عادي

الإمارات.. إنجازات مستدامة في مواجهة تحديات المناخ

02:19 صباحا
قراءة 5 دقائق
ممارسات نموذجية في زراعة النباتات
الحفاظ على البيئة البحرية تعزيزاً للبيئة المستدامة
  • استضافة «كوب 28» تسهم في مد جسور التعاون
  • دور رئيسي للمحيطات في امتصاص غاز الكربون
  • على القطاع الخاص تغيير سلوكه للحد من الانبعاث
إعداد: يمامة بدوان

أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة، مبكراً مدى خطورة العواقب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المترتبة على التغيرات المناخية، ما جعلها تتخذ استراتيجيات ومشاريع متنوعة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، لمواجهة التحديات، عبر مسيرة نموذجية، وإنجازات مستدامة، ما أسهم في تعزيز مكانتها ونموذجها العالمي في العمل المناخي، عبر العديد من المبادرات والمشاريع والسياسات.

وفي إطار حماية البيئة والمجتمع والاقتصاد، بذلت الإمارات جهوداً كبيرة للتخفيف من آثار التغير المناخي، وحددت أهدافها الأساسية في «إدارة انبعاثات الغازات الدفيئة مع الحفاظ على النمو الاقتصادي، والتأقلم مع التغيرات المناخية وزيادة القدرة على التكيف، وتعزيز التنويع الاقتصادي في الدولة من خلال تبني حلول مبتكرة بمشاركة القطاع الخاص، كذلك الخطة الوطنية للتغير المناخي 2050-2017، التي تستند إلى رؤية الإمارات 2021، والاستراتيجية الوطنية للتنمية الخضراء والأجندة الوطنية الخضراء 2015 - 2030، الأمر الذي أهّلها لتحقيق تقدم كبير في مجال حصر وإدارة انبعاثات غازات الدفيئة باعتباره أول أهداف الخطة».
رؤية استشرافية
حول دور الدولة في مواجهة تحدي التغير المناخي، قال قيس السويدي، مدير إدارة تغير المناخ في وزارة التغير المناخي والبيئة: إن الإمارات عملت لثلاثة عقود متواصلة بتفانٍ وجد على مواجهة هذا التحدي، حتى باتت بفضل الرؤية الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، نموذجاً عالمياً رائداً في جهود خفض مسببات هذا التغير وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته، ما أسهم في التأييد العالمي لملف استضافتها لمؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 28»، ما يسهم في مد جسور التعاون، وتعزيز الحراك الدولي لمواجهة تحدي التغير المناخي.

وأضاف أن الدولة كان لها السبق على المستوى الإقليمي في جهود العمل المناخي، فكانت الأولى في الانضمام لاتفاق باريس للمناخ 2015، وعبر الالتزام بأهدافه الرئيسية رفعت طموحها للعمل المناخي في تقريرها الأول للمساهمات المحددة وطنياً والذي تحدد به أهم توجهاتها وخططها ومشاريعها وبرامجها المستقبلية، التي تسهم في خفض مسببات تغير المناخ وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته، وأضافت مزيداً من الطموح عبر تقريرها الثاني، الذي قدمته للأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ في ديسمبر الماضي، لتضع أهدافاً أعلى في خفض الانبعاثات، ونشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة وتحقيق الاستدامة.

وأوضح أن جزءاً كبيراً من التحدي المناخي يتمحور حول الغذاء والزراعة، خاصة أن أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تأتي من النظم الغذائية، كما أن نمو عدد سكان العالم يعتمد بشكل متزايد على إنتاج الأغذية المعرضة للتأثر بالمناخ، ما أسهم في إطلاق الدولة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ - AIM4C – لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030.
الحيتان والمحيطات

تشكل ظاهرة الحيتان والمحيطات دوراً مهماً في التأثير على المناخ العالمي؛ حيث أوضح الدكتور كريم صغير، مدير جامعة عجمان، أن أهداف التنمية المستدامة الخاصة بالأمم المتحدة، تمثل الأجندة العالمية الساعية إلى تحقيق تعاون دولي للوصول إلى توازن اقتصادي وبيئي مستدام؛ حيث إن «الحياة تحت الماء» عنوان الهدف الرابع عشر من هذه الأجندة والذي يحرص على المحافظة على المحيطات والبحار والموارد المائية واستخدامها بطريقة سليمة لضمان استمراريتها في ظل ما تتعرض النظم الإيكولوجية البحرية بشكل دائم للعديد من المخاطر، بما في ذلك الصيد الجائر وخاصة الحيتان، وتبييض الشعاب المرجانية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتقليص حجم الرصيف البحري من خلال التنمية العمرانية الساحلية والتلوث البيئي عبر رمي المخلفات على الشواطئ ومخاطر التلوث البلاستيكي والنفطي على التنوع البيولوجي في المحيطات.

