخلو من الحضور المميز لدولة الإمارات.

هذا الأمر يبعد عن كونه استناداً إلى علوم الفلك والأبراج، بل هو وقائع أعمال وخطط نشهدها تعلن من شيوخها عبر حساباتهم الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، تترجم على الفور لمشاريع وإنجازات تنعكس على أداء الدولة، لتصبح فيما بعد نموذجاً عربياً وإقليمياً وعالمياً يحتذى، وقبلة لتطلعات شبابٍ طموح مقبل على مستقبلٍ بكل ما يحمله، لنعود مجدداً عاجزين عن التنبؤ بمستقبل خدمات ومؤشرات الإمارات.

قوة الدفع

ترى أي قوة تلك التي تدفع أبناء الإمارات لقطع أشواط وأميال في طريق الإنجازات؟ ثم ماذا بعد ذلك؟ وإلى متى، وهل من مزيد؟ تساؤلات عدة، وفضول عميق يدفعنا للبحث وراء كل ما تحقق خلال 50 عاماً مضت من عمر اتحاد لا يضاهي عمر منافسيه ممن تخطوا مئات السنين من العلوم والمعرفة، لنتأكد فيما بعد أن ذلك ليس إلا غرس زايد الذي صار ثقافة تبنتها دولة الإمارات في مشوار الريادة، إيماناً منها بقدراتها على تحقيق المزيد من الإنجازات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات، وبسواعد أبنائها، لتعتاد العالمية في مؤشراتها وفي منجزاتها اللامحدودة.

وتزخر سجلات دولة الإمارات في مؤشرات التنافسية العالمية بأرقام وإحصاءات، تقوم «الخليج» برصد أبرز ما تحقق منها خلال الفترة الماضية في مجالات مختارة.

خمسة أعوام متتالية

الحديث عن رصيد دولة الإمارات في مؤشرات التنافسية العالمية لم يكن محض صدفة أو تجربة لم تتكرر، بل كانت صدارة مستحقة نجحت في تأكيدها بتصدر بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 5 أعوام على التوالي، كما هو مثبت في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2021، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في مدينة لوزان السويسرية، إذ احتلت الإمارات المركز التاسع عالمياً، محافظة على مكانتها ضمن الدول ال10 الأكثر تنافسية في العالم، ويعتمد تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية في منهجيته على الاستبيانات المجمعة بنسبة الثلث، وعلى الإحصاءات والبيانات التي توفرها الدول بنسبة الثلثين، ويرتكز التقرير في تصنيفه للدول التي يشملها على 4 محاور تشمل: (الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وكفاءة الأعمال، والبنية التحتية)، ويندرج تحتها 20 محوراً فرعياً تغطي 335 مؤشراً تنافسياً في مختلف المجالات.

التعامل مع «كورونا»

جائحة «كورونا» وما ألقته بظلالها على الحكومات والشعوب من تداعيات أثقلت كاهلها، كانت فرصة حقيقة لدولة الإمارات تحدياً أثبتت من خلاله جدارتها في مواجهة الأزمات التي توالت على مدار أكثر من عامين، لتتصدر دول العالم في التعامل مع الجائحة بنهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 وفقاً لمؤشر المرونة في التعامل مع «كوفيد 19»، الصادر عن وكالة «بلومبيرج» العالمية، واعتمدت تصنيفات «بلومبيرج» على مقاييس ومنهجيات رئيسية للدول، تشمل نظام الرعاية الصحية المحلي، وتأثير القيود المتعلقة بالفيروس، وحرية تنقل الأشخاص، ومعدل الإصابات، والقدرة على القيام بالاختبارات المطلوبة والإجراءات الاحترازية، وبينت أن النجاح اعتمد على نهج الإمارات لعدة أشهر، وشمل التوزيع الكبير للقاحات «كورونا»، والانفتاح على سوق السفر، إضافة إلى التفشي الأقل انتشاراً لمتحور «أوميكرون» مقارنة بالدول الأخرى، واستبعاد العودة إلى حالة الإغلاق الكامل.

القوة الناعمة

إيماناً من دولة الإمارات بالدور المحوري الذي تلعبه القوة الناعمة في علاقاتها الدولية وتحركها لتعزيز مكانتها عالمياً، رصد تقرير «المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2021» تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نحو المركز 17 عالمياً في مجال القوة الناعمة، بعد أن كانت في المركز 18 العام السابق، حيث تقدمت الإمارات 5% عن العام الماضي بفعل عوامل عدة، أبرزها مشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على حسابه الرسمي على «تويتر»: «وفق تقرير مؤشر القوة الناعمة الذي تم إطلاقه في القمة العالمية للقوة الناعمة 2021.. ووفق استطلاع للرأي شمل 77 ألف شخص في 105 دول حول العالم جاءت دولة الإمارات في المرتبة 17 عالمياً في مؤشر القوة الناعمة، والأولى إقليميًا في التأثير.. وضمن أفضل 15 دولة في العالم في الاستجابة لجائحة كوفيد-19»، وأضاف سموه «جاءت الإمارات وفق المؤشر العالمي للقوة الناعمة في المرتبة التاسعة عالمياً في اهتمام العالم إعلامياً بشؤونها متقدمة 8 مراتب عن العام السابق.. وصنفها الجمهور الدولي ضمن العشرة الأوائل في استقرار الاقتصاد والأمن والأمان وتأثيرها الدبلوماسي العالمي».

المساعدات الإنمائية

انشغال وانهماك حكومة الإمارات بالريادة في المؤشرات العالمية وتحقيق الإنجازات لم يثنها يوماً عن دورها الإنساني تجاه الدول المنكوبة والنامية، فتعاليم زايد الخير تركت أثراً واضحاً في أبنائه لتمتد الأيادي البيضاء إلى خارج حدودها دعماً وسنداً للدول النامية والمنكوبة، فخلال الفترة من 2010 وحتى 2021 بلغت قيمة المساعدات الخارجية المقدمة من الإمارات نحو 206 مليارات و34 مليون درهم، بما يعادل 56.14 مليار دولار أمريكي، إلى جانب توفير الدعم التنموي والإنساني والخيري في عددٍ من الدول النامية، من بينها 50 من البلدان الأقل نمواً، وجاء في تقرير صادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي أن الدولة حافظت على مدار تلك الأعوام على ارتفاع نسبة مساعداتها الإنمائية قياساً إلى دخلها القومي الإجمالي، لتتصدر قائمة المانحين الدوليين للمساعدات الإنمائية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي لأربع مرات.

الشعور بالأمان

لعل أهم عوامل استقرار الأوطان توفر مجموعة من الأولويات يتصدّرها عنصر الأمان، بالتوازي مع الغذاء، فبعد تحقيق الأمن والأمان يمكن إنجاز العناصر الأخرى، الأمر الذي أدركته الإمارات وعملت على تأمينه بأعلى الدرجات، ووفق المواصفات العالمية لتحتل صدارة مؤشر «القانون والنظام العام 2021» الصادر عن مؤسسة «جالوب» البحثية الدولية، والذي يستند إلى استطلاعات شاملة لمواطنين من جميع أنحاء العالم، حيث تبوأت صدارة الترتيب العالمي في مؤشر الأمن الشخصي، الأمر الذي يتطلع إليه المواطنون والمقيمون، وحتى الزوار، وإلى جانب ذلك احتلت المركز الثاني على مستوى العالم في الترتيب العام للمؤشر، والذي يقيس وفقاً لمعايير الشعور العام بالأمن والسلامة الشخصية، وكفاءة الأجهزة والإجراءات الأمنية واستجابتها للحالات المختلفة، إضافة لمعايير أخرى تشمل ثقة الناس بأجهزة الشرطة والأمن.