وأضاف أن المحيطات تغطي نحو 70% من مساحة الكرة الأرضية، ولها دور رئيسي في امتصاص كميات كبيرة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن البشر، المسبب الرئيسي للتغير المناخي، كما تحتوي الشعاب المرجانية على أعلى تنوع بيولوجي في العالم، وتدعم نحو 500 مليون شخص معظمهم في البلدان الفقيرة، وتوفر مصدراً للغذاء البشري من الثروة السمكية، فيما تلعب الحيتان دوراً رئيسياً في مكافحة تغير المناخ، من خلال دورها في النظام البيئي البحري وإمداد العوالق النباتية بالغذاء؛ حيث تساعد على توفير ما يصل إلى 50% من الأكسجين.

ترشيد الاستهلاك الحياد المناخي

فيما يتعلق بآلية الحد من استهلاك البشر للموارد الطبيعية من أجل حماية البيئة، قالت مايا حداد، مسؤولة مكتب الصحة والسلامة البيئية في جامعة عجمان: «يمكننا ترشيد استخدام الإنسان للموارد الطبيعية، من خلال اعتماد سياسات تضمن الاستدامة البيئية، كالتقليل من استعمال الورق والمواد المصنوعة من البلاستيك، وتشجيع التدوير وإعادة الاستعمال ومشاركة الموارد عبر تطبيق أسس الاقتصاد الدائري، وعدم استخدام الأسمدة الكيماوية واستبدالها بالأسمدة الطبيعية، والحرص على إعادة تدوير النفايات العضوية ومخلفات الطعام وتحويلها إلى سماد عضوي بهدف المحافظة على صحة التربة، ومنع الصيد الجائر والتجاري للحفاظ على صحة المحيطات والبحار وتعزيز دورها الفعال في مواجهة تحديات الأمن الغذائي، كذلك الاهتمام بالتوعية البيئية لكافة شرائح المجتمع خاصة فئة الشباب، ومبادرات زرع الأشجار والأراضي الرطبة والنباتات المقاومة للجفاف، وإنشاء المحميات للمحافظة على التنوع البيولوجي، وتقديم التسهيلات لاستزراع مصادر الغذاء كتربية الأسماك في مزارع داخلية واستخدام تقنيات الأكوابونيك لزراعة الخضار والنباتات، وجعل الطاقة البديلة والمتجددة في متناول الجميع.

الحياد المناخي

تتويجاً لجهود الإمارات الهادفة إلى الإسهام بإيجابية في قضية التغير المناخي، والعمل على تحويل التحديات في هذا القطاع إلى فرص، تضمن للأجيال المقبلة مستقبلاً أفضل، فقد أعلنت مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 والتي تهدف إلى مزج مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم، حتى 2050، ورفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، إضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، وغيرها.

شراكة أساسية

بالنسبة للعمل على الحد من استهلاك الموارد الطبيعية كالوقود الأحفوري، أوضح الدكتور أسامة سويدان، رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الإمارات، أنه يعتمد على تظافر جهود القطاعين العام والخاص؛ حيث يستطيع القطاع العام تبني سياسات وإجراءات محددة ومبادرات، تعتبر جميعها إشارات توجيهية، تعبر عن نية الحكومة في الحفاظ على موارد الطاقة وحماية البيئة وتلافي التغير المناخي.

وأضاف أن القطاع الخاص مسؤول عن تغيير سلوكه الاستهلاكي للحد من انبعاث الغازات الدفيئة، كتفعيل ثقافة إعادة التدوير، واستخدام المواصلات الجماعية والعامة، وتقليل استخدام المواد البلاستيكية، والحفاظ على مصادر المياه وعدم استنزافها، وضبط أو تقنين استخدام الطاقة الكهربائية لغايات الإنارة والتكييف داخل المنازل.

خريطة طريق لجودة الهواء

في إطار جودة الهواء في الدولة، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في سبتمبر الماضي، مشروع خريطة الطريق، يتضمن إنشاء نظام لمراقبة معدلات انبعاثات غازات الدفيئة وملوثات الهواء والتحقق منها والإبلاغ عنها. ويعزز المشروع، جهود الدولة لخفض معدلات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، والعمل على مستوى اتحادي ضمن إطار ومظلة عامة تعتمد على مؤشرات وتقارير تحليلية واضحة للمراقبة والتحقق والإبلاغ؛ حيث سيوفر النظام معلومات قيمة، تستطيع الدولة من خلالها الوفاء بالتزاماتها الدولية للإبلاغ ضمن إطار الشفافية المعزز بموجب اتفاق باريس. وفي عام 2021، شهدت جودة الهواء تحسناً طفيفاً، لتصل نسبة الأيام الخضراء إلى 89%، مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2020 والتي بلغت 87%، كما أن نسبة الالتزام بالمعيار المحدد لانبعاثات ثاني أكسيد النتروجين خلال النصف الأول من 2021 بلغت 98%، مقارنة مع نفس الفترة من 2020 والتي بلغت 90%.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"