الرقمنة

حلم التحول الرقمي صار حقيقة بفضل رؤى وتطلعات القيادة الرشيدة وانتهاجها استراتيجيات مكّنتها من رؤية مستقبلها، وتحقيق إنجاز عالمي كبير بدخولها نادي العشرة الكبار، حيث جاءت في المرتبة العاشرة عالمياً في الترتيب العام كأفضل دول العالم في «تقرير التنافسية الرقمية العالمية 2021»، والصادر عن «مركز التنافسية العالمي» التابع ل«المعهد الدولي للتنمية الإدارية» في مدينة لوزان السويسرية، متصدرة بذلك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرتبة الأولى إقليمياً، وجاءت الإمارات في تقرير هذا العام متصدرة الدول العربية في المركز الأول في كل المحاور الرئيسية، حيث حققت المركز الخامس عالمياً في محور «التكنولوجيا»، والمركز 12 في محور «الجاهزية للمستقبل» وقفزت 13 مرتبة في محور «المعرفة» لتحتل المرتبة 18 عالمياً.

التعليم الجيد

التعليم أحد ركائز الأمم المتقدمة، والعنصر المكون للدول المتحضرة، فتطوير آلياته لمواكبة ركب التقدم كان ضمن أولويات حكومة الإمارات، لتتمكن في هذا الصدد من تحقيق المركز الأول عالمياً، في 3 مؤشرات مرتبطة بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وهو «التعليم الجيد» خلال 2021، ووفقاً لتقارير كبريات المرجعيات والمؤسسات الدولية المتخصصة في مجال التنافسية واصلت الدولة صدارتها لتلك المؤشرات التي حققتها أيضاً في عام 2020، ووفقاً للرصد الذي أجراه المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، فقد عززت الإمارات في عام 2021 من جهودها على الصعيد المحلي، إضافة إلى مبادراتها الرائدة لتعزيز جهود العديد من الدول في تحقيق هذا الهدف، واحتلت المركز الأول في كل من مؤشر الالتحاق بالتعليم الابتدائي، ومؤشر معدل الإلمام بالقراءة والكتابة ضمن تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما احتلت المرتبة الأولى في انتقال الطلبة الدوليين ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية.

التحول في الطاقة

التحول في الطاقة بإيجاد البديل لتحقيق الاستدامة غاية وضعت نصب أعين أصحاب القرار في الإمارات، لتتمكن خلال عام 2021 من إحراز مراكز متقدمة لنفسها ضمن العشرة الأوائل في العديد من مؤشرات تقرير تعزيز التحول الفعال في مجال الطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وكانت الإمارات التي حلّت ثانية إقليمياً، وفي المركز ال 64 عالمياً في مؤشر تحول الطاقة 2021، شهدت أداءً إيجابياً جداً ومستقراً على مدى السنوات العشر الماضية في العديد من مؤشرات التقرير، الأمر الذي يدلّ على استعدادها لتفعيل انتقال الطاقة، وقد حلّت الإمارات ضمن ترتيب العشرة الأوائل عالمياً في 12 من مؤشرات التقرير، منها: معدل إيصال الإمدادات الكهربائية، واستخدام الوقود الصلب، وجودة التزويد بالكهرباء، وحصة الكهرباء من توليد الفحم، وتنويع الاستيرادات المتممة، وتقييمات الارتفاع، وسعر بيع الغاز بالجملة، وصافي واردات الطاقة.

ريادة الأعمال

النوعية والتمييز الذي تتمتع به دولة الإمارات في تصدر المؤشرات العالمية لم يمر على قادتها مرور الكرام، فتحقيق الصدارة في مؤشري كالأمن والرقمنة يترتب عليهما تحقيق العديد من المؤشرات، لذا كان لابد من استغلاله في بلوغ الصدارة في مؤشرات أخرى وقد كان، إذ نجحت دولة الإمارات في اعتلاء الصدارة في المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2022، بحسب التقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال

Global Entrepreneurship Monitor /GEM/، متقدمة من المرتبة الرابعة عالمياً في تقرير العام الماضي، ومتفوقة بذلك على جميع الاقتصادات العالمية المشاركة في التقرير، حيث حصلت على أعلى معدل للترتيب العام للمؤشر بواقع 6.8 درجة، وحلت في المرتبة الأولى عالمياً في استبيانات رواد الأعمال بالدولة التي نفذها المرصد العالمي لريادة الأعمال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"